زمرة الأدب الملكية

ما أكثر الأقلام إن فتشت محصيها،، فيها العلم وجلها غثاء من حطب،، وريشة الفهم إن جئت تطلبها،، فدواتها نحن عرين زمرة الأدب..

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

«آلهة مصرية قديمة» بقلم الكاتب: "سيد جعيتم.


«آلهة مصرية قديمة»

••••

(المقالة الأولى)

أحاول إلقاء بعض الضوء على الآلهة المصرية القديمة التي كانت تمثيلاً للظواهر الطبيعية والاجتماعية ، فالحضارة المصرية القديمة قائمة علي التدين، ونرى الآلهة والإلهات في كل جوانب الحضارة المصرية القديمة، ويوصف الإله بأنه ثابت وواثق فالآلهة سادة الحياة ، عظماء أقوياء طيبون رحماء نبلاء عادلون يتجلون مثل الشمس.

(١)

الإلهة نية/ نيث

(الأم العذراء) الخفية

إلهة الحرب والصيد

معنى كلمة «نية» في المصرية القديمة: (هي أو الموجودة – أو التي وجدت).

تُسمى الإلهة «نيّث» في النصوص الفرعونية بـ «سيدة الغرب»، وتكتب «نية أو نيث»، وهي طبق للنصوص الفرعونية المختلفة تمثل إلهات متباينة، والتي ولدت في عصور مختلفة، ومراحل متعددة من الحضارة الفرعونية، وترتبط عبادة «نيث» بتشخيص على هيئة بِركة الماء الأولية التي ظهر منها إله الشمس- رب الأرباب الفرعونية «رع»، وتصوّر عادةً فوق رأسها «كرمز لمكوك النول»، كما تُعرف بأنها ربة الحرب حيث كانت تصور إنسان بالكامل لكنها كانت تحمل درعًا عليه سهمان

متقاطعان ويعد الدرع الذي يحمل سهمين متقاطعين هو الرمز المادي المقدس للإلهة «نيت».

ظهرت عبادتها من عهد الأسرة الأولى، كان مركز عبادتها في دلتا النيل الغربية في المقاطعتين الرابعة والخامسة، وكانت الإلهة الحامية لساوى «سايس» عاصمة المقاطعة الخامسة من مقاطعات الوجه البحري (صا الحجر الحالية)، وقد امتدت عبادتها في كل البلاد المصرية، وهي الأم العظيمة للإله (رع).

 وقد أصبحت فيما بعد على رأس الثالوث الذي كان يتألف من «أوزير» الزوج في «منديس» (تل الربع)، ومن ابنيهما «أرى- حس- نفرا» الذي كان يمثل على شكل أسد وديع.

قيل عنها:

ـ ولدت في الأول، في الوقت الذي لم يكن قد ولد فيه أحد. وقالت عن نفسها:

ـ تقول: لقد خلقت من ذاتي

كانت نيت واحدة من الآلهة الثلاثة المسيطرين في المدينة القديمة تاء سنية أو أيونين (المعروفة حالياً بأسنا)، والتي تقع على الضفة الغربية لنهر النيل، نحو 55 كم من مدينة الأقصر، في محافظة قنا.

ولأن نيت إلهة الحرب والصيد فإن شعارها كان (سهمان متقاطعان على درع)، وتذكر أيضًا على أنها إلهة شرسة، فهي أنثى بشرية ترتدي تاجا أحمر وتحمل القوس والسهم وأحيانًا الحربة، وتم وضع هذا الشعار على قمة رأسها عند تصويرها، وكانت بشكلها كألهة للحرب تعتبر صانعة لأسلحة المحاربين وحارسة لأجسادهم عند موتهم.

وصولجان الرأس فوقها يعتبر رمزاً للحكم والسلطة) وعلامة عنخ (رمزاً الحياة).

وقد ظهر أول تمثيل مجسم بشري لها في فترة الأسرات المبكرة، على إناء الديوريت للملك ني متر من الأسرة الثانية، الذي وجدت في هرم زوسر (الأسرة الثالثة) في سقارة، وقد تم تأسيس مركز عبادة نيت الرئيسي في الدولة القديمة في ساو (صالحجر الحالية) بواسطة الملك حور عحا من الأسرة الأولى، في محاولة لجذب سكان مصر السفلى لقبوله كحاكم لمصر الموحدة حديثاً، وكان لها معابدها الخاصة في منف العاصمة مما يشير للمكانة السياسية الرفيعة التي كانت لها، وظلت (نيت) مهمة وإن كان بدرجة أقل، في الدولتين الوسطى والحديثة. ومع ذلك، استعادت عبادتها أهميتها السياسية والدينية خلال الأسرة السادسة والعشرين عند ازدهرت مدينة سايس، وكذلك شاعت عبادتها في هذا العصر في إسنا في صعيد مصر.

في بعض أساطير الخلق، تم توصيفها على أنها أم (لرع وعيب)، وعندما أضيف عليها أوصاف أنها إلهة مائية، كانت تعتبر أيضا أماً للإله سبك (التمساح). وكان هذا الارتباط مع الماء، أي النيل، أدى إلى اعتبارها أحيانا زوجة للإله خنوم، وربطها بمنابع نهر النيل. وكانت مرتبطة مع سمك البياض النيلي، "فقد تصوَّر المصريون الأقدمين أن الكون بدأ غمرًا ويمًّا هائلًا مظلمًا، أطلقوا عليه اسم (نون) وإن من (نون) خرج إله الشمس (رع) بقدرته وحده، لينشر الضياء والحرارة على الأرض، من أجل ظهور اليابس، وتكون التربة صالحة للزراعة،

وباعتبارها إلهة للخلق وللنسيج، كان لها أن تجدد العالم على نولها يوميا. ويسجل جدار داخلي للمعبد في إسنا سرداً للخلق نيت وهي تخرج في بداية الخلق أول أرض (التي سميت بعد ذلك بالإله تاتنن) من المياه الأزلية (نون) في بداية الخلق، وكل ما تتصور في قلبها يأتي إلى حيز الوجود بما في ذلك ثلاثين إلهاً. ومع عدم وجود زوج معروف لها وصفت بأنها «الإلهة الأم العذراء»:

وقيل إن نيت تدخلت في الحرب الملكية بين حور وست، على العرش المصري، وأوصت بأن يحكم حورس.


(٢)

آتوم

 ( الإله الخالق )

واحد من أعظم الآلهة المحلية وأحد أهم المعبودات في الميثولوجيا المصرية التي كانت تعبد في الدلتا، سمي ملك الأرباب، والمظهر الأول لرب الشمس جاء على رأس التاسوع المقدس (تاسوع أون) والتاسوع يمثل أعلى الآلهة المصرية القديمة وهي العائلة اللي تمثل بدء الخليقة وصراع الخير والشر، وكانت مدينة هليوبوليس (عين شمس المقاطعة الثالثة عشرة) مركز عبادته.

(آتوم )اسمه يعني التام أو الكامل وينظر إليه على أنه الإله الأزلي الأكبر والأقدم، الأول والتام ويوصف بأنه ذكر وأنثى (ويعتقد أن هذا أحد أسباب وصفة بالكمال)، وأنه الرب الخالق للكون خلق نفسه بنفسه على قمة التل الأزلي وأوجد نفسه من العدم، وهو يجسد التل الأزلي نفسه الذي خرج من المحيط الأزلي (نون)، معلنًا بدء الوجود والخليقة وقد تمثل ذلك في الحجر (بن بن) الذي كان مقدسًا في عين شمس منذ بداية العصور التاريخية ثم تطور بعد ذلك إلى هيئة المسلات.

