رسالة إلى ابن أختي..
لقد عركتنا الأيام عَرْك الرّحى بثفالها وظللنا متأرجحين بين العزلة والحضور، لم نسلم من الاتهامات والظلم المسلّط من أولئك المدّعين للمثالية حتى أننا أصبحنا نلام على سيرنا المخالف لهم.
لا علاج للتكيّف مع المجتمع سوى شرب براميل من الكحول طيلة سنوات وجودك أو تدخين حقل من الحشيش حتى تبدو في نظرهم شامخا.
إن هذه الأفعال كفيلة بجعلك تلطم وجهك وتدكّ نفسك بنبال اللوم إذا أقدمت عليها، فالزمن الذي نعيشه يا بني شاق ومتعب.
لا تنتظر التفاحة بأن تنضج في الخطيئة كي لا تتورّط في قطفها، فكل شيء صار ثقيلا على القلب والشعور، حاذر أن تطمس هويتك، فبعض الناس يشتهون لك موتا حزيناً وجنازة دون مشيّعين، أقول لستَ وحدك فحينما تضيء قنديل الروح تختفي الأشباح المحيطة بك.
لا تجعل خناجر الفساد تصدأ في ظهرك واحرص على نزعها ما دمت حيًّا بالإيمان، كن زوبعة لا تهدأ في ساحات أعدائك واحذر فخاخهم.
ما زال باستطاعتك إرواء عطشك من جداول القرب من الله وتمكين خلاياك من الفحص لتتحقق من ثبوت كمونها، قد تأتي عليك أيام جائرة لا تعلم عنها شيئا فيطول صمتك حتى تحسب أنك ميت بينما يظل الاحتياج راقصا على خشبة ظروفك. إن أحسنتَ شدَّ وترها وتعديله سيصفو لك لحنها وتضيء في الضلوع نجوم لا تأفل ما حييت.
ها أنت عمر صغير يُسبِّح بنوره كي تنفتح نافذته على وجهات الحياة ويمتلك ناصية الحقيقة فلا تضيّع هذا الطريق بمجرد سماعك سخرية أو وقوعك في حفرة الشدائد.
*******
مصطفى مصطفى