قراءة الأستاذ القدير؛ Jamai Jowamaâ
لقصة هذا الأسبوع من فقرة؛
نقد وتحليل القصة القصيرة
نزوح/للأستاذ القاص؛ إيهاب عبدالله
____________
قراءة للقصة القصيرة" نزوح" / ج1
العنوان
"نزوح" مصدر نكرة محض، و لذلك يخبر بالحدثِ دون إلقاء مزيدٍ من الضّوء مثلا على علّته و ظرفيّته... فقط حدثٌ حصل في مكان ما، و في وقت ما، و لسبب ما...
العنوان يضع الإصبع على ظاهرة حضاريّة تحدث هنا و هناك، حين يُجبر الفرد على ترك موطنه حيث نشأ و ترعرع. قد يكون نزوحا نهائيّا، و قد يكون ظرفيّا ينتهي بانتهاء علّته.
المتن.
1/ الفكرة العامّة.
النّصّ يزيح السّتار عن تجربة عائلة في النّزوح ابتداء من لحظة الهواجس و المخاوف من الآتي وصولا إلى لحظة العودة من جديد إلى الموطن بالقفز على فترة زمنيّة لا أحد يدري كم استغرقت، امتدّت من لحظة المغادرة إلى تواتر خبر العودة.
2/ القصّة باعتبارها خبرا.
من هذه الزّاوية يمكن أن ننظر في هذه العناصر.
أ-- الشّخصيّات.
تتحدث القصّة عن عائلة تتكوّن من أب و أمّ و ابنهما الصّغير. لا يُعرَف عنها انتماء أو نسب. و لذلك هي بنظري عائلة نموذج لا غير. و من ثنايا النصّ عرفنا أنّها قرويّة ريفيّة كحال الكثير من العائلات المنتشرة هنا و هناك. هي عائلة بسيطة بأملاك بسيطة: حديقة بها نخلة... ولكن الهواجس كبيرة تقضّ مضجع الأب المسؤول عن العائلة.( استرعى شروده انتباه زوجته). و الأب بحدسه يستبق الآتي، لا سيما و هو يرى ما يحيط بالبلد من دقّ لطبول الحرب (صغيرنا هذا عند النخلة كيف نأمن عليه، و طبول الحرب تدق لأتفه الأسباب). فيما تبدو الأمّ ذلك الكائن الفطريّ السّاذج المؤمن بنواميس الحياة ( حال الدنيا لا يخفى على بصير فهكذا دأبها، و صغيرنا نستودعه خالقه فهو خير حافظ). و أمّا الصغير فيبدو غير مهتمّ بهذه الهواجس أو مدركا لهذه المخاطر بحكم سنّه الصّغير، منخرطا في جوّه الخاصّ المليء بالبراءة (قطعت ضحكة طفله حبل شروده) . ولكنّ القدر كان له بالمرصاد، و يفعل القضاء فعله، و تحقّق ما كان الأب يخشاه. فلم يكن في المخيم غيرهما: هو و زوجته، و غاب الصّغير ( كان عليه أن يأتي بنصيبهما، منعه عجزه التصارع و الضوء الاسود في عين زوجته آوى بها لركن بعيد..). فالسّار يتحدّث عن الأمّ و الأب لا غير.
و وحدهما أيضا عادا إلى الموطن، أو إلى ما بقي منه. ولكن كيف؟! عادا معاقين، قاصرين بعد أن خسر كلّ منهما جزءا أثيرا من الجسد ( لكنه دخل يتوكأ على رجل زوجته و هي ترى بعينيه). و تلك ضريبة أخرى من ضرائب الحرب الكثيرة.
و على الضّفّة الأخرى تتراءى شخصيّات حاضرة بالغياب: حاضرة بالقوّة من خلال آثارها(كسر شروده صوت الصحاف تتصارع)، فوراء هذه الصحاف أيادٍ و أفئدة و أفواه جوعى... أفواه المشرّدين النّازحين هروبا من جحيم الحرب. و إلى جانب ما تشير إليه هذه الشّخصيّات من معاناة خاصّة بها فإنّها تُفاقِم أزمة الزّوجين و تعمّقها( منعه عجزه التصارع و الضوء الاسود في عين زوجته آوى بها لركن بعيد.. فأثر أخذ ما تبقى ليقيم بها صلبه..)
تتمة /ج2
ب/ المكان.
ينقسم الإطار إلى إطارين:
* خارج المخيّم( القرية/ الموطن الأصلي).
* كان منطلق الأحداث، كما رُتّبت في النّصّ، الحديقة و تحديدا (بالقرب من نخلة في حديقة المنزل). و اللّافت هنا النّخلة الرّمز. فالنّخلة تحمل معاني العِرض و الشّموخ و الأصل و الخير و النّماء... إلخ، و إذا اقترنت بالصّبيّ صارت الدّلالة أعمق: فالصّورة تصبح تساؤلا عن مستقبل الموطن و العرض و هذا الصّبيّ-رجل المستقبل.
