قصة قصيرة
« قلوب عطشى »
تبدت له بباب الخيمة، سطعه وجهها البدري فقض مضجعه، استوى قاعدا متوشحا سيفه، دنت منه ترفل في خلاخلها الفضية، تسبقها الزمالة الحريرية، بدت كغزالة تختال بقوامها المدثر بالملحفة فوق الجبة، تتهادى بخصر هلالي يحدده حزام البثرور، تتراقص حلقات الناصية على جبينها وفصوص المدور حول وجهها لتعزف سيمفونية صاخبة على أوتار قلبه.
تربعت بين يديه باسطة كفيها المخضبتين بالحناء، لمعت عيناه سعادة وأشرقت أنوار ابتسامته، همست:
- ها قد جئتك يا سعدي في الصورة التي تحب!
نظر إليها متعجبا، خطفت سؤاله من عينيه لتجيبه بحنو:
- قد تركت مضارب الرخاء وأتيتك ساعية لراحة قلبي يا ابن العم.
تلعثم لسانه، ازدرد ريقه، ثم بادلها الهمس:
- حللت أهلا بمضاربي يا حائزة القلب...
تغضنت ملامحها وتسلل الفزع إلى عينيها الدعجاوتين، امتدت سبابته إلى ذقنها، تشابكت النظرات، ليعاود الهمس في شجن:
- سأرضى بقربك ولو أربع دقائق... ثم ليقضي الله أمره!
مررت أناملها على سيفه متتبعة نقوشه ثم وقفت، ابتعدت ببطء تحفر خطواتها آثارا على صحراء قلبه، عند المخرج استدارت، ندت على ثغرها ابتسامة فخيل له أنها تكشف عن مغارة من اللؤلؤ، لحقها راكضا حين اختفت، تراءى له طيفها ممتطية حصانه يتربع عرش النجوم.
استيقظ فزعا، مسح حبات العرق عن جبينه بيد وبأخرى تناول كوب الماء، تنهد بعمق ثم أخذ يلملم أوراق روايته التي كان يقرأها على مسامعها قبل أن يسلبه النعاس إلى عالمه، تذكر الهاتف! بحث عنه بجنون ليجده طريح الأرض، سيرسل لها اعتذارا مع قلب أحمر وسترضى كالعادة، تفاجأ برسالتها هذه المرة:
- إني أراك متعلقا بهذه القصة يا ابن العم... وإني لأخشى أن تكون نهاية قصتنا مثلها!
وضعت فواصل ضاحكة ثم أتبعتها بكلام فطر قلبه،
- لا بأس يا ابن العم... أنت كاتب بارع لن تحتاج لمن يخلد قصتنا... خلدها بقلمك... هذه وصيتي.
•••••••
فضيلة نويقس/ الجزائر
2022/03/17