هاد قد خرجت من المحرقة الحقيقية، لقد حرقت كل شيء متعلق بالماضي، لقد أكملت حتى الوحدة التي توهمنا أن هناك أحدهم أمامنا وأنه أصبح معنا على نفس الطريق، لم أترك إلا الخلوة وهي قبالة ما أراه، ما أراه وترى من صور الفهم الدقيق، تلك الصور التي تفتح لنا أبواب الخروج من الدنيا، تلك الصور التي تقزم الوهم وتفتح لنا أبواب القبول، لقد أحرقت كل تلك التي الأفكار التي تجعلني أفكر بماذا أفعل غدا، لقد جعلتها رمادا و حررتها في الكون وتركتها للمدبر.
أيتها المحرقة أعطيت لك كل أحزاننا وجل مخاوفنا، نحن نمضي نحو الفراق، نحو الفراق المرفرف، نحن لسنا متألمين لحرق كل ما مضى، نحن المتمرجلين في أرض اليوم و في أرض الحاضر، لا تظن أننا نفكر في الوجود الموجود أمامنا، فالتفكير في الوجود الموجود مدعاة للأسف، وإن حدث أن إلتقيت بنا وصرخت قائلا : العودة.. العودة فنحن ذهبنا دون رجعة أو إلتفاف وحين حرقنا كل شيء قلنا : الوداع.. الوداع.
في الوداع، عند الوداع ودعنا المحرقة، ورغبنا رغبة ضمأ الشوق في شرب قطرة السماء على سطح السماء، في رؤية النجم الذي بيننا وبينه طيف، في تخطي الزمن والمكان، حقا نريد الخروج من جحيم الوجود ومن كل مكنونته الفانية، حقا هناك علاقة للفراغ الذي ليس ككل الفراغ، هناك أمل يثقب حجر، إنه أمل المحاولة بين موكب المحاولات الفاشلة.
إنه أمل غارق فينا، غارقا فيك محاولا أن يستنجد بك، وهناك ما هو خفي في ذواتنا يدعى الإنقاض، ليس موجود وإنما واجد ضمن كل الوجود والموجودات الظاهرة والخفية في نفس الوقت، كلنا أشبه بالغريق والكل لا يفهم حين يستسلم ظهور هذا الأمل، وهو الوحيد القادر على أن يمضي بنا نحو شاطىء الآمان، إنه معنا دائما، إنه يبقى فينا حتى ينتهي إجتيازنا ذلك الإختبار النهائي والذي يبقى فينا، وإن ذهب عنا يوما حينها سيجرنا مرة ثانية إلى العودة: العودة للمحرقة.
•••••••••••••••••••
Habibe Madadi / مدادي