* و الموطن أيضا كان المنتهى، فإليه عادت العائلة و كثير من العائلات، و لكن بعد أن تغيّرت الكثير من الأشياء. هو مكان متغيّر متطوّر و لكن إلى ما هو سلبيّ طبعا... ورغم ذلك يبقى المكان الحلمَ و الرّمزَ في ذهن العائلة، و أظنّه في ذهن كلّ العائدين(... و لم يبق أثر للقرية في سابق عهدها إلا تلك النخلة وصورة طفلهما يحفر تحتها يبحث عن الخير).
* * داخل المخيّم.
* هو المكان القاهر، الذي انتقلت إليه هذه العائلة و ينضوي على كثير من المفارقات: فقد انتقلت إليه كرها، كحال الكثير من الأسر الأخرى. و لئن كان يمثّل الأمن و الأمان فإنّه قد تحوّل إلى طاحونة معاناة يوميّة، فيه يجاهد الأب لتوفير لُقيمة تسدّ الرّمق. و هو المكان المؤقّت، ولكن الأيّام تطول في كلّ مرّة و يكاد يتحوّل إلى مستقرّ، و يكاد يتحوّل الأمل إلى يأس قاتل (تواترت الأنباء عن قرب العودة، و أنها مسألة وقت.. لم تكن تلك المرة كمثيلتها من قبل...). و هو في المحصّلة يمثّل الانفراج و الأزمة في الوقت نفسه.
* و في كلّ الأحوال يعتبر المكان في هذه القصّة تقنية هامّة وظّفها الكاتب لتشريح أزمة هذه العائلة في النّزوح و تعميق جراحها.
* ج/ الزّمان.
* زمن القصّ عموما هو الحاضر، حاضر العائلة في المخيّم. غير أنّ اللّافت أنّ زمن الحكاية/ الخبر ينطلق من الماضي في شكل ومضة ورائيّة، هي عبارة عن لحظة شرود الأب، حيث عاد إلى ما قبل حياته في المخيّم( كسر شروده صوت الصحاف تتصارع...)، و سرعان ما يعود الخبر إلى الحاضر في تواتر سريع للأحداث.
* د/ الأحداث.
* كما ذكرنا منذ قليل فإنّ الأحداث انطلقت من الماضي ثم انتقلت إلى الحاضر لمّا أيقظ صوت الصّحاف و هي تتصارع الأب من شروده. لعلّ في هذا الشّرود وظيفة نفسيّة تنفيسيّة يبحث عنها الأب للهروب من روتين الحاضر الخانق، فالأيام تتوالى و لا جديد في الأفق سوى ذلك السّراب الذي يراه في كلّ مرّة: الحلم بالعودة كما يوعدون.
* 3/القصّة باعتبارها خطابا.
* أ--- السّارد. الخبر وصل إلينا عن طريق قناة رئيسيّة واحدة: سارد من خارج القصّة. فلم يكن أحدَ شخصيّاتها. و رغم ذاك يبدو هنا السّارد عليما ممسكا بأكثر خيوط القصّ عدا تلك التي تُرِك فيها المجال للزّوجين للحديث، عارفا بالخبايا و " ما وراء الجدران"
* كهذا المثال.
* ( لا يدري كم مر بهما، فلا حاجة له لمعرفة الزمن).
* ب/ التّرتيب.
* في هذا النّصّ تلفت تقنية الاسترجاع النّظر، و قد اعتمدها الكاتب المنطلقَ. فمن لحظة العيش في المخيّم عاد بنا السّارد القهقرى، إلى ما قبل النّزوح. و استغلّ الكاتب ذلك لكشف جوانب نفسيّة في الشّخصيّات تحت تأثير الظّروف المحيطة.
* ¥ الأب-------- هواجس و مخاوف من الآتي، و هو الرّاعي المسؤول عن رعيّته.
* ¥ الأمّ-------- التّسليم بالقضاء و القدر و بالنّواميس.
* ¥ الابن------- المرح و الفرح في قطيعة مع محيطة الموضوعي بحكم صغر سنّه.
* ج/ التّواتر
* عموما كان اعتماد الكاتب على السّرد المفرد في أغلب ثنايا القصّ. فما وقع مرّة واحدة ذُكِر مرّة واحدة في سرد سريع تماشيا مع طبيعة القصّ القصير. غير أنّنا نلاحظ أيضا اعتماد السّّرد التّكرّري في هذا الشّاهد على الأقلّ ( تواترت الأنباء عن قرب العودة...)، فالإنباء عن قرب العودة حدث متكرّر في الواقع، ولكنّه لم يذكر إلّا مرّة واحدة في القصّ. و في هذا تسريع للحركة القصصيّة.
* أمّا اللّافت فهو استعمال السّرد الإعادي بطريقة خاصّة جدّا. فحدث "الحفر" به انفتح النصّ و به خُتِم
* ( بعصاه الصغيرة يحفر بالقرب من نخلة / وصورة طفلهما يحفر تحتها يبحث عن الخير)، و لكلّ ذلك تبدو بنية النّصّ دائريّة. و لعلّ ذلك مقصود بهدف التّأكيد على معنى الفعل و العمل و الحركة.... ففي ذلك وحده "منبع الخير" كلّ الخير.
* د/ المدّة.
