زمرة الأدب الملكية

ما أكثر الأقلام إن فتشت محصيها،، فيها العلم وجلها غثاء من حطب،، وريشة الفهم إن جئت تطلبها،، فدواتها نحن عرين زمرة الأدب..

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

قراءة _ بقلم: الأستاذ/ عزيز عثمان في قصة « التماثيل » للأستاذ: مهاب حسين




 


قراءة الأستاذ؛ عزيز عثمان 


لقصة هذا الأسبوع من فقرة؛ نقد وتحليل القصة القصيرة


« التماثيل » للأستاذ:  مهاب حسين



نقد وتحليل نص «التماثيل»


** نص ممتع بامتياز، يمكن أن يُصنف كفصل مسرحي من نوعية السينوغرافيا، لكنه أبعد ما يكون عن القصة القصيرة.

** الفكرة جديدة وإبداعية... بل أنها فلسفية إلى حدٍ كبير؛ حيث يطرح الكاتب قضية الصراع الزماني لحضارة المكان الواحد باستخدام التماثيل التي تُعبر عن أزمنة سابقة، وذلك بالتفاعل التخيّلي بينهم وبين شخصية النص (القصة)


** تظهر حرفية الكاتب _ربما غير المقصودة_ في توضيح (اللوكيشن) الذي يُحدد المكان والزمان أيضا باستخدام كلمات بسيطة لكنها تضع القارئ في بؤرة الصورة تماما؛ مثل:

«الأسفلت. عساكر المرور. الأسطح الخرسانية وأعمدة النور»


 ** البداية هي ظهور الاختلاف (الصراع) بين البطل «مُمثلاً للجيل الحالي» ووالديه « الجيل السابق» حين نعتوه بالعقوق لأنه متمرد، وينتقل الكاتب رويدا رويدا إلى التماثيل دون ذكر وتحديد أسماء هذه التماثيل، ربما سعد زغلول. ابراهيم باشا. مصطفى كامل. طلعت حرب. لا يهم... فهُم مجرد رموز للحركة الوطنية في أزمنة سابقة.


** يُحسب للكاتب أنه لم يصب جام غضبه واتهاماته على (السابقون) وفقط... بل أشار إلى غضب الجيل الأسبق أيضا من الجيل الحالي حين قال على لسان أحد التماثيل:

«بدلتم الكتب بالتحف والأنتيكات.. أنتم التماثيل»

وهكذا استطاع الكاتب أن يوضح الاتهامات المتبادلة بين الجيل الحالي والأجيال السابقة.


** اتخذ الكاتب من التماثيل رموزاً بعدم ذكر وتحديد أسماء أصحابها، لكنه وقع في الخطأ حينما حاد عن هذا الخط الذي سار عليه منذ البداية؛ فقد قام بتحديد اسم «رمسيس» بالرغم من إمكانية استبداله بتمثال «الملك الفرعوني»


** المشهد الأخير يبدو أنه في غيبوبة اللا وجود؛ وكأن الجيل الحالي يشعر أنه متهما ويقف في محاكمة من الأجيال السابقة، يُلقون عليه الاتهامات وهو يبرر أفعاله بأنه مُرغم ومعذور، ثم يطالبونهُ بالرضوخ والهبوط، لكنه يرفض، يطالبونهُ بالانحناء والانصياع، لكنه يرفض ويعلن عليهم الثورة قائلاً: 

«فلتسقط كل التماثيل»


** يُحسب للكاتب سرعة طرح الأفكار وكثافتها بأقل عدد من الكلمات، ويُعابُ عليه استخدام بعض الكلمات الضعيفة التي تقترب إلى العامية منها إلى الفصحى.


{ في نهاية النقد أود أن أشكر الكاتب؛ لقد استمتعت بحق.}


•••••••••••••••••••


القصة المقترحة لهذا الأسبوع بعنوان؛ « التماثيل »


للأستاذ القاص؛ « مهاب حسين »


وهي القصة الفائزة بالمركز السادس 


في مسابقة القصة القصيرة في دورتها الثانية الأولى لعام 2020.


                                   


{ التماثيل }

......

قلت :

- أكفر بالراحل والقادم وبالشوارع والميادين، وأكره كل التصاوير والبراويز.. 

- ‏وبصقت صوب قرص الشمس المتدحرج من أقاصي الجنوب.

- ‏ردد أبي : ولد عاق

- ‏قالت أمي : قد جن

- ‏2

عرجت ناحية سور الأزبكية لا ألوي على شيء، وجه الأسفلت أينما رحت، عساكر المرور يقيدون حركتي، أنا الماضي نحو ما أريد وما لا أريد، مطحون بين الأسطح الخرسانية وأعمدة النور . زعقت :


- ما أحقر الراحلين.

- ‏- إخرس يامأفون.

- ‏- هه؟ ..وتلفت حواليه.

فرأيته واقفا منتصبا طربوشه يلمع. يرنو في استعلاء، قلت : 


- أهكذا وصل بك الحال .. يحوطك الباعة والحواة بالأغاني القميئة .. يدك في جيبك، أمعك نقود ؟.

- ‏برم شاربه في ضيق :

- ما أجحد الأحفاد.

