زمرة الأدب الملكية

ما أكثر الأقلام إن فتشت محصيها،، فيها العلم وجلها غثاء من حطب،، وريشة الفهم إن جئت تطلبها،، فدواتها نحن عرين زمرة الأدب..

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

قراءة _ بقلم: أ. عدنان الجابر / في نص " طي بنفسجة " للكاتبة / عبير عزاوي


 



قراءة الأستاذ الرائع عدنان الجابر في نصي ( طي بنفسجة)



*******



لست أدري كيف للمرء أن يصدر حكماً فنياً على نص ملك عليه قلبه ، إذ إنه نص بالنسبة لي كقارئ-يذوب شاعرية أنثويةً ، وتغلفه في الوقت ذاته ديباجة لغوية مسبوكة سبكاً، الأمر الذي يوحي بأن وراء هذا النص شاعرة مرهفة من جهة ..تتدفق كلماتها في رقةٍ وسلاسةً ، بعد أن أمسكت بأزمّتها بمناديل الحرير وراحت تسوقها كيف تشاء لتخدم فكرتها وما تستهدفه من هذا النص من جهة ثانية ..! 

هذا وقد 

ابتدرت الشاعرة قصيدتها هذه بمقدمة نثرية موظفةً فيها أقصى مالديها من لغة شاعرية ومؤثرة وهي ما جرت العادة أن يطلق عليها اللغةً الشعرية المدهشة ، وهو - في الوقت نفسه- ما يجعلنا ندعوها حالة من حالات شعر اللغة بدلاً من لغة الشعر ويتبدّى ذلك في قولها

(باب قلبي مشرعٌ)-ثم (على رفة هدبك تصلي لوعتي)..ثم لتبلغ الشاعرية ذروتها مع هذا التساؤل الذي تمازجه لوعة الانتظار ويجانسه عتاب شفيف لذيذ..

(هل تعرف معنى أن أموت طي بنفسجة ولهى؟)..الخ وهذا كله قبل أن نلج في بنية القصيدة المموسقة ..


أعود لأقول ثانيةً إنها الأحاسيس الأنثوية الملونة بألوان اللهفة والتوق التي جسدت عاطفةً مشتعلة بالحنين لا يطفئ احتراقاتها إلَّاهُ، كما أبانت عن موقفها الصادق الأصيل الذي لايعرف سرّه إلا مَن فهمَ ماهية حنين القديسين..!

وعندما نبدأ بقراءة النص الموقّع بإيقاع بحر المتدارك تغدو الكلمات مع موسيقاها تشكل انهماراً يشبهه زخّ سحابة جادت بِوَدَقٍ راح يقرع نوافذنا لتنتشي أرواحنا ، وهذا الانطباع إنما منشؤه مثل هذا الشعر الذي تشرئب له الأعناق وتصيخ الأسماع لأنه  ينطوي على ما يعتمل في نفس الشاعرة من لوعة الانتظار في بوحٍ أماط اللثام عن معاناتها  ..لوعة ضربت على وتين قلب المتلقي  تفاعلاً وانفعالاً..

وبالنظر إلى بنية هذا النص الجميل يبدو لنا للوهلة الأولى كيف استطاعت الشاعرة أن تجمع في قصيدتها رافدي الرومانسية والحداثة في مجرى عميق واحد 

حيث يظهر تأثرها ببعض الشعراء المعاصرين كبدر شاكر السياب ونازك الملائكة وإلى درجة ما بنزار قباني الذين جمعوا بين خصائص تلك المدرستين ..لكن أغلفة الرمز الغامض التي غلفت بها صورها ، ثم انكشاف هذه الصور بعدئذ تجعل للنص خصوصية ما ...فهو يحلق برمزيته بعيداً تارةً ، ويعود  إلى سربه مكشوفاً تارةً أخرى ..كما في قولها مرمزةً: (فالشعر نشوة حب ثمل.). ليعقبه التوضيح (لكن الرعشة تبعثر جسداً أضناه التوق لضوع المحبوب ) ..إذن هو الحنين ، وليس غيره..! وهكذا ..

أخيراً لا بد من الإشارة إلى هذا الانسجام (الهارموني) بين عناصر قصيدتها جميعاً في وحدة موضوعية لا غبار عليها : يتجلى ذلك في عذوبة لغتها الإيحائية وقوتها، وصورها الفنية الملونة بألوان عاطفتها ، وموسيقاها السريعة التي تحكي وجيب قلبٍ أتعبه النأي وعذبه الفراق، فجاءت مناسبة لكل ذلك..

وفي الختام ها أنا أعترف بأنني بعد اعتيادي على عبير عزاوي الكاتبة القصصية قد أدهشني إبداعها في الصنيع الفني الشعري الأمر الذي يؤكد مستواها الرفيع من الثقافة الأدبية -الفكرية التي ترتكز إليها ، والتي قادتها إلى الإبداع في فنون النثر والشعر على السواء...



**************


طي بنفسجة


باب قلبي مشرع إلى الجنوب 

وقلبك قِبلة أيامي .. 

أطوف سبعا حول اسمك الممهور باللهفة ..

وعلى رفة هدبك تصلي لوعتي

 هل تعرف معنى ان أموت طي بنفسجة ولهى .. ؟!

حين ورثت العشق جنوبا عن جنوب 

 ولم يغرقني بحر الحنين 

حين فاض من جانب طور القلب إلى سيناء عينيك.

هل تدري أني  نسيت الصبح

 بين صفصافتين حين لفّ الفرات ضفته على شفتيك ونام.

 فلا أحد سواك اكتشف سرّ الرقص معي على أنغام الروح اذ توقظها خمرة عشق .


***********


هل تدري أن  الشعر نشوة حب 

ثمل منسي منذ سنين الخصب 

ذاكرة من نرجس عينيك

رعشة وله تسمو بالروح

تبعثر جسدا اضناه التوق لضوع المحبوب .

هل تدري ان العشق جنوب؟!

 هل هامت أشواقك سكرى في ميدان ظنوني 

هل لثم الزهر عناوين السحر الغافي على أجفان عيوني 

 هل تدري أنك  تسبيني ؟ 

تحتل الوهج الخالد في ورد أفانيني . 

وأنك تعنيني 

كما تعني النحلة للورد ..وكما يعني الطير لفجر أزلي التكوين


********

مابال حنينك يرشح حباً 

ويناجي في الظلمة ليلاه ؟!

أتركت الخال على الخد.يبوح بنجواه ؟!

هل تدعو ذلك نسياناً ؟!

إن كان كذلك ...فانساه 

ويل من لوعة قلب محترق بالعشق 

ومن قلب رسم الحزن جنوباً .... ويلاه.

























عن الكاتب

زمرة الأدب الملكية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

المتابعون

Translate

جميع الحقوق محفوظة

زمرة الأدب الملكية