وأمّا بعدُ
(إلى غزّة)
.........
وأمّا بعدُ إنْ يكُ بَعْدُ بَعْدُ
فقلبي أمّةٌ وهَواكِ فَردُ
وأَختصرُ المسافةَ بَينَ قلبي
ومَجلى لاحِظَيكِ فأستَبِدُّ
بكلِّ الشّعرِ أَجعلُهُ كَضَوءٍ
يَغيبُ وأنتِ قبلتُهُ فَيَبدو
وأَحتملُ الهَوى جُرحاً عميقاً
على شَفتَيهِ أشعارٌ وشَهدُ
وأُعلنُ أنّني بَحرُ انتماءٍ
فيُبحرُ فيَّ قَحطانٌ وأَزدُ
كذلكَ كنتُ حين قريشُ كانتْ
وكانَ لنا خِيامٌ كانَ مَجدُ
فيغضَبُ حينَ أَغضبُ هاشمِيٌّ
ويَنجِدُني إذا نَادَيتُ "مَعدُ"
وحِينَ تَصيحُ وانجداهُ شامٌ
تُلبّيها بِيَا لبّيكَ " نَجدُ "
فكيفَ اليومَ يضربُني عدوّي
وأنتَ أخي تَراهُ ولا تَصُدُّ؟!
وكيفَ تكونُ يا مَلِكاً طَلِيقاً
وتاجُكَ ساقِطٌ والقلبُ عَبدُ
وكيفَ يكونُ مُعتصماً إذا لمْ
يُجبْ هِنداً وقيدَ الأسرِ "هِندُ"
فيا عشرينَ عرشاً مِن حرامٍ
تُداسُ فلا تَصُدُّ ولا تَردُّ
نِيَامٌ حينَ يُدعى للمَعالي
قِيامٌ إنْ دعا كأسٌ ونَهدُ
وُجوهٌ لم يزُرْها المجدُ يوماً
وليسَ لِعُهرِها الرّسميِّ حَدُّ
فلا سَمعاً ولا طَوعاً لعرشٍ
إذا مَن كانَ فَوقَ العَرشِ وَغدُ
*********
فيا رُوحَ الغَمامِ وأَنتِ أدرى
بما عِندي وليسَ لديَّ وَردُ
وأعلمُ أنّني والصّبحُ مَثنى
فيجمعُنا على خَدَّيكِ وَعدُ
وخَيلُ اللهِ تَجري في دِمائي
وتَعدو مثلما ذِكراكِ تَعدو
ومهما امتدَّ بي تاريخُ حُبّي
فإنّكِ "غزّةٌ " قَبلي وبعدُ
**********
تَعالَيْ كالغَمامِ فلا رَبيعٌ
بغيرِ شُؤونِ غَيثِكِ يَستجِدُّ
شِتاءُ الخِزيِ يقتلُنا مِراراً
وتَنحرُنا مِن الطّاغوتِ زِندُ
فمهما شاءَ غِرٌّ أن تكوني
فكوني مثلمَا جُرحي يَوَدُّ
عواصِفَ حينَ لا تبقى دِماءٌ
تَثورُ لها، يَثورُ اللّازَوَردُ
وقولي للعروشِ الصُّمِّ: بَيني
وبَينَ مصارعِ العُشّاقِ عَهدُ
وأنّ كتائِبَ القسّامِ حَقٌّ
على أرضي قَضاءٌ لا يُرَدُّ
*******
نَنامُ على الجِراحِ نَجوعُ نَعرى
ولا يَغتالُ صبري مُستَبِدُّ
وما أَخذوهُ من لَحمي وعَظمي
بغيرِ دمي أنا لا يُستَرَدُّ
فما التّنديدُ يُرجِعُ لي تُراباً
ولكن يُرجعُ الأوطانَ أُسْدُ
إذا قاموا فـ"بسمِ اللهِ " صَفاً
و"بسم اللهِ " صَولتُها أشَدُّ
فما أحلى الخُيولَ إذا أُعِدَّتْ
وما أحلى الكِرامَ إذا أَعَدّوا
وألوِيَةٌ "صلاحُ الدّينِ " فيها
لها في مُستقرّ المَجدِ وِردُ
شَواهِينُ الفضاءُ لها بُيوتٌ
على أرياشِهَا بَرقٌ ورَعدُ
نُفوسٌ في بُيوتِ اللهِ صِيغَتْ
وما بَنَتِ المَساجِدُ لا يُهدُّ
******
رسَمْنا بالدّمِ الغالي دُرُوباً
يَفوحُ على الخُطى فُلٌّ ورَنْدُ
فللزّيتونِ في أرضي سَرايا
وللّيمونِ خارِطَةٌ ومَهدُ
فمَهمَا أوقَدُوا نارًا لحَربٍ
سيُطفِؤها مِن الرّحمنِ بَردُ
ومهما أزبَدوا نارًا وقَتلاً
ومهما أغلَقُوا رَفَحاً وسَدّوا
معابرَ لن يردّوا وَهْجَ أرضي
ولا عُمقي ففي الأعماقِ طَودُ
وإن هُمْ أحرَقوا شَيخاً كبيراً
ففي أحفادِهِ "عَمرٌو" و" سَعدُ "
يَموتُ المُستَحيلُ على خُطاهُم
وليسَ بغيرِهِم يَنفَكُّ قَيدُ
ألَيسَ غداً لناظرهِ قريبٌ؟
غداً سَيمرُّ نحوَ القُدسِ جُندُ
........
أنس الدغيم
2008 م