* من بين الوسائل المساعدة على التّكثيف و تسريع القصّ تقنية الحذف. و جاءت مضمّنة غير مصرّح بها. فلم يذكر مثلا ما حصل بعد تلك الهواجس التي عبّر عنها الأب إلى غاية سقوط القنابل، و لم يذكر أيضا تفاصيل حياته منذ الانتقال إلى المخيّم إلى حدّ تواتر خبر العودة. كل ذلك خدم القصّ بشكل كبير إذ أنّ مركز الاهتمام و الذّروة هي، باعتقادي، لحظة العودة.
* و من بين هذه الوسائل أيضا تقنية التّلخيص. فيعمد السّارد إلى ذكر الحدث او الأحداث دون تفصيل، و من ذلك تواتر أخبار العودة.
* 4/ اللّغة.
* جاءت القصّة عموما بلغة سهلة، و أسلوب سلس بعيدا عن التعقيد في الصّور و التراكيب، فالمقصود يصل بسرعة إلى ذهن القارئ.
* لكن هذا الشّاهد( منعه عجزه التصارع و الضوء الاسود في عين زوجته... ) أجده مرتبكا من حيث اللّغة و المعنى.
* عجزه التصارع أظنّ أنّه في حاجة إلى حرف الجرّ "عن" للتعدية.
* أمّا "الضّوء الأسود" فهي صورة أجدها غريبة.
الخلاصة
قصّة قصيرة مكتملة العناصر، تشير إلى مشكل من المشاكل المترتّبة عن الحرب و ما أكثرها، و هو النّزوح.
-----ا------
الطيب جامعي/ تونس
___________
قراءة الأستاذ القدير؛ أمير ٱلمۘدرسۜ لقصة هذا الأسبوع من فقرة؛
نقد وتحليل القصة القصيرة
نزوح/للأستاذ القاص؛ إيهاب_عبدالله
____________
قراءتي المتواضعة للقصة القصيرة (نزوح) للأستاذ القاص إيهاب عبدالله من مصر، راجيا أن تروق لكم.
تقديم
الحروب وويلاتها، تلك المآسي التي لم يسلم منها بلد من بلدان العالم، وحصة بلداننا العربية كانت كبيرة جدا، إلى الحد الذي يفوق كل تصور، وموقع بلداننا في قلب العالم، وكونه حلقة الوصل الذي يربط العالم، بالإضافة إلى وفرة خيراته الكثيرة والمتنوعة، جلبت له كل هذه الحروب، وخيراته الوفيرة كانت وبالا عليه، ولم يحصد شعبه غير الموت والويلات، أما خيراته فهي اما ملك المستعمر، أو تتحكم بها طبقة صغيرة، والهم والعوز هو مايجنيه المواطن البسيط في معظم الأحيان، الا مارحم ربي، ومن هنا كابد ومازال الإنسان العربي يحمل هموما استثنائية بسبب هذه الأوضاع الحياتية الصعبة التي يعيشها، التي لم يسلم منها جيل على الإطلاق ولا كبير ولا صغير.
العنوان
هو المفتاح للباب الرئيسي للقصة، أن العنوان جاء غيرفاضح، لأن مآسي النزوح لاتعد ولاتحصى، والمخيمات تروي أحداثا أغرب من الخيال لمن يهتم بأخبارها ونشرات الأنباء اليومية والتقارير الصحفية دسمة جدا بهذا الجانب. النزوح في اللغة، كلمة تعني ترك الشخص منطقته ليستقر في مكان آخر. وهو ذات الهجرة ولكن من منظور بلد المنشأ. وقد تكون داخل البلد نفسه أو من دولته لدولة أخرى.
نُزُوحُ السُّكَّانِ : خُرُوجُهُمْ وَبُعْدُهُمْ عَنْ مَقَرِّ سُكْنَاهُمْ. والنُّزوح القسريّ: الهجرة التي يقوم بها الأهالي هربًا من القصف والأعمال الحربيَّة التي تدفعهم إلى الانتقال قسريًّا، نزوح جماعيّ: هجرة جماعيّة بسبب الحرب أو البطالة أو المجاعة.
•••••••-------••••••••
الوصف
إستخدم القاص عدة عبارات وصفية في قصته القصيرة، كان موفقا في وضعها في مكانها الصحيح، لكني اتصور انه كان مقل جدا في وصف حالة المخيم، كما استطاع أن يربط معظم أوصافه بعبارات حوارية، لشخصية الأب، وكان القاص هو الذي تولى عملية السرد، وهو العالم بظواهر وبواطن الأمور، تكررت عبارة(حال الدنيا)، ومن أهم عبارات الوصف :
- عينا أبويه تحرسانه و ترسلان ابتسامة تطمئنه و تداعبه في آن واحد.
- - بعد رشفة عميقة من فنجان القهوة أخرج زفيراً عانق هواء أيلول،.
- استرعى شروده انتباه زوجته.
- - حال الدنيا، فعهدنا بها التقلب، صغيرنا هذا عند النخلة كيف نأمن عليه، و طبول الحرب تدق لأتفه الأسباب،
- - حال الدنيا لا يخفى على بصير فهكذا دأبها، وصغيرنا نستودعه خالقه فهو خير حافظ.
- - أظلته غمامة حبلى. ترى بأي شىء و على أي أرض ستمطرين بماءٍ طهور ً ، أم عذاب أليم؟!
