مراجعاتي ل٢٠٢٠
العطر"قصة قاتل"
باتريك زوسكيند
242 صفحة
نبذة عن الكاتب:
باتريك زوسكيند:
كاتب روائي ألماني. من أشهر أعماله رواية العطر Das Parfum, التي حولت إلى فيلم سينمائي شهير. تعد رواية العطر Das Parfum هي أشهر أعمال باتريك زوسكيند, وقد ترجمت إلى حوالي 46 لغة من ضمنها العربية التي ترجمها نبيل الحفار ونشرتها دار المدى, وبيع منها ما يقرب من 15 مليون نسخة حول العالم.
وحولت في عام 2006 إلى فيلم سينمائي أخرجه المخرج الألماني توم تايكوير.
عن الرواية:
عندما تقرأ العنوان، تبدأ الأسئلة تتراقص في عقلك تباعا.
ماعلاقة العطر بالجريمة؟ وهل يقتل الإنسان من أجل عطر؟!
هل الأمر بهذه السطحية ؟
لتصفعك الرواية باسكاتها لصخب الحياة، وبزوغها من عالم مختلف. من وراء الروائح. لتجعلنا نعيد النظر في رؤيتنا لهذا العالم، بأن نغمض أعيننا ونفتح أنوفنا، لتلوح لنا فرنسا في الأفق بعبقها الطاغي في الازقة والشوارع، وبعفونتها وروائحها الكريهة تتسلل إلى داخلك.
من هنا يمكننا القول بأن الرواية ذات فكرة غير مسبوقة في عالم الكتابة، تجعل العالم يلتفت لسر الرائحة، فلكل شيء رائحة(العشب ؛التراب؛ البحر ؛ الخشب...) وتأخذنا معها في جولة إلى عالم المادة، نفككها إلى ذرات وشذرات نستنشق كل جزء على حدا. فقد أجاد زوسكيند الوصف لدرجة تجعلك تظن نفسك محاطا بها.
كما تقدم لنا الرواية وصفا للمجتمع الفرنسي في القرن الثامن عشر، والذي كان يغرق في مستنقع عفن لا يهتم بالنظافة الشخصية، مما جعله يبحث عن بديل يغطي على روائحهم، فلجأ إلى العطور بالدرجة الأولى.
فمالسر الذي تخفيه هذه الرائحة، هل الوجود؛ أم الكمال؛ أم السلطة ؟
فكرة أن يكون الإنسان بلا رائحة، هل يجعل منه منبوذا ؟
"مثله مثل قرادة متكورة على ذاتها فوق شجرتها، صماء، بكماء، عمياء. تكور جسدها على ذاتها ".
عدم امتلاكه لرائحة جعله في نظر الناس قزما دميما، لدرجة أن هذه الدمامة لم تعطه لا وزن ولا قيمة، فتجرده منها جعله مجردا من الإنسانية، لاتنطوي روحه لا على الخير ولا الشر.
كانت تنبع من روحه الخاوية، رائحة الفقد والحرمان، واليتم والنبذ، والحقد والضعف. مما جعله يرغب في تملك ما يجعل منه قويا مقدسا أو بالأحرى كاملا.
الرواية من النظرة السيكولوجية:
في علم النفس لكل جريمة دافع وراء ارتكابها، وهذا يجعلنا نبحث عن الدافع الذي جعل غرنوي يرتكب تلك الجرائم البشعة دون أن يؤنبه ضميره.
فإذا نظرنا نجد أنه طفل قذف به بين القذارة، وقد عانى النبذ من أول لحظة له في الوجود. رمته أمه مع أحشاء وفضلات السمك، واستمر النبذ لصيقا به، فترميه المرضعة لمرضعة أخرى...ويرفضه الأطفال وبعدها كل المحيطين من حوله.
إلى أن يكتشف سبب هذا الرفض وهو كونه بدون رائحة، ليبحث عن نقصه في كل شيء من حوله، ويتعرف على العالم من خلال أنفه، فكانت الرائحة بالنسبة له تعني الوجود تعني الكمال، فبها هو موجود ومن دونها فهو عدم.
ومنه أصبح همه تحقيق الكمال حتى لو كان السبيل إلى بلوغه؛ القتل.
التقييم:
الرواية أقل مايقال عنها أنها رائعة.
أولا : من خلال الفكرة غير المسبوقة، وتميزها بالمعلومات الغزيرة عن العطور ومستخلصاتها، ومن خلال وصفها الدقيق الذي تستطيع معه شمها.
كما أن السرد ممتع، أما الخاتمة فكانت أسطورية، كأنها مشهد سينمائي لأكلي اللحوم.
لوحة عنوانها طفل مكروه يتحول إلى قاتل ثم إلى قديس يتلاشى على يد البشر من فرط تعلقهم به.
نادي_قراء_الزمرة.