زمرة الأدب الملكية

ما أكثر الأقلام إن فتشت محصيها،، فيها العلم وجلها غثاء من حطب،، وريشة الفهم إن جئت تطلبها،، فدواتها نحن عرين زمرة الأدب..

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

سيدة الحب.. بقلم الكاتبة/هبة إمام.


 "سَيّدة الحُب"

عندما تفتح الشمس عينيها على العالم؛ تصحو هي من أرقها...

تُزيح ستائر العُتمة، وتُشَرّع شبابيك النور من حُسن مآقيها، كي يتشرب الكون من فيض ألقها.. فهي والشمس رفيقتان منذ الأزل، ولولا فَرْق التوقيت بينهما لقُلتُ أنَّ الأنوار تستمد سناها من ضوء جبينها، وسِعة قلبها وإشراق روحها المُتَدفق.

 رُوحٌ إنسانية تَفيضُ بالحبِ في مَطلَع كل يوم، كي تتجدد الدماء في قلب البسيطة، ويملأ الكون رئته من أنفاسها؛ فيستنشق بذلك هواءً نقيًا مُحَمّلاً بنسماتِ الرحمة، وفيض من الحنان الدافئ؛ ذاك الذي يُذيبُ كل قسوة، ويحولها إلى لينٍ ونعومةٍ، فينهمرُ شَلال الحرير بدلًا من إبر الشَوك ونتوءات الحجر. 
ألفٌ وميمٌ؛ حرفان من طمأنينة وشَدّةٌ من خيال، تعطي بين الفينة والأخرى دروسًا للإنسانية في التضحية والإيثار؛ المُنزهان عن كل أنانية، والخاليان من كل شكٍ أو انتظار. 

أَحَبْتنَا صِغارًا مُنذُ أن كنا قطعة لحمٍ مُتكورة داخل رحمها، بأمر الملكوت كُنا، وبحكمة التقدير كان؛ حبٌ فطريٌ، نَتجرعهُ مع الحليب، مولودٌ معها، وكائنٌ مدى الحياة، لا يتغير ولا يتبدل، مهما تغيرنا نَحْنُ وتبدلت بنا الأحوال!

عيونها واحة مُقَدسة؛ لا ترى بنا عيبًا، ونحن المثقوبون من كثرة الخطايا والآثام، حملتنا وفَصَلتنا أبناء ثلاثين شهرًا، وحملت أثقالنا ثلاثين دهرًا أخرى، مادام الظهر قادرًا على الحِمْل رغم انحنائه، تتحمّل مادامت تخطو في درب الحياة ما استطاعت.

احنت ظهرها لاستقامة ظهورنا ورفع هاماتنا، أقامت ليلها وعدَدَت نجومه لننام هانئين مِلء الجفون، لا تشكو ولا تمل، لا تتذمر ولا تتراجع عن رسالتها التي تَعدل ميزان الكون، وتَغمُر الأرض نَسلًا وحُبًا. 

ورغم أنها بنت الطين البشري؛ إلا أنها أقرب للملائكة ،تُحَلِق في السماء بجناحين من عطاءٍ وبذلٍ، قدسية التكوين نورانية الجوهر والمظهر، صورةٌ ثلاثية الأَبعاَد للجنة . عند أعتابها تُشرق الآمال وتغرب جُل الآلام، يتدفق على راحتيها الإلهام وتَتقد شُعلة الإيمان، تُبَدد كل ظُلمة، وتُشعل قنديل الحياة للصغار والكبار، وَتَد خيمتنا الذي يُثَبت الأرض كي لا تميل من تحت أقدامنا، من مدرستها تَنسَلّ حمائم الرؤى ليُشرق العالم بالعلم والنور، وتضع حجر الأساس لصرح الحضارة المُتكئ بثقلهِ على عاتقها. 

رضاها مقرون برضا الرحمن، وتحت قدميها تسير الجِنان، فيا سعده من فَازَ بالبِر وحَازَ الرضا! كي يسلم ويغنم في دنيا الفناء ودار البقاء. 

وعندما تُسلم الروح إلى بارئها؛ تَنعِي ملائكة السماء ملاك الأرض، وتنبهنا كي نستفيق من سكرة الفراق ونشمر عن ساعدينا، كي نبدأ معركة الحياة القاسية بعد الفَقْد المُرّ، الفَقْد المُبَلل بملح الدموع، التي لا تَكفِ ليبرد القلب الذي أصبح من بعدها مَقبرة... 

يتردد صدى الكلمات عالياً: ماتت من كنا نُكرمكَ من أجلها، فاعمل عملًا نُكرمكَ من أجلهِ!
فاللهم بارك لنا هالات النور التي تُضيء ظلام الحياة، وتُمهد لنا الطريق كي نحيا ونعمل ونُحِب، دون أن ننتظر لمسعانا مقابل. 

الحُضن الذي يَسع الجميع، فلا يضيق مهما ضاقت بنا الأمكنة، فيكفينا من هذه الدنيا سكر دعواتها الذي يستحيل كل مرارة ،حتى يسيل الشهد من عِرْق الصَبّار. ففي براح راحتيها نأكل أرغفة حزننا فرحًا ساخنًا؛ نقتات عليه مدى الحياة!
"وحدك تزرعين الورد
تحصدين الحب 
تكنسين الخطايا...
أُمّي"...

هبة إمام. 

عن الكاتب

زمرة الأدب الملكية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

المتابعون

Translate

جميع الحقوق محفوظة

زمرة الأدب الملكية