ووفق مذهب هليوبوليس فهو خالق العالم، ثم قام بخلق (شو الهواء وتفنوت الرطوبة ) عن طريق البصق أو المني، وتزوج شو بتفنوت وأنجبا أربع آلهة أخرى وهم إيزيس وأوزوريس وست ونافتيس ، ووفق مذهب (هرموبوليس) فإن (آتوم) خالق للثامون الأزلي.

وقد لعب (آتوم) دورًا بارزًا في جميع مذاهب الخلق، فيذكر مذهب (منف) أنه قد تم خلق المعبودات عن طريق فم (آتوم)، الذي ظهر فوق التل الأزلي في صورة المعبود (رع) بهيئة الطائر الأسطوري العنقاء (بنو)، وقد ارتبط اسمه مع عدد من كبار الآلهة المصرية، مثل رع، وبتاح، وفي النهاية مع أوزوريس، ليشكلا أسطورة نشأة الكون.

وصف على شكل رجل يرتدي الزي الملكي وأحيانا يرتدي التاج الأبيض والأحمر تاجي مصر العليا والسفلى، وفي بعض الأحيان يرسم على شكل أفعى، يمسك بيده اليمنى الصولجان الطويل وبيده اليسرى رمز الحياة (عنخ) يحمل رب الشمس الطفل داخل القرص، و لارتباطه بالشمس ورب الشمس، فإنه قد صوّر في صورة جعران أو يرسم على إحدى هيئات) نمس، أسدا، ثور، سحلية، القرد).


(٣)

الإله (رع)

ملك الآلهة/ رب الدولة والعرش

ظهرت عبادة (رع) في كل جوانب الحضارة المصرية القديمة، ورغم وجود أعداد لا تحصى من الآلهة إلا أن (رع) ظل على رأس الآلهة الرئيسية وقد توحدت فيه معظم صفات الآلهة، وقد أجريتُ مقارنة بينه وبين زويس كبير آلهة الأوليمب فوجدت أنه لا مقارنة ف (رع) أفضل بكثير، وبما أن (رع) إله الشمس فقد دلل على قيادته للآلهة بتمثيله على هيئة رجل يرتدى تاج الفرعون ويحمل على رأسه قرص الشمس وله رأس صقر أحيانًا، وقد انتشرت عبادة الشمس منذ عهد الدولة القديمة، ولعل السبب في ذلك أن ملوك الأسرة الخامسة الذين حكموا من عام 2560 ق. م إلى 2420 ق. م ينتمون إلى كهنة (رع)، وقد أرتبط البشر، منذ فجر التاريخ، بـ(الشمس)، فكانت الإله والمقدس الأول عبر الحضارات، حتى أصبح عدم سطوعها فال شؤم، ولم يقتصر ذلك على مصر القديمة فقط بل في جميع حضارات أهل الأرض قديما، وقد اعتبر المصريون القدماء كسوف الشمس على أنه صراع بين الثعبان (أبوفيس) وإله الشمس، حيث يرمز الثعبان للشر والفوضى، ويحاول جاهدا إغراق المركب الشمسي الذي ينقل الشمس، إلا أنه يفشل في كل مرة، وساد الاعتقاد أن لـ(راع) رحلة كل ليلة في مركب الشمس المقدسة إلى العالم التحتي (دوات) يكافح فيها ضد قوى الفوضى تحت الأرض ويعبر رع خلال تلك الرحلة 12 بوابة تمثل 12 ساعة هي عدد ساعات الليل (من 5 مساء وحتى الخامسة صباحا) لتسطع الشمس في الصباح من جديد على العالم، فتهرب الأفعى الكبيرة (أبوفيس) وهي من آلهة الفوضى والشر ويساعده في الرجلة الإله) ست) حيث يقف على مقدمة المركب ويهدد الأفعى (أبوفيس) برمحه حتى لا تقترب.

وطوال الألف الثانية ق. م كان اسم (رع) يضاف إلى اسم كل إله تقريباً (أمون رع، خنوم رع، سوبك رع، منتو رع… إلخ) لإضافة قوة وتقديس على هذه الآلهة، وقد اعتقد الإنسان المصري القديم بأن هناك آلهة لكل شيء، للسماء وللأرض وللشمس وللقمر وللنجوم


وللرياح حكوا عنها أساطير، ف (رع) إله الشمس من نسل أبيه (نو) وأمه (نون)، ابنته (حتحور/ سخمت)، أبنائه (شو، تفنوت، باست) ويجب أن نلاحظ أن نفس الأبناء أحيانًا ينسبون لغير رع، وبما أن (رع) إله الشمس والسماء فقد كان يمثل القوة والطاقة وهو خالق كل شيء حي، أوجد جميع المخلوقات عن طريق استدعائها بأسمائها السرية، لكنه خلق الإنسان من دموعه وعرقه، وأنه خلق نفسه بنفسه.

وكانت مدينة (أون) هي مدينة الشمس بالمصرية القديمة أو بالإغريقية هليوبوليس كما أسماها اليونانيون، كانت مركز عبادة الشمس وهي مدفونة تحت ضاحية عين شمس ووفقا للمعتقدات المصرية القديمة تقوم المدينة على الموقع الذي بدأت فيه الحياة، رمز لـ(رع) بالمسلات في هليوبوليس وفي الكرنك، من ضمنها مسلتان من حتشبسوت، واحدة منهما في باريس وقد بنى له رمسيس الثاني بهو الأعمدة بالكرنك، وشيد له معبد أبو سمبل.


(٤)

(آمون رع) المخفي/ المحتجب

ملك الآلهة المصرية

إله السماء والخصوبة والرياح ووالد الفرعون ذاتي الخلق ليس له أب أو أم، والذي ينصت الجميع لنصحه وتعاليمه، نصير الفقراء، وحامي الضعفاء، حامي العدالة، اندمج مع المعبود (رع) تحت اسم (آمون- رع)، وبذلك رُبط آمون بعقيدة الشمس، وكان الإله الرسمي للدولة منذ الأسرة الثانية

عشرة، واستمر كذلك معظم فترات التاريخ المصري القديم.


في مصر القديمة كان يوجد إله أو أكثر لكل مقاطعة فالفكرة الدينية الأساسية كانت واحدة في كل أنحاء القطر، ولكن الخلاف في كيفية عبادة كل إله، وكما قال الأثري سليم حسن (لا نكون مغاليين إذا قلنا إنه يوجد في مصر على وجه عام ديانات بقدر عدد المقاطعات).

مركز العبادة الرئيسي لآمون

رع: مدينة طيبة فهو ربها ورأس ثالوثها، وعضو ثامون الأشمونين (طيبة القديمة حالياً مدينة الأقصر في جنوب مصر) ومعنى صفة المخفي التي أطلقت على آمون كما ورد في متون الأهرام (الخفي/ الباطن/ السري/ الغيبي) فلم يكن الإله وحده خفيا، بل إن اسمه خفي أيضا وأن شكله لا يمكن إدراكه لكماله المطلق، واختلافه عن كل الآلهة المصرية الأخرى، مما سهل له الترقي كإله أعلى، ورغم أنه كان إلهًا خفيا ألا أنه كان لاهوتي وبتوحده مع رَع، الشمس، جمع بين صفة الخفي والظاهر فتجلى للخلق، وبنفس المنطق كان ارتباطه بالإله ماعت مكونً لمفهوم العدل والتوازن في الكون.

