الخاطرة
الخاطرة هي جنس أدبي نثري يمتاز بكثرة المحسنات البديعية، من صور واستعارات وكنايات وتشبيه، وتشخيص بعمق انزياحي أو رمزي، , يكتبها الأديب معبرا بنصً أدبيً عن قضية أو مسألة محددة,أو ما يخطر بباله من أفكار، قد أعدها مسبقًا في زمن قصير دون استطراد أو إطالة أو مداخلة، والخاطرة جنس أدبي كغيرها من الأجناس و الفنون الأدبية، تشابه إلى حد كبير أساليب القصة القصيرة و الرسالة الأدبية أو القصيدة النثرية, إلا أنها تتميز عنهم بأنها غير محددة بموسيقى شعرية داخلية أو بتفعيلة موسيقية، وتخلو من التفصيلات الفنية الخاصة بالبناء الفني للقص، و الخاطرة، تعبير غير مقيد عما يجول بخاطر الكاتب بشكل شعوري خاص به، بقالب أدبي بليغ، يكثر فيها التصوير بالكلمات، لكونها انفعال وجداني، وتدفق عاطفي حر، غير مقيد بنهاية، ولهذا كان اسمها خاطرة، أي من الخاطر بلحظة ، فهي تكتب عند لحظة حدوث موضوعها أو بعده بقليل، ولا تحتاج لإعداد مسبق, ولا تحتاج لأدلة أو براهين، وقد تتعدد أشكالها ما بين قصر و طول كما يلي :
▪ خاطرة قـصــيرة
▪ خاطرة متوسطة
▪ خاطرة طــويلــة
تتميز عدة أنواع للخاطرة بحسب موقف وأحاسيس الكاتب:
الخاطرة المجردة:
تعنى نقل أحاسيس الكاتب فقط دون ذكر الموقف مثل الخاطرة الوجدانية.
ومكوناتها- الإبهام والغموض وعدم وضوح المعاني في كثير من مقاطعها. - تكثر فيها المحسنات البديعية.
الخاطرة المركبة
يصف الأديب فيها الموقف بوضوح و ترابط بين الجمل والمعاني . - تأخذ في بعض الأحيان بعضًا من أسلوب القصة القصيرة . - تقل فيها المحسنات البديعية، والصور البلاغية
التنوع في المفردات بين لغة الواقع، وعالم الأحاسيس والخيال
وكل أنواع الخاطرة تعتمد الأسلوب الأدبي العميق، و المكثف خياليًا بدرجة انزياح عالية، او رمزيًا بأعمدة رمزية مخبوءة بين سطورها .
شكل الخاطرة وموقعها في الأدب:
تتكون الخاطرة من : العنوان -- المقدمة – الموضوع الأساسي – الخاتمة - ولا تعني الخاتمة نهاية الخاطرة .... يشترط أن تكون المقدمة صغيرة الحجم، وأن لا تطغي على جوهر الموضوع الأساسي، و تكون نوعًا من التقديم الأدبي الموجز بصورة جمالية وليس سردية . يحدد الكاتب فيه الموضوع الأساسي، وما يريد أن يكتب، حزنًا أم فرحًا أم عشقًا ... إلخ , وعندما يحدد الموضوع لابد أن يرسم في ذهنه الصور الأدبية والجمالية بكلمات منتقاة باستخدام المحسنات البديعية، التي يتضمنها هذا الإطار، و تحديد الهدف الأساسي بوضوح وتسلسلً منطقيً أدبيً في عملية الكتابة، مع اختيار عبارات ذات جمالية بعمق سردي، ثم يختمها متى ما أراد، غير محدد بنهاية مشروطة .... إذًا هي جنس أدبي مختلف، يقع بين المقالة و القص القصير و القصيدة النثرية، كما تحدث عنها السيد قطب في كتابه (النقد الأدبي أصوله ومناهجه) قائلًا : "هناك نوعان من العمل الأدبي نطلق عليهما لفظ المقالة, وهما يتشابهان في الظاهر و يختلفان في الحقيقة, فأحدهما انفعالية وهي الخاطرة، والأخرى تقريرية وهي المقالة, وتختلف الخاطرة عن المقالة من حيث الحجم بأن الخاطرة مختصرة جدًا وعباراتها قليلة لكنها : تحتاج تركيز و «ذكاء وقوة ملاحظة, ويقظة الوجدان»
صفات الخاطرة الأدبية:
1- أنها ذهنية عارضة تحتاج إلى ذكاء وفطنة .
2- يغلب فيها الجانب الوجداني على الجانب الفكري بالإحساس الصادق والعواطف الجياشة .
3- ليس لها مجال أو موضوع محدد .
4- لا تحتاج إلى أدلة وبراهين عقلية أو نقلية .
5- تلائم العصر الذي نعيش فيه .
6- -سهولة التوجيه والفهم لمختلف النزعات والميول و الثقافات .
7- لا تلتزم الخاطرة بأسلوب معين : فقد يكون الكاتب جادًا وموضوعـيًا, وقد يكون ساخرًا متهكـمًا. وكثير من الناس يعتقد أن الخاطرة وثيقة تحمل بين طياتها الحزن والكآبة والألم وهذا غير صحيح, بل هي مساحة واسعة للخاطر والمشاعر الصادقة من فرح و حزن و حـب وشوق و فخر و عزة ...إلخ.
