زمرة الأدب الملكية

ما أكثر الأقلام إن فتشت محصيها،، فيها العلم وجلها غثاء من حطب،، وريشة الفهم إن جئت تطلبها،، فدواتها نحن عرين زمرة الأدب..

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

(الجوقة) بقلمالكاتب/مهاب حسين.


 قصة قصيرة

الجوقة
أقبع وحيداً في زنزانة ضيقة، تنضح جدرانها بالعطن.. وتتكلس بالملح.
بالكاد أمد ساقيي خشية أن تتيبس. 
حين يعصف الصقيع.. أنكمش متكوراً بجسدي مثل جنين بلحظة مخاض!.
 أبول وأتغوط في سطل كالح، يلطخه الوسخ بسواد منفر.
 لم أرى بشراً منذ أمدٕ بعيد، غير وجه سجاني القمئ. عالم الناس المتخم بالأصوات والصور، انطمس من ذاكرتي.
 تتخلق أمامي تهاويم وتكوينات غريبة، 
 إثر غبار يترنح في غمس تيار ضوء، يصطفق بالقضبان.. تعابثني، تطوقني بخلايا حية، تنبض، وتتآكل على شفرة 
 حد ملتهب!.
  تحاورني بلطف مفعم ببذاءة!.
 
 بوعي مشوش، أستحضر طيوفاً ووجوهاً عجيبة.. تراودني بين حين وآخر.. 
 بالأمس جاءني مغني البوب المعروف، بصحبة فرقته، جالوا وصالوا، دقت طبولهم ايقاعات شعبية صاخبة، أيقظت حواسي، ألهبت حرارة التصفيق. جن جنونهم بألحان صبغت زنزانتي بألوان زاهية، كنست العتامة، فتضوع شذا طيب..
 جُدت بتذكارات فرعونيه يعشقونها، أهدوني ألبومهم الأخير.. 
 يالها من ليلة مذهلة!.
 
 انداحت قطعة خبز متحجرة من تحت عقب الباب، مشيعة بالسباب.
 قرضتها فاركاً حوافها المصفرة المهترئة.
  
عازفة الساكس الأشهر، ممتطية قصبة ملتوية كتنين، ذوات ثقوب ومفاتيح تقبض جسداً أصفر نحاسياً..
هي ضيفتي الليلة..
هكذا أعلنت وكالات الأنباء.. 
لابد أن أجهز ببدلة تصلح لتلك السهرة، 
أم بملابس كاچوال أفضل؟. 
يالها من حيرة..
فاح عطرها كالسحر.. تفجرت أنوثه، تثقل القلب، وبرزت مفاتن جسدها الهمجي، فذبت ذوباناً. كانت تغني وتصرخ، وتتأود، 
بصوت وحشي عذب.. 
ياااااااه.. قضينا ليلة ماجنة، أسكرتنا خمر النشوة..
ولجوا الزنزانة فجأة.. جروني من أسمالي، نتروا مزقة، كادت تبين عورتي..
- لاتكف يابن الكلاب عن الصياح والضجيج.. 
صاح آخر بوجه متنمر، يتأهب لإفتراس غنيمته:
- أوحشتك العروسة.
صلبوني على وجهي، فوق عمود الجلد، عروا ظهري ودهنوه بالزيت.. بزغ المسيح بغتة، بهالة نورانية. ملس بيده رأسي.. -"طوبى للغرباء.. العميان يبصرون، 
  الُعرج يمشون مشياً سوياً...!".
  
ماأن شحذوا سياطهم.. حتى التم حولي أصدقائي: مغني البوب، راعية الساكس.. يعزفون بجانبي، فيما كانت المخالب تنهش لحمي.. فيشرئب الدم مفجوعاً!.

أطل"منسي"، بهدوئه الرزين، قرأ قوس كمنجته الناعمة، ماخُفي من كرب، مس حزني مساً خفيفاً، فأحاله بهجة تقطر ألماً حبيباً.
صوت جهوري:
 - لم يتعرف على أهله.. 
  "أخبروهم بأنه يهذي، تنتابه أحلام يقظة، لايكف عن محاولة الانتحار"..
 - "صام عن الطعام والكلام"..
 "لو انطفأ الصخب، لنطقت الموتى".

الجوقة منصوبة.. اخترق الحشد شيخ تطوق عنقه مشنقة، عض شفتيه بحسرة، ناولني مصحفاً صغيراً..
 استمر العزف!.

مهاب حسين/مصر.

عن الكاتب

زمرة الأدب الملكية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

المتابعون

Translate

جميع الحقوق محفوظة

زمرة الأدب الملكية