وآمون مانح القوة البدنية الهائلة المخلوقات تم تمثليه كإنسان أو كبش، ويرمز له بعمودين رئيسيين، وقد تم مقارنة آمون برئيس الآلهة اليونانية والرومانية، (زيوس وجوبيتر).

ويوجد لوحي من عصر الدولة الوسطى (الأسرة الحادية عشرة) ورد بهما اسم (آمون) حيث ورد باللوح الأول عبارة (pr- Imn)، أي: (بيت، أو: معبد "آمون"). أما اللوح الثاني فقد سجلت عليه أنشودة موجهة إلى كل من الربة (حتحور) والرب (آمون) واللوح خاص بالملك أنتف الثاني (واح عنخ) عثر عليه بجبانة(دراع أبو النجا)، ومحفوظ الآن بمتحف متروبوليتان في نيويورك كما عثر على نقش في منطقة وأدى الحمامات من عهد الملك منتوحتب الرابع (نب تاوي رع)، ورد فيه اسم الوزير أمنمحات والذي انتسب فيه صاحبه إلى المعبود (آمون) إذ يعنى اسمه (آمون في المقدمة) وهو الاسم الذي حمله بعض ملوك الأسرة الثانية عشرة بعد ذلك، وقد شغل (آمون) مكانة المعبود الرسمي في مصر، منذ أن تمكن الملك سحتب إيب رع (أمنمحات الأول) من تأسيس الأسرة الثانية عشرة، فجعل منه المعبود الأول والرسمي للدولة، وعندما تمكن ملوك الأسرة السابعة عشرة من طرد الهِكسوس، وأسسوا الأسرة الثامنة عشرة أصبح آمون حامي مصر. وإلهها القومي

مثبتا مكانته فوق آلهة البلاد، فشاعت عبادته في النوبة وليبيا، ونسب إليه ملوك مصر كل انتصاراتهم وإنجازاتهم وأمجادهم وأغدقوا الثروة والعطايا والغنائم على معابده، وحل آمون محل الإله المحارب مونتو كإله رئيس لمدينة طيبة، وأصبح ملك للآلهة، وفي عصر الأسرة الخامسة والعشرين

كان كهنة أمون في مملكة بلانة (ناباتيا) وَمَرُّوهُ يتحكمون في جميع شئون الدولة، فيختارون الملك ويوجهون حملاته العسكرية، بل وأحيانا يرغمونه على الانتحار كما ذكر ديودورس الصقلي.


في شعائر عيد أپت، كان تمثالا أمون يحمل على قارب من الكرنك إلى طيبة (الأقصر) ليحتفى بزواجه من (موت) بصفته (كاموتو إف) لينجبا (خونسو) ليكتمل ثالوث طيبة، وهو في هذا الدور كان يمثل قدرة الخلق.

استمدت الملكة حتشبسَوَّتْ (ماعت كارع) قوتها من آمون، فعظمته وأعلنت أنها ابنته، وبنت باسمه معبدها في الدير اَلْبَحْرِيّ، وطبقا للاهوت الرسمي في الدولة الحديثة كان آمن رع (آمون رع) هو الذي يحكم مصر من خلال الملك، ويظهر مشيئته من خلال كهنته، ومع ازدياد أهمية الإله ازدادت قوة كهنته وسطوتهم ففرضوا سيطرتهم على الساحة السياسية، ووصل الحال إلى أن حكمت مصر سلالة من الملوك الكهَّان هي الأسرة الحادية والعشرين.

وقد استنسخ المصريين من آمون الكبير (الجد) عدة أجيال لنفس المعبود:

- جيل يتجسد فيه (آمون) في صورة حية، ذكرتها النصوص باسم (Ir- tA)، أى خالق الأرض، وتوصف هذه الحية بأنها (أبو الثامون)، وهذا يعنى أن (آمون) في صورة الحية (خالق الأرض) (ir- tA)، يمثل ابناً لآمون الجد، وأباً للثامون. ويلاحظ أن هذا الجيل الثاني لآمون يتفق تماماً في الصفات والخصائص مع (بتاح تا ثنن) وقد أخذ في صورته الجديدة هيئة المعبود (مين)، ويوصف بأنه: الرب الحي، رئيس الأرباب، ويتخذ لقب (حور، رافع الذراع).

ـ الجيل الثاني لآمون، هو المعبود الذي يتجه في موكب من معبد الأقصر عبر النيل إلى مدينة هابو في البر الغربي، حيث يقدم القرابين لأبيه (آمون كمْ أتف) .

- جيل ثالث يتمثل في (الثامون) كأبناء، وقد كان لهذا الثامون دور مساعد له في إتمام عملية الخلق.

وكان الهدف من ارتباط آمون بلقب (كاموت إف) هو ربطه بمفهوم الخصوبة بما يؤكد على النشأة الذاتية للمعبود، والتي تجعل من آمون حلقة وصل بين أجياله الثلاثة، وتربطه بالتالي بمذاهب الخلق الثلاثة السابقة عليه، فتربطه بالمعبود (بتاح) في مذهب منف في الخلق)، والمعبود (رع) في مذهب عين شمس)، وثامون الأشمونين (في مذهب الأشمونين وقد روج كهنته لصفة الخصوبة لتأكيد سيادة معبودهم.

سهلت طبيعة أمون الخفية اقترانه بالآلهة الأخرى، في طيبة ارتبط آمون بادئ ذي بدء (بمونتو) إلهها القديم، ثم جاء اقترانه (برَع) و تلى ذلك اقترانه بآلهة أخرى، فعرف بالأسماء (آمن رع آتوم و آمن رع مونتو و آمن رع حُراختي و مين آمن) و هنا تجب ملاحظة أن آمون لم يكن يندمج في الآلهة الأخرى لخلق إله جديد، بل كان اقترانه توحدا للقدرة الإلهية. 

    رغم أنه لم يكن له أب أو أم ألا أنه كانت له زوجة تدعى أمونيت، وهي الصيغة المؤنثة لآمون، ولكنها غالب ما كانت تعرفا بالاسم موت، وكان لها رأس إنسانة مرتدية التاج المزدوج للوجهين القبلي والبحري.

في عصر تحوتمس الرابع من الأسرة الثامنة عشرة بدأ التمرد في الخفاء على كهنة أمون وبدأ تقديس صورة مجردة للشمس تتمثل في

آتَن (آتون فيما بعد)، بالظهور وقد وجد نقش لأحمس مؤسس الأسرة يمتدح آتن عندما يسطع، وصلت عبادة آتن إلى الأوج عندما حرم الملك أمنحتب الرابع، الذي أصبح الملك الموحد أخن آتن (أخناتون) عبادة أمون، لكنه فشل في القضاء على سطوة كهنتة الأقوياء، فعادت الديانة القديمة إلى ما كانت عليه بعد موته ودمرت آثارا ومعابد آتن.


(٥)

معركة الآلهة

ستكون الحلقة الخامسة على عدة أجزاء

الجزء الأول من الحلقة الخامسة:

ارتبطت الديانة المصرية القديمة ارتباطًا وثيقًا بعلم الفلك وحركة الكواكب والشمس والقمر والنجوم، وفي بعض الأحيان بالسحر والأساطير، وأقدم أشهر هذه الأساطير وهي الأسطورة الملحمية للصراع بين الآلهة في قصة ( إيزيس و أوزوريس) والتي شملت الآلهة( ست)( حورس) (نيفتيس) (أنوبيس) كأبطال رئيسيين علاوة على مشاركة آلهة أخرى في الصراع.