- - قطعت ضحكة طفله حبل شروده ، رفعه و ضمه إليه بحنان.. قبله بين جبينه لا أدري صغيري أينا يعطي للآخر من حضنه الأمان..
- - كسر شروده صوت الصحاف تتصارع حتى تملأ بأكبر قدر يمكن أخذه من طعام، كان عليه أن يأتي بنصيبهما، منعه عجزه التصارع و الضوء الاسود في عين زوجته آوى بها لركن بعيد.. فأثر أخذ ما تبقى ليقيم بها صلبه، هكذا الحياة في مخيم الإيواء..
- - تواترت الأنباء عن قرب العودة، و أنها مسألة وقت.. لم تكن تلك المرة كمثيلتها من قبل.. لم تكن الأمتعة بالكثرة حتى يُتجهز لها، لكن جاءتهم الأوامر أن يكونوا على أهبة الإستعداد
- - وقفت الحافلة ، و أٌطلق جهاز الإنذار يستحث الجميع ، تزاحم الجميع كعادتهم عند سماع أي صوت لصفارة أو إنذار، الرغبة في اللحاق بمقعد كالرغبة باللحاق ببعض طعام!
- و كأن التزاحم و التدافع سمة ألفوها في نفي أو قرار!
- - لكنه دخل يتوكأ على رجل زوجته و هي ترى بعينيه. و وصورة طفلهما يحفر تحتها يبحث عن الخير.
المكان
استعان الكاتب بعدة عبارات مكانية في قصته، بالرغم من الأحداث دارت مابين المخيم وقريتهم التي نزحوا منها، وسأحاول أن أدرج بعضها دون تكرار:
- يحفر بالقرب من نخلة في حديقة المنزل،
- - هرع الجميع يأوى إلى ركن شديد،
- - شقت الحافلة الطريق شقاً.
- - تسابق الجميع ليكون أول من تطأ قدمه القرية من جديد،
- - لم يبق أثر للقرية في سابق عهدها إلا تلك النخلة
الزمان
لم يحدد القاص لفترة زمنية حدوث هذه الأحداث وربما أراد بذلك أن يقول ان هذا مايحدث في كل المدن والقرى التي تجتاحها الحروب المدمرة، كما لم يحدد مدة النزوح، كما ستبين ذلك العبارات الزمانية التي وردت في القصة:
- فكان الوصول مع بزوغ الفجر.
- بين عشية و ضحاها تزول عروش و تدك ممالك.
- طوى الليل الطريق.
- لا يدري كم مر بهما، فلا حاجة له لمعرفة الزمن
- فقد تكون العودة في ليلٍ أو نهار.
يتبع....
المفارقات
هنالك العديد من المفارقات في هذه القصة القصيرة والخير والشر هو المحرك الرئيسي للأحداث، الطفل الصغير وأبوه العجوز، وهو المبصر فيما كانت الأم بصيرة، وحال القرية قبل وبعد الحرب، وكيف أن الحافلة طوت الليل ووصولهم عند بزوغ الفجر.
الحدث
يعتمد الحدث على الصراع الأزلي القائم بين الخير والشر، غير أن الشر مهما طال زمانه وظلاميته، فإنه سيندحر أمام شمس الخير.
يبدأ حدث القصة في المخيم حيث نزحت العائلة المكونة من أب يستعين على عكازه، وأم عمياء وابنهما الطفل الصغير، حيث يسترجع الوالد صورة طفله الصغير وهو يحفر تحت نخلة في بيتهما قبل النزوح ليبحث عن الخير عملا بكلام والده ، الأب الذي طالما كان الخوف على مستقبل أبنه يشغل تفكيره، وقد أصبح الآن واقع حال، بعد ان طالت الحرب اللعينة قريتهم، يفوق من شروده على صوت الصحاف وهي تتصارع للحصول على أكبر كمية من الطعام، غير أن عجزه يمنعه من أن يطلب حصته.
لايدري كم مر من الزمن وهو في المخيم، غير أن أخبارا متواترة تؤكد عودتهم إلى قريتهم، فتتدافع الحشود للصعود إلى الحافلة، (شقت الحافلة الطريق شقاً و طوى الليل الطريق، فكان الوصول مع بزوغ الفجر.).
تسابق الجميع لتطأ أقدامهم قريتهم العزيزة، غير انهم لم يجدوا، غير أنقاض ونخلة بيتهم، وذكرى لصورة طفلهم وهو يبحث عن الخير تحتها.
التحليل
تبدأ الأحداث في قرية صغيرة آمنة، حيث تعيش عائلة صغيرة الأب، الأم والطفل الصغير يبحث عن الخير أسفل نخلة الدار، وهذا بالتأكيد يعني أن الأرض هي من تعطي الخير الوفير من غير مِنة، فهي تنبت محاصيلهم ومنها يأكلون قوتهم، لذلك فهي عزيزة عليهم، هي إرث الأجداد، هي التأريخ، هي الكرامة، وهي الشرف، أما النخلة فهي رمز للعطاء، وذكرها الله في القرأن الكريم في عدة مواضع، وقال تعالى: «ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات ان في ذلك لآية لقوم يتفكرون» (النحل:11). وقال تعالى: «ومن ثمرات النخيل والاعناب تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً إن في ذلك لآية لقوم يعقلون» (النحل:67). وقال تعالى: «أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيراً» (الاسراء:91) وفي مواضع أخرى كثيرة. كما ذكرها رسولنا الكريم في أكثر من حديث.
