« ذات لقاء »
كثبان من الظلام غطتني، لم أستطع الفرار، غامت عيناي بالدموع، وضاق قلبي في المستنقع الراكد..
ذهبت بعيدا حيث الهواء النقي، أطربني صوته الرخيم وهو يعزف لحن الطبيعة، لون الفراشات المزركشة على أطراف شعري الذي يصهل كفرس جامحة، خرير الماء بنقاء جدوله ورائحته المحببة تنساب داخل عروق جسدي المنهك الهزيل، غرقت في النوم ساعات وأنا أشتم عبق الزهور، حلمت وحلمت، رأيته على فرس أبيض يلوح لي من بعيد، تكاد أنفاسه تنقطع من طول المشوار، في ظهره شيء يلمع وكلما اقترب ازداد بريقه، سألته: من أنت أيها الفارس الجميل؟!
لم يجب..
تركني أكابد وحدي، بيدين ترتجفان وعينين يغطيهما الألم، بت أعتاد نقره اللذيذ على شباكي الغليظ، ، ابتلعت صمتي، وحبست دموعي، تفقدت ماتبقى لي من أسنان، حتى أتمكن من قضم كسرة الخبز الناشفة التي تشاركناها معا، جسدي يئن من الألم، وجلدي تحول لألوان قوس قزح، لم أجد مساحة كافية، لألمسها بدون أن أتألم، جراحي مخلوطة بالقهر، وابتسامتي غطاها الدهر، الروائح النتنة تفوح من كل مكان، لم أجد فسحة أتنفس فيها الصعداء، كل ماهو حولي يجعلني كالبلهاء..
فتشت المكان، انعقد لساني، أخذ ظله يمتد خلفي كلما مشيت، ارتعبت قليلا، ولكنه استل ذلك الشيء اللامع الذي كان خلفه، وسلمني إياه..
اختفى فجأة..
_ تبخر كالدخان..
_ كل شيء كان هادئا، إلا ضربات قلبي..
مازالت تركض وراءه وتتعقبه..
بعد رحيله، نظرت في المرآة..
لست أنا التي أعرفها؛ أصبح وجهي موردا، وشعري يركض لاهثا ورائي..
فجأة؛ زلزل صوت السجانة الهادر جدار زنزانتي البارد صارخا:
_ انتهت الزيارة!
•••••••••••
أم أيمن/ فلسطين