بلا شك فإن الفن المصري القديم وفن الشرق بصفة عامة كان سابقًا لكل فنون الشعوب الأخرى، فلم تقتصر فنون المنطقة على الرسم والتلوين والنحت بل كان لنا السبق في فنون كتابة الأدب المختلفة (الروايات والقصص القصيرة والأغاني والموسيقى) وكذا فن التمثيل ( التشخيص)، كانت في مصر القديمة مسارح بها كل تقنيات عصرها من خشبة مسرح وستارة وخيال الظل للمشاهد الخلفية ومؤلف ومخرج وديكور وممثلين وعمل مصرح واخصائي مكياج وملابس ، وكانت هناك مسرحيات في المعابد تحت إشراف الكهنة، وقد عرف كهنة معبد أمون في مدينة طيبة فن تشخيص الروايات والقصص الأدبية بصورة مدعومة بالشعر والموسيقى أمام جمهور من الصفوة (الأمراء والنبلاء والحكام) قبل ما يعرف هذا الفن في بلاد اليونان بقرون كثيرة، كما كانت هناك مسارح شعبية تمثل رواياتها بين العامة في الهواء الطلق خاصة في الحقول في مواسم الحصاد في قرى ومدن مصر، وكان الممثلون يتجولون لتقديم عروضهم في كافة أنحاء القطر المصري ومنهم ا(راقصين وموسيقيين) والروايات كانت قصيرة لا تتعدى اكثر من عشر دقائق، وقدم قدماء المصريين فنونا مسرحية وجُدت نقوشها بالمعابد والمقابر، والفن المصري القديم يعتبر مصدرًا للاتجاهات الفنية الحديثة .

يقول المؤرخ الإغريقي هيرودوت (٤٢٥ ق.م.) إن كهنة أمون كانوا يعدون ساحة المعبد في الأعياد والمناسبات الدينية لتقديم عروض تشخيصية، خاصة في تشخيص الصراع بين ( أوزوريس و ست) فكان أحدهم يقوم بدور إله الشر (ست)، وأخر بدور الإله الطيب (أوزوريس) وغيره بدور إله التحنيط ( أنوبيس) ويتطلب دور الإله ( حورس) لطفل لمرحلة الصبا ورجل لمرحلة الشباب، وتلعب النساء أدوار (إيزيس ونيفتيس) ويدعم العرض بالموسيقى، ويؤكد الدكتور سليم حسن ذلك في موسوعة مصر القديمة، قد عثر العالمان كورنتس عام( ١٩٣٢ م) وكورت (١٩٣٨ق م) على برديات لنصوص مسرحية لعروض تتكون من أربعين مشهدًا خاصة بمأساة( إيزيس) وبحثها عن جثة زوجها فى كافة أقاليم البلاد، وصراعها مع ( ست) الذي يحاول منعها من إلتقائها بزوجها ( أوزوريس).

نبدأ بملخص عن أسطورة (إيزيس و أوزوريس)

أخذت معظم العبادات في الديانات المصرية القديمة أصولها من هذه الأسطورة.، ولم تحز أسطورة مصرية قديمة بما حازته، فهي أسطورة الموت والبعث بعد الموت، وتدور حول جريمة قتل( ست) لأخيه (أوزوريس) واغتصاب العرش مما يدل أن بعض الإلهة كانوا حكامًا على الأرض، وتركز على وفاء زوجته الإلهة ( إيزيس) وقيامها بتجميع أشلاء جثة زوجها بعد أن قطعها (ست) إلى اثنتين وأربعين جزءًا، ووزعها على أقاليم مصر، ثم

 ( إيزيس) وحملت ( حبلت) من (أوزوريس) بعد تجميع أشلائه وعودة الروح إليه وأنجبت ( حورس) لصبح (أوزوريس) ملكًا في مملكة الموتى. 

سأحاول إلقاء الضوء علي أعمال ومواصفات الآلهة أثناء ذكر الأسطورة ثم أورد ذكر بعض الصفات الخاصة بكل شخصية التي لم ترد في الرواية عند ذكرهم منفصلين.

(أوزيريس / أوزير)

 إله البعث والحساب والقوة المانحة للحياة.

 رئيس محكمة الموتى.

من آلهة التاسوع المقدس الرئيسي في الديانة المصرية القديمة، حل مكان الإله القديم (خنوم) الذي كان يعبد في بلدة تسمى (سيد – زد)، ويصور على شكل تيس ثم تقمص الإله (أوزير/ أوزوريس) شكل التيس، وأطلق عليه روح (سيد – زد)، وهذه المقاطعة كان يرمز لها بإلهة على شكل سمكة الدرفيل (حات – محيت)، وتقديس هذه السمكة في تلك الجهة

 دليل على أنها كانت تدرج في النيل وأن الماء المالح الذي تعيش فيه هذه السمكة كان يصل إلى هذه الجهة، وتوجد في دمياط إلى يومنا هذا، وحل أيضًا مكان إله قديم آخر يدعى (عنزتى) ببلدة (زدو) (أبو صير حاليًا)، وكانت عاصمة المقاطعة التاسعة مسقط رأس إله النباتات العظيم (أوزير).

(أوزير) هو بكر إله الأرض (جب) ويسكن في أعماق الخصب، فيخرج الزرع والأشجار وكل الثمرات المختلفة الألوان، وهذا هو المظهر الذي تتمثل به روحه على سطح الأرض. أما الرمز الذي تتقمص روحه في هذه البلدة فهو جذع شجرة قد شذبت فروعها، فأصبحت على هيئة وتد، وعندما كان يفيض ماء النهر ويطفو على الأراضي ويغطيها، كان الفيضان يرمز لغرقه، تخلص زوجته الإلهة (إيزيس)جثته من الغرق بمساعدة أختهما الإلهة (نفتيس)، وبذلك ينتعش «أوزير» ويحيا حياة جديدة بمفعول السحر، ولأن والده إله الأرض (جب) قد أمر بذلك، ومنذ ذلك العهد كان «أوزير» عاملًا فعالًا في نمو النباتات وجعلها مثمرة يانعة، ولذلك يعتبر إله النيل كما جاء في متون الأهرام.

في بداية الأسطورة، يحكم (أوزوريس) مصر حيث يرث المُلك من أجداده الذين يمتد نسبهم إلى خالق العالم، الإله (رع أو أتوم ) وتزوج من أخته (إيزيس) وهما وأخيه ( ست) من أبناء إله الأرض (جب) وإلهة السماء (نوت ) يرتبط ذكر (أوزوريس) بالقوة المانحة للحياة، والنظام الملكي القويم، وحكم ( ماعت) الذي يقوم على النظام المثالي الطبيعي وعلى النقيض من ذلك يمثل (ست )العنف والفوضى والصراع بينهما يمثل صراع بين النظام والفوضى، والخلل في الحياة الناتج عن الموت .

 أشرفت (إيزيس) على تربية أبنها (حورس ) الذي أصيب بالتسمم وعملت على علاجه بالرقى السحرية حتى شفي ثم عملت على تقويته حتى شب ودخل في صراع عنيف مع عمه ( ست) إلى أن تم له الانتصار، وتم إحياء أبيه ( أوزوريس) ثم قام ( أنوبيس) بتحنيط الجثة للحفاظ عليها، لتكتمل الأسطورة التي يرجح أنها جريت في القرن الرابع والعشرين قبل الميلاد ويصبح (أوزوريس) ملكًا في مملكة الموتى .