غير أن الحرب التي اقتربت من قريتهم أجبرتهم على تركها بعد أن بدأت القنابل تطالها، فكان المخيم هو الحل البديل، بعد ان حملوا معهم مايملكون من خفيف ونفيس، هذا هو الحل الجاهز الذي أعتاد عليه الناس في مثل هذه الحالة، وتحت وطأة الظروف الصعبة التي يعانيها سكان المخيم، ومما يفاقم الأمور صعوبة كون الأب عاجزا من السير الا بعكازة، والأم عمياء، والابن مازال طفل صغير، لم يكن يعلم ماطول تلك الفترة، لان الايام الصعبة ستكون أشبه بسنين طويلة وإن كانت أياما، تتواتر الأنباء عن استعدادهم للعودة، إلى قريتهم، بيوتهم التي طالما حملت في كل بقعة منها ذكرى جميلة، فيتجدد الأمل في النفوس المجدبة ويتدافعون للصعود إلى الحافلات التي ستحملهم إلى قريتهم، (وشقت الحافلة الطريق شقاً و طوى الليل الطريق) وهذه بشرى سارة بانجلاء الليل المظلم وتلك الفترة الماضية الصعبة، (فكان الوصول مع بزوغ الفجر) وهذه بشارة خير أيضا، إذ أن الفجر يعني البداية الجديدة للنهار وغالبا مايتفاءل الناس صباحا، و يتسابق الواصلون ليكون كلا منهم هو أول من يطأ أرض قريتهم العزيزة، غير انهم لم يجدوا غير أرض يباب، وكأن جهدهم الذي بذلوه في بناء بيوتهم وقريتهم أكلته الحرب، وبصقته أنقاضا ولم يعد فيها جدارا قائما، غير أن القاص أبقى لنا أملا لازال شامخا منتصبا وسط ذلك الدمار، هي تلك نخلتهم التي كان يلعب تحتها ولدهم الصغير، و النخلة هنا كما أظنها هي رمز للإنسان، لان النخلة هي النبات الذي يشبه الإنسان كثيرا، فهي تموت عند قطع رأسها، وتموت أيضا إذا إصابتها شظية في أي جزء من جسمها، وهي كثيرة العطاء، دون عناية كثيرة. شموخ الإنسان وبقاءه حيا، مع مالديه من ذكريات جميلة قادرة على أن تحيي القرية من جديد وتبعث فيها الخير من جديد، وهذه هي الصورة التي استهل بها القاص قصته.
المضمون
الخير موجود في الأرض، الأرض التي تعنى الانتماء والتاريخ والوجود، ولا يحتاج الإنسان أكثر من أن يحرث الأرض لتحتضن بذور نباتاته، فتجود عليه بثمارها وعطاياها العديدة، لتسعد حياته بوسائل شتى، غير أن الحروب التي تغذيها النفوس المريضة، ستحرق كل شيء، وستدمر كل بناء، وتحيل الجنة إلى خراب، وتحرق الأخضر واليابس،لكن الشر لابد أن ينتهى، لتبدأ إرادة الخير وتواصل عملها من جديد، ومهما طال الليل فلابد للشمس أن تشرق من جديد.
شكري وتقديري لكل من اهتم بهذه القراءة، وللقاص الأستاذ إيهاب عبدالله، وعذرا أن أخفقت في قراءة جانب معين أو تجاوزت عن أخرى، هذا ما جاد به قلمي واستميحك العذر.
كل الود وباقات الورد والتقدير والاحترام لزمرة القصص لإتاحة الفرصة لنشر قراءتي هذه، رجائي لهم بالتوفيق والتألق والتميز الدائم بإذنه تعالى.
أمير ٱلمۘدرسۜ /الْعِرَاق
___________
قراءة الأستاذ القدير؛ عبدالرحيم خير لقصة هذا الأسبوع من فقرة؛
نقد_وتحليل_القصة_القصيرة
نزوح/للأستاذ القاص؛ #إيهاب_عبدالله
____________
للحروب أثار سلبية عديدة على الفرد والجماعة، تبدأ هذه الآثار بالخوف والهلع الذي يعتري الإنسان كل لحظة خوفا من أن يفقد حياته أو يفقد عزيزا لديه، هذا الخوف قد يدفع الإنسان إلى النزوح بحثا عن الأمان والاستقرار .
من هنا بدأت القصة (نزوح ) من مخيم الإيواء حيث الحياة غير الآدمية حين يتصارع الجميع على الطعام، وحين تتشابه الأيام ويتوقف الزمن عند أحداث متكررة لا جديد فيها، حياة أشبه بالموت، حين يفقد الإنسان وطنه وبيته وأهله ويخرج من وطنه مهاجرا يظن أنه يبحث عن الحياة بعد أن فقد كل مقوماتها..