- ‏قلت :

- ‏- ياجدي صار البلد ماخورا.. ماذا صنعتم ؟.

أخذ يردد في عنفوان، هابطا من فوق قاعدته الرخامية، مخترقا دائرة العشب الأصفر النابته حوله :

- يسقط الملك ويحيا الشعب.

- ‏سار من أمام سور الأزبكيه وأشار نحو الباعة المؤطرين سور الحديقة :

- بدلتم الكتب بالتحف والأنتيكات.. أنتم التماثيل. 

وقهقه عاليا رافعا ذقنه لأعلى. 

قلت .. وأشعة الشمس تتساقط على وجهي فأنز عرقا :


- فلتسقط كل التماثيل.

- ‏- قف يامأفون ساؤدبك.

- ‏3

بدا يسرع خلفي، فمرقت عبر الشوارع والمحال، والضوضاء المنتصبة، مارا من شارع عدلي.. واطئا ميدان طلعت حرب و.... 


- قف يافتى.

- ‏- من ؟ والتفت.

- ‏قال وهو يضيق مابين حاجبيه :

- كيف تجرأت على الأجداد ياولد.

- ‏قلت ولهاثي يترجرج في صدري :

- ياجدي الخبير : راتب ضئيل وحلم قديم، وامرأة تشتهي السكن علي النيل..وأنا أخر سلالة الفراعنة لكني لست بفرعون.. حل.

- أووووووه.

- أسمعتم عن الصناديق المانحة ؟.

- ‏- ماذا !! .. "في دهشة".

- ‏- القروض الحسنة ؟.

- ‏- لاتتصنموا .. تحركوا يافتى. 

- ‏- لاتفلق رأسي بالمواعظ. 

وانا أبتعد شاخصا ببصري نحوه.. قلت :

- إخل مكانك أفضل. 

- ‏- انتظر .. 

- ‏وبدأ يهبط..

- ‏4

عدوت تتراكم في عيني الأخيلة والصور، تضغط على صدري الشوارع والأزقة، حتى وجدتني مابين أقدامه الغليظة عند طريق المطار، قلت :

-أنت كبيرهم ..رمسيس العظيم، فلتخبرني عن الحقيقة.

هز ذقنه الطويلة ولم يجب.


- ياجد أحلامي محنطة وجثث الموتي داخلي تزداد كل لحظة. 

لم ينبس.


- نقبت فيُ كل الكتب وقرأت السير وتتبعت أخبار الفتوحات والغزوات .. لم أعثر على شيئ. 

صمت. 


- ياجد لم أعد أطيق .. كيف طردتم الهكسوس؟.

لم ينبس.


- ماذا تخفي في قبضتيك؟ ..

- ‏أتستطيع ان تهش الذباب عن وجهك.

ورحت أبحث عن فأس لأحطمه. فانعقدت فوق جبينه تكشيرة كاللعنة، وقال وهو يقفز صوب الطريق ويتجه ناحيتي :

- تجرأت.

- ‏5

اندفعت تحت مظلة شمس حارقة بغير إتجاه وشعرت بأقدام ثقيلة من خلفي .. وبالتفاته وجدت جموع التماثيل تثب من أماكنها كلما مررت بها وتتعقبني .. صحت :


- كفوا عن ملاحقتي.

انتهيت إلى كورنيش النيل ، التقطت أنفاسي بصعوبه والنيل يتلألأ ذهبيا.  

جلست على أريكة حجرية، تتساقط حبات العرق المملح علي فمي . لفحتني هبات هواء رطبة فثقل رأسي.. خفت النور بسرعة مذهلة ورأيت الظلمة في هبوطها الوئيد.

6


 غفوت ساعة لا أكثر.

 ‏أفقت على صوت ليس قويا لكنه حاد. ووجدتني محاطا بالتماثيل.. يشكلون دائرة تكتمل استدارتها بي .. أبدانهم السوداء تلتمع بفعل الضوء الفضي المتساقط من القمر المرشوق بين إتساع البنايات، يحدجوني بنظرات صارمة، لايحركون ساكنا، قلت :

 ‏- لم أفعل شيئا.

 ‏قالوا :

 ‏- سببت والديك وصفعت المدير وتحرشت بالشرطي. 

 ‏- معذور.

 ‏-وخرجت عن نواميس أجدادك.

 ‏- معذور.

 ‏-وتجرأت.

 ‏قلت :

 ‏-لا أملك من أمري شيئا.

 ‏ومضت أعينهم الحجرية، قالوا :

 ‏- إهبط.

 ‏- ما أنا بهابط.

 ‏حاولت الخروج من الدائرة، إرتطمت بسيقان صلدة..

 ‏- إهبط.

 ‏- ما أنا بهابط.

 ‏كرروا الأمر للمرة الثالثة .

 ‏خلعت ثيابي .. وقلتها بأعلى صوتي :

 ‏-فلتسقط كل التماثيل..

ونزلت.


•••••••••••••••


نقد وتحليل القصة القصيرة


زمرة الأدب الملكية.


فرع القصص.













عن الكاتب

زمرة الأدب الملكية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

المتابعون

Translate

جميع الحقوق محفوظة

زمرة الأدب الملكية