وقد ذكرت الأسطورة التي شاعت بين عامة الشعب المصري لأول مرة في نصوص الأهرام الجنائزية على جدران غُرَف الدفن بالأهرامات بنهاية الأسرة الخامسة خلال القرن الرابع والعشرين قبل الميلاد، وتكررت عناصر القصة في نصوص التوابيت التي ترجع إلى الدولة الوسطى ( ١٦٥٠-١٥٥٠ ق م) وأيضًا بكتاب الموتى العائد إلى الدولة الحديثة (١٠٧٠-١٥٥٠ ق م ) وكذا في النصوص المصرية القديمة، بدءًا من النصوص الجنائزية والتعويذات السحرية ووصولًا إلى القصص، لكن لا يوجد مصدر يعطي فكرة كاملة وافية عن الأسطورة، التي اختلفت أحداثها باختلاف المصادر وعصور روايتها، كما تم تجسيد الأسطورة تمثيليًا في( تمثيلية منف) الموجودة على حجر شباكا، وربطت التمثيلية نظام الملكية الذي يمثله (أوزوريس وحورس) بالإله) بتاح( خالق منف، وقد ساد الاعتقاد أن هذه التمثيلية ترجع إلى الدولة القديمة( ٢١٨١-٢٦٨٦ق م)

واعتبرت التمثيلية من مصادر المعلومات حول المراحل الأولى في تطور الأسطورة، وفي سبعينيات القرن العشرين، رجح علماء المصريات أنها تُنسب إلى الدولة الحديثة .

وفي الأسرة العشرين(١٠٧٠- ١١٩٠ق م) سجلت حلقات الأسطورة أيضًا في كتابات هدفها الترفيه، وقد أورد ذكر القصة كثيرًا من الكتاب اليونان والرومان القدماء، وأيضًا ذكرها هيرودوت في القرن الخامس قبل الميلاد في وصفه لمصر في عمله المعروف باسم التواريخ، وبعدها بأربعة قرون، ألحق ديودور الصقلي ملخصًا للأسطورة في عمله المعروف باسم المكتبة التاريخية وفي أوائل القرن الثاني بعد الميلاد، كتب بلوتارخ القصة الأكثر أكتمال وقِدمًا عن الأسطورة في كتابه حول العادات والأعراف الذي يعتبر تحليلًا للمعتقدات المصرية القديمة.

ورد بنصوص الأهرام أن دافع (ست ) لقتل (أوزوريس). أنه أراد أن ينتقم لأن (أوزوريس) قام برَكلِه، وفي نص من نصوص العصر المتأخر، قيل إنه قتله لإقامته علاقة جنسية مع زوجته (نيفتيس) فتجسد (ست) في هيئة حيوان متوحش( تمساح أو ثور) لقتل (أوزوريس وتشير قصص أخرى إلى أن جثة أوزوريس تم إلقاؤها في الماء أو أنه مات غريقًا، وهذا ما يرجع إليه اعتقاد المصريين القدماء أن من يغرق في نهر النيل يعتبر من القديسين ، وبنهاية الدولة الحديثة، قيل أن (ست) قطَّع جسد (أوزوريس) إلى اثنتين وأربعين قطعة بعدد الأقاليم المصرية وفرقها عليها، بعدها بدأت ( إيزيس) تبحث عن جسد زوجها بمساعدة ( نيفتيس) سيدة البيت وآلهة الولادة و الموتى بمساعدة آلهة أخرى منها(تحوت) ذو القوى العظيمة على السحر والشفاء و(أنوبيس) إله التحنيط ومراسم الجنائز.  

   ساهمت جهود هذه الآلهة في تأسيس الميثولوجيا المصرية عن التحنيط ، وفي الدولة الحديثة ارتبط موت وإحياء (أوزوريس) بالعيد السنوي لوفاء النيل حيث شاع أن مياه النيل تعادل دموع رثاء (إيزيس) أو السوائل في جسم (أوزوريس ) وعلى ذلك أصبح (أوزوريس) يمثل القوة الإلهية المانحة للحياة الحاضرة في مياه النهر وفي النباتات التي نَمَت بعد الفيضان. 

وبعد أن جمعت (إيزيس) أشلاء (أوزوريس) وأعادته جسد كامل، قامت وهي في صورة الطائر، بنفخ الروح في جسده بأجنحتها ليحيا فترة قصيرة كافية لتجامعه، وحبلت بابنه ووريثه الشرعي (حورس)، وفي كل مكان وجدت فيه جزءًا من جسد زوجها بنى المصريون المعابد مثل معبد أبيدوس الذي يؤرخ لهذه الحادثة، حيث وجدت رأس (أوزوريس) وفي رسومات المعبد الذي أقامه الملك سيتي الأول أبو رمسيس الثاني .

 بعد أن حبلت ( إيزيس) اختبأت في أجمة من البردي في دلتا النيل. يسمى هذا المكان (أخبِتي) ومعناه بالمصرية )أجمة البردي لملك الدلتا ( فقد كان ما في بطنها يشكل تهديدًا لـ( ست)، ويسمي الكُتّاب اليونان هذا المكان خِمّيس، ويشيرون إلى أنه قريب من مدينة بوتو أول عاصمة لأول دولة منظمة في مصر السفلى قبل قيام مملكة الجنوب ثم توحيد القطرين على يد الملك (نعرمر عام ٣٢٠٠ق م ).

توجد بعض النصوص تسافر فيها إيزيس إلى العالم الأوسع و تنتقل بين عامة الناس غير المدركين لهويتها. حتى أنها تستغيث بهؤلاء الناس لمساعدتها، وتستعين بآلهة أخرى لحماية ابنها أثناء غيابها، ووفقًا لإحدى التعويذات السحرية، يسافر سبع آلهة في صورة عقارب صغيرة مع إيزيس ويحمونها عندما تطلب المساعدة لـ ( حورس) حتى أنهم ينتقمون من امرأة ثرية رفضت مساعدة (إيزيس)، وذلك بِلَدغ ابن هذه المرأة، مما حتّم على (إيزيس) شفاء هذا الطفل البريء، نعود لـ (حورس) الضعيف المحاط بالمخاطر من لدغات العقرب وحتى آلام المعدة البسيطة، كما لدغه ثعبان من أعوان (ست) مما يعكس خوف المصريين القدماء من لدغة الثعبان وما ينتج عنها من سُم ، وقد استخدمت( إيزيس) قواها السحرية في إنقاذ طفلها، مع استعانتها بالآلهة مثل (رع ) (وجب) .

وبما أن الأسطورة تعتبر ملحمة فقد رواها الكثير بطرق مختلفة، رواها (بلوتارخ )

 المؤرخ اليوناني المولود في عام ٤٦ للميلاد في مدينة تشيرونيا في بويوتيا في اليونان في منتصف القرن الميلادي الأول بشكل مختلف عن تلك الموجودة في المصادرة المصرية وقد أشار إلى (ست) بالاسم الإغريقي (تايفوس)، وقال إنه تأمر مع ثلاث وسبعين ضد (أوزوريس) حيث صنع (ست) صندوق مُفصَّل بحيث يناسب مقاسات جسم أوزوريس، ثم أعلن في مائدة احتفالية أعدَّها أنه

