رسالة الى الجيل القادم..
انظر يا ولدي، يُحكى أن في قديم الزمان كان هناك كوكب يدعى الأرض، في إحدى جوانبه عاشت مخلوقات تسمى البشر، ولها تسمية أخرى وهي "الإنسان"
لكنه خان العهد وخان أحدهم الآخر، وفتك القوي بالضعيف، وهدمت الدور والقصور وحتى المساجد، ودكّت قلاع كل من يعارض، واحتلت الأوطان احتلالا مباشرا وغير مباشر
تردّت المعيشة حتى بات أبسط مقومات الحياة حلم لطفل أو لأم..
أنا أضحك؟ أجل!
أتدري لماذا أضحك يا ولدي؟
لأننا نستحق ذلك، نستحق أن تدفن أجسادنا بعيدا عن أرواحنا؛ فقد رضخنا للأمر الواقع. هاجر من هاجر إلى أوطان بعيدة، ومن بقي عليه أن يكافح للقمة عيشه.
هذا الجانب من الكرة الأرضية استبيحت أملاكه وسبيت بناته، ليس بالمعنى الحرفي لكنهن رحن يركضن خلف مغريات العصر كدور الأزياء والموضة وقعدن ساعات وساعات على شاشات الهواتف، ونسين ما خلقهن الله لأجله؛ ألا وهو تنشئة أجيال صالحة، تربية ذرية طيبة، وتركن المهمة للشوارع؛ فنشأ جيل لا يفقه بأصول الدين ولا أصول التربية السليمة، بل بأصول العربدة والجريمة!
أتضحك أيها الرجل؟!
لا تضحك فأنت أيضا نسيت دورك في أن تكون العمود الأساسي لبيتك، نسيت بأنك الجناح الآمن الذي تختبئ تحته الأنثى، نسيت أنك الدعامة الأساسية في منزلك، وسمحت لها بالقيام بدورك فكانت الأم والأب والعامل والطاهي وتعددت أدوارها وأثقل كاهلها، وتبدلت الأدوار يا ولدي وأصبح الرجال يتأنثون والسيدات تتمرجل!
ظهرت الكاسيات العاريات والمميلات المائلات والأمراض، والأسقام تسبح في الأجواء وتفتك الأرواح، كله من صنع أيدي البشر يا ولدي. ومازال الله بهم رحيما إلى يوم ميقات معلوم.
أيها الجيل القادم.. يا من ستأتي من بعدي تعلّم من أخطاء أجدادك وعد إلى ربك واترك زينة العصر ومفاتن الحياة؛ فأنت لم تخلق لهذا بل أنت السند والأمان، وأنت يا بنية كوني أنثى، أنثى فقط، لا دمية بيد الغير ولا شبيه رجل في بزة عمل، بل عودي رقيقة كما كنت، قوية كما أنت، أم عطوف، أخت رفيقة، ابنة مطيعة، وكفاك جموحا؛ ليعود ميزان الكرة الأرضية للاعتدال، فقد فشل جيلي بجعله متزن بل كان يتقلب يمينا وشمالا، فلا تتركوا جيلكم يفعل ذلك
يا ولدي.
******
نوارة الدمشقية