رسالة خاصة إلى حفيدي..
تحيةً عربية معطرةٌ بعطرِ الياسَمِين الدِمَشقي ورَائحةُ البَخورِ العربية
ولديَّ العزيز:
ربما أَنكَ لم تسمع عني قطّ، أو قد سَمعتَ مصادفةً من خلالِ الأحاديثِ والسير العائلية.
وقد تَصِلُكَ رسالتي هذهِ في وقتٍ أَحوجَ ما تكون إليهِ هو نصيحةٌ سويّة أو كلمةٌ جليّة، إِيَّ بُني:
إِياك والكِبَر فإنه ضَعفٌ أَشر، وخذ العِبَر من قصص الأجدادِ والسير واتبع هدي خيرِ البشر، وتابع خطاك بحذر، وإِياك ثم إِياك والبَطَر، وابتعدْ كلَّ البعدِ عن الهَزْر، وكن على يقين أن الله تعالى ما خلقكَ ليتركك سدىً، واعلم أن الدنيا زائلةٌ فانية فلا تطمع وأنَّ الذي سواكَ لنْ ينساكَ فلا تجزعْ، بل اعمل على أن تضعَ لكَ بصمةٌ في هذهِ الحياة، إِياك ومجالسة الجُهَّالَ ومصاحبة أصحاب الأموال، ولا تنغّص عيشك بالجدال، ولا تقرب الفِتَن ولا تكنْ مدعاةً للشر، إنني أُوصيكَ بما وصى بهِ لقمان الحكيمُ اِبنهُ:
(لا تَمشي في الأرضِ مرحاً) وأنا لستُ أهل لذلك.
لا تَخش شيئاً، واترك لكَ أثراً طيبا، إننا في زماننا اليوم في كربٍ عظيم وما وصلنا إلى ما وصلنا إِليهِ إلا بأيدينا، بِسَبَب الفِتَنِ والإانْحِلال الأَخلاقي وبُعدنا عن القيمِ والمبادئ، إننَا في يومنا هذا أقصى ما نصبوا إِليهِ هو البقاءُ على قيد الحياةِ فَقَط، نَبحثُ عنْ لقمةِ العيش بين الأَنقاضِ، ونأكل فُتات الخبز المُلطّخِ بِالدمَاء.
وكلُّ هذا لأَنَنَا بَحَثنَا عن المال والسلطة والجاه؛ فسلّط اللهُ علينا البلاءَ والوباءَ، فلقد بدأت الحروب والتَنَاحُر، فَأَصَبَح الأخُ يقتلُ أَخاهُ بِلَا هَوَادةٍ أو رَحمَة.
إِيَّ بُنيَّ: عليكَ بِمُجَالسةِ العُلَمَاء، ومُصَاحبةِ الفُقَهَاء، ومُجاراة الأُدباء والشُعراء.
ارحم أَخَاكَ وانصرهُ ولا تَتفَرقا ولا تهنا وتَستَكِينا.
تَعلّم من رَحمةِ نَبِيّنَا مُحَمَّد وحِكمةِ سُلِيمَان وصبرَ أيّوب و رَجَاحةُ عَقل عيسى وأخلاقُ موسى وعِلمُ يُّوسف. عسى أن يكونَ زَمَانُكم أَفَضَل وحَيَاتُكم أَجَمَل.
إِيَّ بُنَّي: عليكَ بِمَكَارمِ الأخلاقِ، لا تَبَخل ولا تُهمِل ولا تَجَهل ولا تَجزع.
المحبُّ لكَ، جَدُك.
********
مزيد الحسينو