سيعطي الصندوق هدية لمن يدخل الصندوق ويتناسب مع مقاسه، قام الضيوف، واحدًا تلو الآخر، بالنوم في الكَفَن، لكن أحدًا لم يناسب الكفن مقاسه سوى (أوزوريس) وعندما رقد في الصندوق، أغلق (ست) والمتواطئين معه غطاء الصندوق على أوزوريس وأحكموا غلقه، ورموه في النيل، حيث طفا الصندوق، وبداخله جثة (أوزوريس)، وبعد النيل وصل إلى البحر ورسا عند مدينة جبيل اللبنانية و نَمَت شجرة حوله، أمر ملك جبيل بقطع الشجرة لعمل دعامة للقصر، فسارعت ( إيزيس) بتخليص الصندوق عن الشجرة حتى تستعيد جسد زوجها، وأصبحت الشجرة في جبيل موضعًا للعبادة لأهل البلدة، وتعطي هذه الحلقة من الأسطورة الغير مصرية ، تفسيرًا لسبب وجود جماعات تابعة (لإيزيس و أوزوريس ) في جبيل في عصر بلوتارخ وربما يعود تاريخ هذه الجماعات إلى الدولة الحديثة، ثم قام (ست) بسرقة الجثة وقطع أوصالها، بعدما قامت إيزيس بإعادته إلى الحياة، فأعادت (إيزيس) جمع كل أشلاء جثة زوجها ودفنتها، ما عدا عضوه التناسلي الذي أكله السمك في النهر، فاضطرت إيزيس إلى إعادة تشكيله بواسطة التعويذات السحرية(حسب كلام بلوتارخ)، لكن في القصص المصرية عن الأسطورة، تجد إيزيس العضو التناسلي سليمًا، والتشابه الوحيد مع قصة بلوتارخ هو في قصة الأخوين، القصة الشعبية التي تعود إلى الدولة الحديثة وتحمل بعض أوجه الشبه بأسطورة (إيزيس وأوزوريس) وحسب قصة بلوتارخ فأن (حورس) ولد قبل مقتل أبيه وإن الذي وُلد نتيجة الجماع بين (أوزوريس) بعد وفاته و(إيزيس) ابن آخر هو (حربوقراط ).

٢-معركة الآلهة

 تم تصوير المنافسة بين (حورس وست ) في نصوص الأهرام وهذه النصوص هي أول مصدر للأسطورة.

 شب (حورس) وأصبح فتى وأعلن تحديه لعمه ( ست) لاسترداد عرش أبيه، جعلت بعض النصوص من (حورس وست) أخوة، وقد أتسمت المنافسة بينهما في الغالب بالعنف والغرابة والشذوذ في أحداثها وطول فترة الصراع التي امتدت لثمانين عامًا، وعقدت آلهة التاسوع المقدس محاكمة شرعية لتقرير من له الأحقية في وراثة المُلك، وترأس المحاكمة القاضي الإله (جب) بوصفه والد (أوزوريس و ست) وجد (حورس) وفي بعض النصوص كان القاضي أحد إلهي الخلق (رع أو آتوم) منشئي النظام الملكي وشاركت آلهة أخرى كمحلفين أو للتقريب بين المتخاصمين

 وقد قام بهذا الدور ( تحوت) وفي كتاب (الصراعات) استخدمت (إيزيس) ذكائها وقواها السحرية في مساعدة ابنها.

يصف كتاب الصراعات الإلهين وكل منهما يستغيث بالآلهة الأخرى ليستميلها إلى جانبه، وهما يتنافسان في مختلف أنواع المسابقات منها سباق القوارب على صفحة الإله (حابي/ إله النهر ) أو مصارعة بعضهم البعض متخذين صورة أفراس النهر، يهزم (حورس) (ست) مرارًا وتكرارًا، ويساعده في ذلك معظم الآلهة إلا أن القاضي (الإله الخالق) كان يحابي ست كما ورد في بعض نصوص الطقوس الحديثة. حاولت (إيزيس) طعن (ست) بالحربة أثناء اشتباكه مع ابنها في قتال، لكنها تطعن(حورس) بالخطأ، فيغضب بشدة وفي نوبة الغضب يقطع رأسها، ويستبدل ( تحوت) رأس ( إيزيس) برأس بقرة، وبهذاتعطي هذه القصة أصلًا يرجع إليه سبب ارتداء إيزيس رداءً مرسومًا عليه رأس بقرة بقرون، ويبرر (ست) في بعض المصادر اعتداءه المستمر بعد ذلك على (حورس) بأنه عقاب له على العنف الذي وجهه لأمه، ومن أعجب النصوص أنه في حلقة أساسية وشاذة من الصراع، يعتدي (ست) على (حورس) جنسيًا ليحط من قدره، كما ورد بورق بردي غير مكتمل عثر عليه يعود للدولة الحديثة، يبدأ الالتقاء الجنسي عندما يطلب (ست) أن يمارس الجنس مع (حورس) الذي يبدوا أنه قد فقد قوته بالسحر فيوافق على هذا شريطة أن يعيد (ست) إليه بعضًا من قوته، يعرض هذا الالتقاء حورس للخطر لأن الحيوان المنوي في الأساطير المصرية مادة قوية وخطيرة مماثلة للسُم، طبقًا لبعض النصوص، يخترق الحيوان المنوي لت (ست) جسد (حورس) ويتسبب في مرضه، لكن في كتاب الصراعات يُحبِط (حورس) مكيدة (ست) بإمساكه لحيواناته المنوية في يده، وتثأر (إيزيس) لذلك بوضع الحيوان المنوي لـ (حورس) في الخس الذي يأكله (ست)، تتضح هزيمة (ست) عندما يظهر هذا الحيوان المنوي على ناصيته في صورة قرص ذهبي، فهذا يدل على أنه تخصب نتيجة البذر الذي بذره فيه خصمه ونتيجة لذلك وَلد هذا القرص وفي كتاب الصراعات، يأخذ تحوت القرص ويضعه على رأسه، أما في النسخ الأقدم من القصة، فتحوت نفسه هو نتاج هذه الولادة الشاذة.

وفي الصراع أحدث كل من المتصارعين إصابات ببعضهما؛ فـ (حورس) يصيب خصيتي (ست) أو يسرقهما فيفقد فحولته، في حين يُتلف (ست) أو يقتلع إحدى عيني (حورس) أو كليهما، وتمثل عين (حورس)المسروقة العديد من المفاهيم في الديانة المصرية القديمة فكون (حورس) إلهًا للسماء فعينه اليمنى هي الشمس واليسرى هي القمر، وعليه، تعادل سرقة أو إتلاف عيني (حورس) إظلام القمر خلال مراحله المختلفة، أو أثناء الخسوف، /يقوم (حورس) باسترجاع عينه المفقودة، بمساعدة الآلهة الأخرى بما فيها (أيزيس وتحوت وحتحور) يرجح عالم المصريات هيرمان تي فيلدي أن قصة الخصيتين المفقودتين هو تحريف مؤخر لفقدان (ست) لحيوانه المنوي على حورس، وأن القرص قمري الشكل الذي تواجد على جبهة (ست )بعد الإخصاب هو ذاته عين (حورس)، وإن كان هذا صحيحًا، فالجزء المتعلق بالإصابات والاعتداء الجنسي يشكل قصة على حدة يقوم فيها (ست) بالاعتداء على حورس وتضييع حيواناته المنوية عليه، ثم يثأر (حورس) ويخصّب (ست)، ويحصل (ست )على عين (حورس) عندما تظهر على جبهة (ست)، ولأن (تحوت) هو إله القمر بجانب وظائفه الأخرى، من المعقول، طبقًا لرؤيةتي فيلدي، أن ينتج تحوت في صورة العين ويحاول التدخل لتسوية الخلاف بين الإلهين المتناحرين. 


