زمرة الأدب الملكية

ما أكثر الأقلام إن فتشت محصيها،، فيها العلم وجلها غثاء من حطب،، وريشة الفهم إن جئت تطلبها،، فدواتها نحن عرين زمرة الأدب..

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

(طحين) بقلم القاص: "عمر حمش" مع قراءة نقدية بقلم/الناقد: رؤوف حدو.


 النص:

طحين

،،،

عندما مرّ ؛ راودني إحساسُ أنني أعرفه .. 

القامةُ المديدة؛ وإن انحنت .. الشعر الفحميُّ؛ ولقد تجعّد .. ونادتني ذاتُ الحدقتين.

 قلتُ: من؟

 واستدعيت الزمانَ، وانهالت الصورُ، وظللت عاجزا عن التقاطه .. 

وقف يتأملني، ثم همس، وهو يشدُّ على يدي:  

تغيرتَ كثيرا.

وصحتُ: إبراهيم!

وجاءتني اخرُ صورةٍ؛ وهو عائدٌ مطأطئا، ويقول: 

هربنا من الجبهة؛ وعبروا.

وعاد عويلُ النساء.

والسماءُ أظلمتْ.

وعدتُ أصيحُ: إبراهيم!

وكانتْ عيناهُ المنطفئتان تعتصرانِ قطراتِ اللّهب.

وهو يقول: 

الآن ليس في بيتي عجنةُ طحين.

--

بقلم القاص:

"عمر حمش"

_________

القراءة:

القاص مصور فهو يلتقط الحدث من خلال صورة، فيبث الحركة فيها ليجعلها كائنا يتحدث عن نفسه، والمصور الحذق هو ذاك الذي يختار بعناية زاوية التصوير، ولست أقول يكفي أن تقف أمام صخرة لنفهم أنك تتحدث عنها بل الماهر من يتكأ أو يضع يده على نفس الصخرة ليلتقط من خلالها صورة ليس المراد بالضرورة إظهارها، ثم الماهر ليس من يكتفي بالتقاط الصورة كيفما كانت ليعلقها او أن يكتفي ببرواز فاخر يغطي به على جودة التصوير الضئيلة. فالصورة أحيانا تأتي من دون زوم أو فوكس وأحيانا بعيدة جدا أو قريبة جدا.

نادتني ذات الحدقتين: دعتني كاميراي لالتقط الصورة، حدقة العين تتسع في الظلام وتضيق أمام سطوع الضوء، ولكن هذا جزء من الحقيقة، فالحدقة تتسع أيضا في حالات أخرى، فالعين مظهرة لماخبئ في الداخل والحدقتان مكون واحد جمع شيئين مقرب تارة ومبعد أخرى.

حدقة العين أشبه بمرآة صادقة لعواطفنا: فهي تتسع حالما نشعر بالخوف، أو الغثيان، أو نشعر بالسعادة. ومن المعرف أن حدقة العين تتسع كثيرا في الظلام لتتمكن من التقاط أكبر كمية من جزيئات الضوء.

نادتني ذات الحدقتين لكن الصور انهالت، أخذت آلة التصوير تعمل من دون توقف، لكن الصورة التي أردتها لم تأتني، مع كل إغماضة عين تحميض لواحدة.

كان لابد أن أغير زاوية الرؤية لأحصل على الصورة المرادة بالجودة الكافية.

وأتت آخر صورة؛ اتسعت الحدقة لتظهرها بزوم مناسب وفوكس مناسب، مقللة التشويش. ثم تنغلق العينان كستار يغلق على مشهد، وتتقاطر منه نقاط لهب.

ينفض يديه كما الخباز حين الانتهاء من العمل: لم تبقى عجنة طحين واحدة مع أن الفرن به نار، وستأكل النار نفسها.

،،

بقلم الناقد:

"رؤوف حدو" 

عن الكاتب

زمرة الأدب الملكية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

المتابعون

Translate

جميع الحقوق محفوظة

زمرة الأدب الملكية