قصة مأساة أسرة فقدت وحيدها، فقد الزوج أحدى رجليه وفقدت زوجته بصرها بعد أن سلبتهم الحرب كل غال ونفيس، قصة تميزت بالترابط ووحدة الموضوع والحدث، كما تميزت بالتكثيف الشديد واستخدام اللغة المعبرة ما يعكس موهبة الكاتب وثقافته وهو ماتجلى في وصف الأحداث (كسر شروده صوت الصحاف تتصارع ) ووصف الدنيا بعين خبير مجرب .
(حال الدنيا، فعهدنا بها التقلب)
(حال الدنيا لا يخفى على بصير)
بدأت أحداث القصة من الماضي ثم سارت في خط سردي مستقيم وصولا إلى تلك القفلة الرائعة والتي تعود بنا من حيث بدأنا حيث القرية /الوطن التي أصبحت أطلالا والمشاهد والصور والتي أصبحت مجرد ذكريات....
خالص تحياتي للكاتب المبدع الاستاذ/
إيهاب عبدالله مع خالص الأمنيات بدوام التوفيق ..
عبدالرحيم خير
___________
قراءة الأستاذة القديرة؛ Kinana Eissa لقصة هذا الأسبوع من فقرة؛
نقد وتحليل القصة القصيرة
نزوح/للأستاذ القاص؛ إيهاب عبدالله
____________
أهنئك أستاذ إيهاب على نص تفرد بحسية لغته رغم تفككها في بعض المواضع، وبأهمية محور نقاشه الجدلي، وتماسك فكرته الموجعه، والأهم هو طرح السرد في دائرة مغلقة تتشابه فيها البداية والنهاية رمزًا ولفظًا كما في رواية (الخيميائي) الشهيرة لباولو كويلو، فالعودة الحلم هي واقع مرير ينال المسحوقين في كل حرب وفي كل واقع مقدد اختار سيادة الظلم والخراب على أرض محروقة فقدت أبناءها. في بلداننا العربية على اختلاف أحوالها ومآسيها،قد يؤخذ على النص، تكلف الخطاب السردي بين الشخصيات وخلل المشهدية الشديد الوضوح، وبعض الأخطاء الناتجة عن عدم استخدام بعض حروف اللغة العربية وبعض اخطاء النحو الواضحة والتي سببت ركاكة في بعض الجمل. واستخدامها
مثل:
استرعى شروده انتباه زوجته نبهته
قبلة بين جبينه
ترى بأي شيء وعلى أي أرض...... ستمطرين بماء طهورً أم عذاب أليم
عجزه التصارع واللون الأسود في عيني زوجته
إن عفوية الكتابة أورثت الكاتب عدم تدقيق النص كما يجب. بورك الإبداع وبانتظار مزيده
كنانة عيسى
___________
قراءة الأستاذ القدير؛ جمال الشمري لقصة هذا الأسبوع من فقرة؛
نقد وتحليل القصة القصيرة
نزوح/للأستاذ القاص؛ إيهاب عبدالله
____________
سرد متقن بقلم قاص متمكن
بداية القصة كانت مجرد اطلالة على ذكريات ماض كان
لتبدأ القصة الحقيقية في مخيم اللجوء حيث الفاقة والعوز وكم عظيم من البؤس والذل
ليفاجئنا الكاتب القاص بخاتمة مدهشة حيث العودة إلى الخراب والدمار وصورة ابنه القتيل يبحث عن الخير تحت النخلة !!!
كتابة القصة بهذا الشكل بالعودة للماضي ثم الرجوع للواقع البائس
تمازج رائع زاد من روعته تلك الخاتمة المدهشة حقا
كان الطفل بطل القصة في البداية ثم أتى النزوح ليكون البطل الأوحد بعدها
ظننت في البداية أن الطفل لم يمت حتى أتت تلك الخاتمة لتزيدنا دهشة ومتعة
- بعصاه الصغيرة يحفر بالقرب من نخلة المنزل، أخبره أبوه ان هنا منبع الخير
- -قطعت ضحكة الطفل حبل شروده، رفعه وضمه بحنان
- هنا تنتهي المقدمة ليبدأ زمن جديد
- - كسر شروده صوت الصحاف تتصارع حتى تملأ بأكبر قدر يمكن أخذه من طعام
الترميز الذي استخدمه الكاتب بالغيمة والنخلة خدم القصة جدا واعطاها مدلولات عميقة وواقعية تنبيء عن رقي فكر و بلاغة حرف ووصف
اتمنى للأستاذ الكاتب مزيدا من الرقي والتميز
جمال الشمري
___________
قراءة الأستاذة القديرة؛ ﻋﺒﻴﺮ عزاوي لقصة هذا الأسبوع من فقرة؛
نقد وتحليل القصة القصيرة
نزوح/للأستاذ القاص؛ إيهاب عبدالله
____________
تندرج القصة تحت ثيمة الحرب، وظهرت فيها الواقعية الغرائبية التي تعتمد تقنية التداخل الزمني حيث تجري الأحداث في زمن، ويجري السرد في زمن آخر ويتداخل الزمنان في لحظة المفارقة الكاشفة التي تجلو الحدث وتنثر خيوط القص التي غزلها الكاتب من اول القصة لتقول كل المراد في الجملة الأخيرة فتضمن أكبر واعمق وادوم تأثير ممكن في نفس المتلقي.
