« من أوراق الذاكرة »
إعداد وتقديم: أ. جمال الشمري
تنسيق وتوثيق: أ. سامية عبد السعيد
••••••••••••••••••••
أوراق من الذاكرة
الكاتبة : فاطمة شقعاري { شمعة الأمل }
~ مسقط رأسي ~
••••••••
وُلدت في(تيسمسيلت)، مدينة تقع في الغرب الجزائري، وتُعرف باسم
«غروب الشمس» لاحتوائها على أجمل منظر لغروب الشمس.
تقول أمي-حفظها الله- أن الغروب في مدينتنا يوم مجيئي إلى الحياة بدا مختلفا!
ففي عُرف الجدة -رحمها الله- عار أن يكون أول حفيد أنثى! وكان على الكنة الجديدة أن تنجب ذكرا لتنال الرضا والقبول!
وبما أن المولود أنثى لم يكن هناك عقيقة أو تميمة وذبيحة وقرع للطبول!
وتزامن مجيئي إلى هذه الدنيا مع مجيء (ابن العم) فرقصت الجدة-رحمها الله-طربا وولولت وأولمت وازدان بيت العم -حفظه الله- بالهبجة والسرور!
وكعقاب للكنة المغضوب عليها(أمي حفظها الله)تم قطع النور عن غرفتها! لعدة أيام.. وطال الغروب..
~ حلم الطفولة ~
•••••••
كنت في كل مرة أجلس فيها على مقعدي أراقب المعلمة وهي تشرح الدرس أتخيل نفسي مكانها بمئزر أبيض وتلاميذي حولي
سعيت واجتهدت، وقعت وقمت، وبلهجتنا العامية(تَمَرْمَدْت)، وحلم ممارسة مهنة التعليم يكبر معي.. ولكن للقدر رأي آخر!
~ أصابع الاتهام تولِّد الآلام ~
••••••••••
كوني البنت الكبرى عند أهلي كان عليّ أن أمسك بزمام القيادة في البيت، وأتحمّل المسؤولية قبل الوقت، وهذا ما جعلني أعاني في صمت! فالعبء ثقيل وضجيج عقلي أكبر من جسمي النحيل؛ فقد وُضِعت أمانة في عهدتي وطُلب مني صونها، وللأسف فرطت فيها وتمت سرقتها!
يااااه.. مرّ الوقت مُرّا كالعلقم! أصابع الاتهام الموجّهة نحوي من أقرب الأشخاص إلى قلبي وضجيج اللوم والعتاب ينخر ذاكرتي مثلما ينخر السوس الخشب(أنتِ السبب.. بسببكِ سُرق الذهب.. ضيعتِ الأمانة.. تفريطك أكبر خيانة..)
دارت رحى الأيام وتسابقت عقارب الساعة مع عجلات الزمن وعُرف السارق وقالوا(المسامح كريم)ودُفن الخصام وعاد بينهم الود والسلام!
بينما عشت أنا في دوامة، يأكلني الندم ويتمخّض بداخلي الألم، والنهاية.. في الورقة التالية👇🏻
~ أصعب امتحان ~
••••••••••
يتمخّض الألم ليولد الورم ويُسجّل في وثيقة الولادات بتاريخ: 7فبراير 2016 ويحمل اسم « السرطان »
هذا المولود الجديد عبارة عن وحش دموي وكيان هجين يأكل بشراهة ونهم!
والأمر الأدهى والأمرّ أن في هذه الحياة بشر أنذل وأحقر وأبشع من السرطان نفسه! ففي طريقي للبحث عن العلاج وأمام ضعف إمكانياتي المادية وقلة حيلتي صادفت وحشا بشريا ساومني مقابل المال وتأمين كل ما يلزم للعلاج!
استُنزِفت طاقتي في العلاج، وكان ثمنه مكلفا جدا؛ فقد تم بتر عضو وتضررت أعضاء ثانية، وبفضل الله عز وجل استجمعتُ كل ما أملك من قوة وجهد لمقاومة الخبيث، ومن رحمة ربي بي أن أرسل في طريقي من يمد لي يد العون دون قيد أو شرط أو مساومة!
مع مرور الوقت أدركت حجم الضرر الذي خلفه لي الخبيث ووجدتُ نفسي جاثية أمام انعكاسي في المرآة أتحسس خريطة التجاعيد التي ارتسمت قبل أوانها على وجهي الثلاثيني!
لكنني واثقة كل الثقة أن ما حدث خير من الله عز وجل، وأن شفائي بيده سبحانه وتعالى {يحيي العظام وهي رميم}
••••••••••••••••