لا جدوى
في عمق انشغالك بالحياة ، ومن بين زحام الأشياء التي تملأ فراغك ، وفي ظل الشمس التي أشرقت على حياتك فجأة ، تقف وحيدا بعيدا عن ضجيج أفكارك .. عقلك وقلبك كلاهما ضج من صخب العالم من حولك فقرر أن يستريح برهة . فتجد نفسك مرة أخرى أمام تلك النافذة هجرتها ذات غفلة ... تعبث بك حيرة مفجعة .. فتبدأ بسؤال نفسك مجددا .. عن ذاتك وحياتك ، عن الذي أوصلك إلى الذي أنت فيه الآن ، عن حبك الذي أضعت وعن أشياء وأشياء ... لا تجد إجابة لأي من تساؤلاتك ... فقط وبهدوءك المعتاد تعود إلى نافذتك الصغيرة ... بنظرة حنين واهنة تمسح عنها غبار هجرانك الطويل ، بتنهيدة ألم تفتح دفتيها الموصدتين لتطل بعينيك الحالمتين أو الأجدر أن تقول كانتا حالمتين ... تطل على العالم من جديد لكن هذه المرة من خلف قطبان صمتك القديم ، تسمع ألحان عشق ووجع ، حكايات حب وانكسار ، مناجاة قلوب وموت أخرى ... نفسا عمييقا يعبق برائحة القهوة عشقك الأزلي ، رشفة ساخنة تعيد إليك نبضا من حياة ... تعود لنافذتك بشغف تراقب سير الحياة وارتحال الأيام ... تدور عيناك في المكان تلمح عناقيد الأمل متدلية بكبرياء من بين أغصان عرائش الشباب التي بدا عليها الاصفرار بعض الشيء تستبيح لنفسك النظر إليها لكنك تخشى أن تمد أصابع أمنياتك المرتجفة نحوها فتفرط عقدها فتكتفي بتأملها من بعيد ... بابتسامته المعتادة يطالعك وجهه الخرفي المفعم بالحياة ... رشفة باردة من قهوتك في محاولة يائسة للتجاهل ... مازلت أنت ... مازلت هنا ... وهناك ... في كل مكان ... في كل زمان ....... بغصة ألم توصدها نافذتك البائسة رغم سعادتك بها ... كتاب ملقى بإهمال قرب فنجانك الذي أوشك أن ينتهي ... رشفة أو رشفتين ... نسيت أنك قررت أن تعود لرحلاتك السالفة بين عوالم الكتب وأسرار الكون ، إلى السفر بين أبجديات الأرض ... بملل تفتح الصفحة الأولى ... بذهول تتنقل بين حروفها ، بشرود تستجمع كلماتها ... بصمت تتراكض دمعاتك لتستقر بين سطورها ... لا جدوى ....... رشفة أخيرة ... لا جدوى ... في عمق الروح ستبقى ... في القلب والعقل والوجدان ...
مي خليل