خصائص اللغة و الأسلوب في الخاطرة:
1- عنوان مشوق، ويفضل أن يكون مأخوذ من سياق الخاطرة, قوي التعبير, عميق المعنى و ومؤثر .
2-اكتمال باقي العناصر من فكرة البدء والعرض والخاتمة .
3- أن تكون الفكرة واضحة وتحقق التوازن في الجمل والألفاظ المترادفة, فمن شروط نجاح الخاطرة أن يكون الأسلوب واضحًا, و مصدره عقلي بالاستعانة بعناصر بلاغية موضحة للمعنى، مع استخدام الطباق والجناس والتورية والتشبيه والتشخيص لتوضيح الفكرة وازديادها عمقًا, وتحقق الوضوح أيضًا في التناسب والتلاؤم لمستوى إدراك القارئ، و يجب أن تكون التراكيب شفافة وسهلة بعيدة عن التعقيد والجفاف.
4- حسن اختيار الألفاظ المناسبة للمعنى والمراد .
5- القدرة على كسب الانسجام والإبداع مع الموضوع و القـرَّاء و الزمان .
6- التلاؤم ورشاقة الإيحاء والتصوير الجميل و إحياء المواقف, فعندما تحوي الخاطرة موقف معين يجب على الكاتب أن يجعل في ذهنه تحويل هذا الموقف عبر مرآة الحروف إلى مشهد يجعلنا نشاهده بأعيننا وذلك باستخدام الوصف الدقيق والموجز .
7- الحس الفني الرفيع و الصنعة المطبوعة وإسباغ الخيال والتصوير من تعابير مجازية و كنايات، تجعل للخاطرة رونق ونكهة محببة .
8- الاختصار البارع والبعد عن الإطالة والإسهاب .
أنواع الخاطرة:
تتنوع الخاطرة حسب نوع موضوعها في الإطارات التالية:
أ-الخاطرة الرومانسية عدل
وتعنى بما يمر به الإنسان في مواقف الحب لقاء – فراق - خيانة - عتاب - اشتياق ..إلخ .
ب- الخاطرة الإنسانية عدل
وتعنى بالقيم الإنسانية الجميلة الصداقة - الأخلاق الفاضلة - التضحية – الوطنية ..إلخ .
ج- الخاطرة الوجدانية عدل
تعنى بوصف الحالة الداخلية للكاتب أو نظرته لشئ ما، وقد تذهب في خيال الكاتب بعيدًا نحو فوضوية وغموض السريالية .
د- الخاطرة الإجتماعية عدل
هي وصف أو نقل لما يمر من مواقف في محيط الكاتب, تختص بمعاني الأسرة – المجتمع -الدولة...إلخ.
نصائح لكاتب الخاطرة:
1- اختيار العنوان الموفق للخاطرة، بحيث يعكس موضوعها .
2- تقسيم على شكل فقرات أو وقفات متسلسلة، مثال المقدمة – العرض أو الموضوع- الخاتمة .
3--وضوح الهدف: إذا كانت الخاطرة تحمل هدفًا معينًا، فيجب أن يتضح الهدف سواءً في المقدمة أو الخاتمة, وأن لا تشذ أحداث الخاطرة ومفرداتها عن خدمة الهدف المرجو منها .
4-لغة الخطاب :عندما تكون الخاطرة بلسان الكاتب عليه مراعاة ضمير المتكلم ، وعندما تكون تعبيرًا عن الغير يراعى استخدام ضمير الغائب وهكذا.
5-التنويع في مواضيع الخاطرة، مثل الصداقة، العلاقات الاجتماعية، المواضيع الإسلامية وغيرها.
6- الإيجاز فن يتقنه القليل من الناس، فتعلم الإيجاز، لأن الخاطرة هي فن أدبي موجز بالتكثيف .
فرق بين الخاطرة والشعر الحر، وتجنب النزوح للقصيدة النثرية
في خاطرتك, أو إلى باقي الأجناس الأدبية المشابهة.
8- الإسقاط الفني: إنزال مجموعة من الرموز داخل النص لتعطي الدلالة والجذب للقاريء
إشكالية التمييز بين (قصيدة النثر و الخاطرة)
لعدم وجود ذكر للخاطرة في مصادر اللغة ، اجتهد بعض الكتاب بوضع بعض التعريفات لها، يمكن البحث عنها واستلهام خصائصها، لذا تصنف ضمن النصوص النثرية لتشابهها مع المقالة الأدبية، تبعدها عن النص الشعري النثري لعدم احتوائها على موسيقى داخلية, وعن القص المكثف لعدم احتوائها على عناصر القص الفنية لخلوها من الحوار الدرامي والعقدة والنهاية، فهي تعبِّر عن فكرةٍ آنية حرة أو إحساسٍ معين يجول بخاطرِ كاتبها، فيصيغها معتمدا على بعض المحسنات البديعية في هذا النوع من الكتابة، فمن الكتَّاب من يقوم بكتابة نصِّهِ النثري أو الخاطرة، تمامًا كما يكتب قصيدة التفعيلة وبذلك يكون قد كتب قصيدة لا خاطرة..
#من_عدة_مصادر_بتصرف