نهاية الأسطورة

في النهاية ، يتقاسم (حورس و ست) المملكة بينهما، ويكون نصيب (حورس) حكم الأرض الخصبة حول النيل ويسكن الأرض، و نصيب (ست) حكم الصحراء الجرداء أو الأراضي الأجنبية المتصلة بها ويسكن السماء ، لكن في تمثيلية منف، يقسم القاضي)(جب ) المملكة بين المطالبين بها، ثم يرجع بعد ذلك في قراره تاركًا التحكم المطلق لـ (حورس) وفي هذا الاتحاد السلمي، يتصالح (حورس وست)، وتتحول الازدواجية بينهما إلى مجموع متحد ويعود النظام بعد الصراع العاصف، وفي رواية أخرى تنتهي القصة بانتصار (حورس) وتعرض (ست) للهزيمة التامة، وأحيانًا يُنفى من مصر أو يصل الأمر إلى أن يتم القضاء عليه. 

يتولى (حورس) العرش وسط احتفال بين الآلهة، و يحكم مصر و يؤدي مراسم جنازة أبيه بعد الأخذ بثأره ويقدم قرابين من الطعام، وغالبًا ما تضمنت القرابين عين (حورس) التي تمثل الحياة والفيض، و يحيا (أوزوريس) في الآخرة ملكًا للموتى وينشغل بالدورات الطبيعية للموت والبعث، مثل النمو السنوي للمحاصيل، الذي يناظر عملية إحيائه.

انتظروني مع الجزء الثالث من الحلقة الخامسة لنلقي الضوء على خصائص باقي الآلهة المشاركة في الملحمة ونبدأها بـ ( إزيس).


٣-الآلهة إيزيس

إلهة السماء والأمومة والسحر والخصوبة

الأم الإلهية للفرعون

 إيزيس هي بطلة الأسطورة ( الممثلة الأولى ) وهي آلهة رئيسة في الديانة المصرية القديمة وقد انتشرت عبادتها في مصر وما وراء البحر المتوسط، وأصبحت واحدة من أشهر الآلهة في هذه المناطق خاصة العالم اليوناني والروماني، هي آلهة الخصوبة والأمومة والسحر والشفاء وأيضًا آلهة الموت والبعث، تنحدر من عائلة كلها آلهة، هي الابنة الأولى لإله الأرض (جب) وزوجته (نوت) إلهة السماء وشقيقة لزوجها (أوزوريس ) ومن أشقائها (ست) و( نفتيس) وأم لإله الشمس (حورس) مركز عبادتها في فيلة ( جزيرة بمحافظة أسوان) وأبيدوس 

 ((مدينة بغرب البلينا بمحافظة سوهاج وقد كانت عاصمة مصر الأولى بمصر 

  ورمزها العرش، وقرص الشمس بين قرني بقرة

 غالبًا ما كانت تُمثل في الفن أثناء المملكة الحديثة كأُنثى بشريَّة تلبس ما يشبه العرش على رأسها، وقد أخذت السمات التي كانت تتمتع بها )حتحور) وأصبحت (إيزيس) تُمثَّل وهي تلبس ملابس (حتحور) وعلى رأسها قرص الشمس بين قرني بقرة.

في الألفية الأولى قبل الميلاد أصبح ( أوزوريس وزوجته إيزيس ) أكثر الآلهة المصرية عبادة، وأخذت (إيزيس) العديد من سمات الآلهة الأخرى، بدأ حكام مصر وحكام جيرانها جنوبا في النوبة بناء المعابد المكرسة خصيصا لها، كما كان معبدها في فيلة أحد أهم المراكز الدينية للمصريين والنوبيين على حد سواء، كانت قوى (إيزيس) السحرية أقوى من باقي الآلهة، فهي المسيطرة على القدر وحاكمة السماوات والعالم الطبيعي وحامية المملكة من أعدائها. 

في الفترة الهلنستية (323-30 ق.م) عندما حكم اليونانيون مصر، شارك اليونانيون المصريون عبادة (إيزيس) بالإضافة إلى إله جديد اسمه )سيرابيس) انتشرت عبادتهما في عالم البحر المتوسط الأوسع، أسبغ اليونانيون على إيزيس بعض السمات التي تميزت بها الآلهة اليونانية، مثل بركة الزواج وحماية السفن في البحر، وحافظت على روابط قوية بين مصر والآلهة المصرية الأخرى، مع استيعاب روما للثقافة الهلنستية في القرن الأول قبل الميلاد، أصبحت عبادة إيزيس جزءًا من الديانة الرومانية، وظلت عبادة إيزيس قائمة حتى انتشار المسيحية في القرنين الرابع والخامس الميلادي. 

ظهرت بعض الآلهة المصرية في آخر عصر ما قبل الأسرات (قبل 3100 ق.م)، إلا أن كُلاً من إيزيس وزوجها أوزوريس لم يتم ذكرهما بوضوح قبل الأسرة الخامسة (2494-2345 ق.م). تشير مخطوطة من هذه الفترة إلى إيزيس من عصر الملك (ني أوسر رع)، كما تظهر (إيزيس) بوضوح في نصوص الأهرام أو متون الأهرام هي مجموعة من النصوص الدينية المصرية القديمة وتعد أقدم النصوص الدينية المعروفة في العالم. نحتت نصوص الأهرام باللغة المصرية القديمة على جدران الأهرام والتوابيت الحجرية في أهرامات سقارة خلال عصري الأسرتين الخامسة والسادسة، وتربط العديد من العبارات في نصوص الأهرام (إيزيس) بمنطقة دلتا النيل قرب بهبيت الحجارة وسمنود حيث يرجح أن عبادتها بدأت هناك.

بعد قتل (ست) لـ (أوزوريس) قامت (إيزيس) و(نيفتيس) وآلهة أخرى مثل )أنوبيس( بالبحث عن قطع جثة أخيهم من أجل تجميعها، وقاموا بحمايتها من التشويه بواسطة ست وأتباعه، وقد احتوت النصوص الجنائزية على بعض أحاديث (إيزيس) والتي عبرت فيها عن حزنها على موت (أوزوريس) وعن رغبتها الجنسية تجاهه وحتى الغضب بسبب تركه لها،

 وقد لعبت كل هذه المشاعر دورا في بعث أوزوريس، في النهاية استعادت إيزيس النفس والحياة إلى جسد أوزوريس وجامعته لتضع ابنهما حورس.

صورت النصوص الجنائزية من المملكة الحديثة (إيزيس) في صورة (رع ) وهو يبحر خلال العالم السفلي، إذ كانت أحد الآلهة التي قهرت عدو (رع ) اللدود (أبوفيس) (أبو فيس هو الأفعى الشريرة في الميثولوجيا المصرية القديمة، وتعتبر رمز الشر، وبذلك فهي عدو رمزي الخير (رع وماعت) (وقد طلب الملوك أيضا قوتها السحرية الحامية ضد الأعداء من البشر، في معبدها البطلمي بفيله والذي يقع قرب الحدود مع شعوب النوبة الذين أغاروا أحيانا على مصر، وُصفت إيزيس بكونها حامية الأمة جمعاء وأنها أكثر فعالية في الحرب من ملايين من الجنود، وأنها تدعم الملوك البطلميون والأباطرة الرومان في محاولتهم صد أعداء مصر الخارجيين. 

في ىإحدى القصص والتي تصف الأحداث الأسطورية وفي أحد التعويذات، خلقت (إيزيس) ثعبانا يلدغ (رع) وهو إله أكبر وأعظم منها لتجعله مريضا بسم الثعبان، بعد ذلك عرضت أن تشفيه إذا أخبرها اسمه الحقيقي السري، وهي معلومة تحمل معها قوة لا متناهية، أخبرها رع اسمه والذي نقلته إلى حورس كي تدعم سلطته الملكية، قد يكون المعنيّ من القصة توضيح سبب أن قوى إيزيس السحرية تتخطى كل الآلهة الأخرى. 