والقصة من حيث الفكرة تقدم حالة من حالات أفرزتها الحرب للفقد. ليس الأحبة فحسب بل تتعمق المأساة إذ يتذكر الفاقد وهو الأب فقيده وهو الابن في أكثر صور الفقد قهرا ولوعة ، و كذلك فقد الأب رجله والأم نظرها (فهو يتوكأ على رجل زوجه وهي ترى بعينيه ) . في تكريس لمقولة: الكل خاسر في الحرب
وتتوسع الفكرة ليشمل الم الفقد الشجر والحجر والحياة كلها (لم يبق من أثر للقرية في سابق عهدها إلا صورة تلك النخلة وصورة طفلهما يحفر تحتها) . هكذا هي الحرب : تحول الحياة من حرارة ودفء وحركة وخير إلى مجرد صور وذكريات مؤلمة. لكن الكاتب لايغلق باب الأمل فالنخلة لاتزال موجودة والبحث عن الخير تحتها لايزال مستمرلً حتى لو تحول إلى صورة في الذاكرة .
العنوان كاشف للنص وفضح كل ما ورد في القصة( الخيمة وطبول الحرب الصحاف الأمتعة النفي...) فكلها تنتمي للمجال الدلالي لكلمة نزوح.
مايلفت النظر في النص هو اللغة القوية التي هيمنت على السرد وأخفت مواطن ضعفه؛ فهي تتكئ على لغة مستمدة من البيان القرآني ووردت بعض العبارات تناصت مع عبارات قرآنية (فهو خير حافظ ، يأوي إلى ركن شديد ؛ عذاب أليم .)
القصة بشكل عام جيدة ومثلت المشهدية الكاشفة لخط حياة يتمدد أفقياً ورأسياً ليقدم الفكرة ؛ وهذا من أبرز أشكال تقديم القصة القصيرة .
شكرا للكاتب على إبداعه وننتظر منه المزيد من التألق .
عبير عزاوي
___________
قراءة الأستاذة القديرة؛ زينب الشرقاوي لقصة هذا الأسبوع من فقرة؛
نقد وتحليل القصة القصيرة
نزوح/للأستاذ القاص؛ إيهاب عبدالله
____________
قد تنزح الماء من البئر وتنزح الدار من أهلها وتنزح الأنفس من أماكنها ...لكن العلاقة بالأرض تبقى علاقة تجذر بين نزوح في الماضي وعودة في المستقبل وألم في الحاضر بطاقة انتظار لا تنفذ الرغبة فيها ...
منذ أن قرأت العنوان حتى علمت أن هجرة قسرية قد أحلت بأبطال هذه القصة...؛ وقد شدتني براعة الكاتب في تصوير المشهد ذاته بين البداية والنهاية موضحا كيف نعيش السيناريو نفسه منذ رحلة النزوح الأولى ولا زلنا للآن ننتظر العودة....قد ننتظرها في داخلنا في العودة لأصولنا لذواتنا الحقيقية لأمجادنا ...لا زلنا نسطر للآن نفس الحكايا والقصص ولا زالت أحلامنا واحدة ...الرغبة في التغيير في نهاية القصة تبدو حلماً مستحيلاً إذ لا زلنا نعبر عن ألامنا بصمت...حتى آلفت أرواحنا مشاهد الحزن ...
الحكائية والمشهدية كانتا لغة النص المتحدثة بعيدا عن التكلف ..نستطيع أن نراها قصة برمزية واضحة ونستطيع أن نراها واقعية وهنا تكمن براعة الكاتب ..
قصة رائعة أتمنى للكاتب المزيد من العطاء
زينب الشرقاوي
___________
قراءة الأستاذ القدير؛ El Hamdaoui Lahbib لقصة هذا الأسبوع من فقرة؛
نقد وتحليل القصة القصيرة
نزوح/للأستاذ القاص؛ إيهاب عبدالله
____________
العنوان هو مصدر لفعل نزح، وهو مقرون بالحزن غالبا ويوحي لهجرة مكان ما محبوب غصبا عنا إما لحرب أو غضب الطبيعة، إذن منذ البداية نشتم الألم والغربة والحزن، والأمر للأسف هو ما تعيشه أوضاع بعض العرب، والمسلمين.
اللغة رصينة ومتمكن منها؛ لم ألحظ أخطاء.
بالنسبة لقواعد القصة القصيرة أحيلها على ذوي الإختصاص. القصص
الحمداوي لحبيب/المغرب
___________
قراءة الأستاذ القدير؛ Nabeel Najjar لقصة هذا الأسبوع من فقرة؛
نقد وتحليل القصة القصيرة
نزوح/للأستاذ القاص؛ إيهاب عبدالله
____________
القصة جيدة مكتملة الأركان.
شابها في بعض الأحيان جمل تقريرية تخرج القارىء عن انسجامه للحظات: حال الدنيا ( فعهدنا بها التقلب......ليست بمنأى عن الأحداث
ـ ترى بأي ارض ستمطرين بماء طهور أم عذاب اليم.
