فتّحتُ عيني مُذ وعيتُ على النوى
فرأيتُ دمعة خاطري عنوانا
وقرأت مطلع حيرتي
فبلعتُ صرخة دهشتي
والصمت فوقي رانا
(فالصوت عورات الغريبِ) تقول أمي؛
منذ ذاك الحين لم أتوانا
أدركتُ أنّي دون إسنادٍ ومردودٌ بلا بحثٍ
فلن أتفانى
وعرفتُ أنّ الأرض تُنصِف طفلها
وتخال طيف "الأجنبيْ" شيطانا
وبدا ليَ الأشباح مثلي
يخطبون هوى التسامح كي يعفّ قوانا
وسمعتُ أنّا معشر الدخلاء نقنع بالذي
لا يرتضيه سوانا
وأخذتُ للتغريبِ معنًى بعد معنًى بعد معنًى..
ألفُ معنًى دانا!
وحفظتُ في المنفى نشيد طفولتي:
يغدو الخيالُ بمثلهِ إنسانا
في موكب اللاشيء
أو قل موكب الـغرباءِ
نعرف بعضنا أوطانا
كرقائق الثلج الشفيفـة نرتئي
لهب الهشاشة في المدى غضبانا
أما البشاشة فهي حيلة من هوى
ليُكايد الحسّادَ والأزمانا
في بقعة اللا-أرض تَقْطُر روحنا
فنظلّ نُزهر لو نرى خِلّانا
ونذوب بالتدريج بعد وداعهمْ
لكأنهم جعلوا الجحيم جِنَانا!
ووجدتُ أنّ العمر كل عشيّةٍ
بالذكرياتِ يساوم الوجدانا
وأنا القديم -كعملةٍ بارتْ- لذا
للراحلين أجمّد التحنانا
وشموس أيامي تذوّب سيرتي
فتسلّ منّي وَقْع ما قد كانا
لم أدرِ أنّ المرءَ يفقد نفسهُ مع كلّ فقدٍ عَـزّ أو
لو.. هانا!
فنحلتُ بعد الصمتِ والصفحِ القبيحِ بفقـدِ مَن
كنّا بهم فرسانا!
وبكيتُ أرضًا جئتُ منها لم يعبها غير أنْ
لم تشبه الأوطانا!
ومضيتُ خجلانًا أُراود جرأتي
وحدي
تراودني الهموم عيانا!
لله أمر القلب
-في زمن التخلّــي والتملّي-
مَـلّ من دنيانا
لكنّه بالصبر يمضي راضياً
حتى وإن ثقلت بنا شكوانا
حتى وإن عرّى الزمان براءةً
نَقشت على صدر الجوى برهانا!
-أسماء طلعت-