مثل هذه الجمل الحوار فيها برأيي مفتعل زائد عن الحاجة، هي تنم عن صوت الكاتب وليس ابطال القصة.
تحياتي.
نبيل النجار
___________
قراءة الأستاذ القدير؛ د.رياض جوني لقصة هذا الأسبوع من فقرة؛
نقد وتحليل القصة القصيرة
نزوح/للأستاذ القاص؛ إيهاب عبدالله
____________
أولاً أنا لستُ ناقداً
القصة رائعة ...راقت لي
مع تحفظي على(أظلته غمامة حبلى،بأي شيءٍ أوعلى أي أرض ستمطرين بماء طهور أم عذاب أليم) جملة تقريرية حيث بدت حشواً زائداً
مع تمنياتي للأستاذ إيهاب عبدالله بدوام التوفيق والإبداع
د. رياض جوني
___________
قراءة الدكتورة القديرة؛ Doc Nashwa لقصة هذا الأسبوع من فقرة؛
نقد وتحليل القصة القصيرة
نزوح/للأستاذ القاص؛ إيهاب عبدالله
____________
نقد القصة القصيرة
نزوح..
القصة جميلة العنوان في البداية تستغربه عند بداية القراءة ولكن تستوعب معناة عند القراءة النزوح أو الهجرة الي مكان أخر وهو مبرر للأحداث.
في البداية أيضا وجدت عدم ترابط في الأحداث إلي درجة التشتت لكن وجدت هذا مبررا في أول فقرة باستوقفت شرود انتباهه لكني وجدت عدم ترابط الأحداث والربط مستمر حتي النهاية فكنت أود باستخدام ادوات الربط بين الأحداث والعبارات بعضها البعض
كما كنت أود رؤية الكثير من التشبيهات والمجازات والإستعارات والردود الممزوجة بالمشاعر والأحاسيس التي تجعلنا نندمج في القصة حتي النهاية.
د نشوه أحمد حسين
___________
القصة
******
نزوح
*******
بعصاه الصغيرة يحفر بالقرب من نخلة في حديقة المنزل، أخبره أبوه أن هنا منبع الخير،
عينا أبويه تحرسانه و ترسلان ابتسامة تطمئنه و تداعبه في آن واحد.
بعد رشفة عميقة من فنجان القهوة أخرج زفيراً عانق هواء أيلول،.
استرعى شروده انتباه زوجته بادرته:
- فيم تفكر؟
- - حال الدنيا، فعهدنا بها التقلب، صغيرنا هذا عند النخلة كيف نأمن عليه، و طبول الحرب تدق لأتفه الأسباب، بين عشية و ضحاها تزول عروش و تدك ممالك، و بلدنا ليست بمنأى عن الأحداث.
- - حال الدنيا لا يخفى على بصير فهكذا دأبها، و صغيرنا نستودعه خالقه فهو خير حافظ.
- أظلته غمامة حبلى. ترى بأي شىء و على أي أرض ستمطرين بماءٍ طهور ً ، أم عذاب أليم؟!
- قطعت ضحكة طفله حبل شروده ، رفعه و ضمه إليه بحنان.. قبله بين جبينه لا أدري صغيري أينا يعطي للآخر من حضنه الأمان..
- كسر شروده صوت الصحاف تتصارع حتى تملأ بأكبر قدر يمكن أخذه من طعام، كان عليه أن يأتي بنصيبهما، منعه عجزه التصارع و الضوء الاسود في عين زوجته آوى بها لركن بعيد.. فأثر أخذ ما تبقى ليقيم بها صلبه، هكذا الحياة في مخيم الإيواء..
- لا يدري كم مر بهما، فلا حاجة له لمعرفة الزمن مذ ذلك الوقت الذي ضربت القذائف قريته و هرع الجميع يأوى إلى ركن شديد، حمل كلٌ منهم ما نفس، و فقد معظمهم الأنفس..
- تواترت الأنباء عن قرب العودة، و أنها مسألة وقت.. لم تكن تلك المرة كمثيلتها من قبل.. لم تكن الأمتعة بالكثرة حتى يُتجهز لها، لكن جاءتهم الأوامر أن يكونوا على أهبة الإستعداد فقد تكون العودة في ليلٍ أو نهار.
- وقفت الحافلة ، و أٌطلق جهاز الإنذار يستحث الجميع ، تزاحم الجميع كعادتهم عند سماع أي صوت لصفارة أو إنذار، الرغبة في اللحاق بمقعد كالرغبة باللحاق ببعض طعام!
- شقت الحافلة الطريق شقاً و طوى الليل الطريق، فكان الوصول مع بزوغ الفجر.
- تسابق الجميع ليكون أول من تطأ قدمه القرية من جديد، و كأن التزاحم و التدافع سمة ألفوها في نفي أو قرار!
- لكنه دخل يتوكأ على رجل زوجته و هي ترى بعينيه. و لم يبق أثر للقرية في سابق عهدها إلا تلك النخلة وصورة طفلهما يحفر تحتها يبحث عن الخير.
إيهاب عبدالله/مصر
____________
°°°°°°°°°°°°°°
#نقد_وتحليل_القصة_القصيرة
#زمرة_الأدب_الملكية.
#فرع_القصص.