أرتبط اسم ( إيزيس) بالمطر والفيضان وفي العصر البطلمي شملت دائرة تأثير الكون كله وفي ترانيم فيلة تمت تسميتها بأنها سيدة السماء وقد شملت سيطرتها السماء والأرض وفي نص من معبدها في دندرة (تقع دندره نحو (٥٥) كيلومترا شمال الأقصر على شاطئ النيل الشرقي والغربي ، مقابلة لمدينة قنا على الضفة الأخرى من النيل) يقول النص (في كل مقاطعة مصرية هي هنالك في كل مدينة وقرية، في كل مقاطعة تجدوها هي وابنها حورس).

أول معبد خصص لإيزيس كان في بهبيت الحجارة في شمال مصر وفيله في أقصى الجنوب، بدأ بناء كل من منهما في الأسرة الثلاثين وتم توسيعهم بواسطة الملوك البطالمة (تقع جزيرة فيله التاريخية -٣٠٠ متر طول. و١٣٥ عرضا- في جنوب مصر في الأراضي النوبية، وهي الآن مغطاة تماما تحت مياه بحيرة ناصر) وبفضل شهرة إيزيس الواسعة، جذب معبد فيله الحجاج من كل أنحاء ساحل البحر المتوسط وحتى حدود مصر مع النوبة، ثم تم بناء العديد من المعابد لإيزيس في هذه الفترة في المنطقة بين معبد فيله وبين معبد المحرقة، وكانت مراكز مهمة للعبادة سواء للمصريين أو النوبيين، بنى الكوشيون في النوبة معابدهم الخاصة لـ (إيزيس) جنوبا حتى عاصمتهم مروي. 

وبعد ظهور المسيحية وحتى منتصف القرن الخامس الميلادي كان لا يزال الكهنة يمارسون فيه شعائرهم واحتفالاتهم الطبيعية في معبد إيزيس في فيله ، مما يجعله آخر معابد ( إيزيس) في مصر، وفي الأديان الجنائزية النوبية، كانت إيزيس تعتبر أكثر أهمية من زوجها، لأنها كانت الشريك النشط بينما كان هو يتقبل العطايا منها فقط لحمايته في الحياة الآخرة، وقد ربطت بعض الترانيم النساء الحوامل بـ (إيزيس) لضمان أنهن سيضعن مولودهن بسلام.

واجهت المعبودات المصرية مزيدا من العدائية أثناء الحرب الأخيرة للجمهورية الرومانية( 30-32ق.م)، عندما حاربت روما بقيادة أوكتافيوس –الإمبراطور أغسطس و مصر تحت قيادة كليوبترا السابعة و بعد انتصار أوكتافيوس، منع عبادة (إيزيس وسيرابيس) داخل البوميريوم قلب المدينة المقدس ولكن سمح بعبادتهما خارج البوميريوم، وبالتالي جعل الآلهة المصرية غير رومانية ولكن مسموح بها في روما ، وكانت (إيزيس) كثيرا ما تُعبد كإلهة القمر، موازية لسمات آلهةالشمس (سيرابيس)، و تشرف إيزيس أيضا على البحار والمواني، وقد كتب البحارة نصوصا طالبين منها أن تؤمن سلامتهم وأن تمنحهم الحظ الجيد في رحلاتهم.


٤-تتحدث عن كل من الإله ( ست) الإله ( حورس)

(أ‌) الإله ( ست) أو( سث) ويقال له( ست نبتي)

إله العواصف، والصحراء، والشر، والعنف، والفوضى، وفي الأساطير اللاحقة أعتبر إله الظلام .

معنى ست نبتي ، أي ست المنتمب لمدينة( إنبويت / أمبوس) وهي في المقاطعة الخامسة من مصر العليا، تقع بين الموقعين الحديثين لقريتي (نقادة) و(بلاص) ولقد ازدهرت (أمبوس) منذ عصور قبل الأسرات ودل على ذلك مقابر هذه العصور المبكرة والممتدة إلى جوار هذه المدينة . 

ومع قيام الأسرة الأولى انتشرت عقيدة المعبود (ست) خارج حدود المقاطعة الخامسة ، وأصبح (ست) (إله الوجه القبلي) وينطق اسم (ست) أيضًا ( سوتى ، ستش ، سوتخ ).

والداه الإله ( جب والآلهة ( نوت)، أخواته ( أوزوريس) و( إيزيس)و (نيفتيس) زوجته ( نيفتيس) و( تواريت) وفي بعض الروايات( عنات، عشتروت) 

الرمز الحيواني للمعبود (ست) يمثل حيوانا يشبه الحمار ، له أرجلًا طويلة وآذانًا طويلة أيضا مستعرضة وذيل قصير قائم . كما يبدو أن المصريين الأوائل حوروا ذلك الرمز منذ الدولة القديمة على الأقل إلى شكل حيواني غريب أقرب في الشبه إلى كلب بري رابض بعنق مستطيل وآذان مربعة ومقدمة وجه طويلة مقوسة وذيل قائم ، ولم يكن من المستغرب أن فشلت جهود علماء المصريات في تمييز الأصل الحيواني لهذا الكائن، ويظهر على شكل إنسان برأس هذا الكائن المميز بفمه الممدود إلى الأمام وأذنيه المستويتين من أعلى و( ست) عضو في تاسوع أون( تاسوع هليوبوليس) اعتبرته الأساطير رمزًا للقوة والعزم، وصورته أيضًا بالغاصب الذي قتل وشوه أخيه العادل (أوزوريس) وقام بعد قتله بتوزيع أجزاء الجسم في أنحاء القطر المصري، ثم قامت (إيزيس) زوجة (أوزوريس) بإعادة تجميع جثته وعاشرته، ثم حنطه (أنوبيس) وهي أول عملية تحنيط يرد ذكرها، ثم أنجبت ( إيزيس) (حورس) الذي أنتقم من عمه ست وأخذ بثأر أبيه. لذلك يُسمى (حورس) بـ حامي أبيه أو المنتقم لأبيه وفقد حورس في تلك المعركة عينه اليسرى، وتبوأ عرش مصر، وأصبح (أوزوريس) إله الحساب في العالم الآخر، و(حورس) ملك الحياة الدنيا، و أعاد تمجيد( ست) فراعنة مصر في عصور الدولة الحديثة، وكانوا يستعينون به كإله الجبروت والبطش والانتصار، ويقدمون له القرابين لمساعدتهم في محاربة أعدائهم، ونسبت إليه انتصارات كبيرة، واتخذ بعض فراعنة مصر في ذلك العصر اسمهم من اسم ست .

لعب (ست) دورًا رئيسيًا في أسطورة (إيزيس و أوزوريس) وورد في روايات أن سبب قتله لـ ( أوزوريس) أن الأخير أقام علاقة جنسية مع ( نيفتيس) زوجة ( ست) وفي روايات أخرى إنه كان غيورًا، والصراع العنيف على عرش مصر بين (ست) مع أبن أخاه( حورس) يُعتبر أحد أهم عناصر الأساطير المصرية ، ورد في بعض الأساطير أن (حورس) كان أخ لـ ( ست)، ورغم ما اتسم الصراع بالعنف إلا إنه قد تم وصفُه أيضاً بالحكم القانوني أمام )تاسوع هليوبوليس(، الذي يتكون من مجموعة من الآلهة المصري لإقرار من سيكون وريث عرش مصر، وكان قاضي هذه المحكمة هو المعبود (جب) والد (أوزوريس وست)؛ وقد يكون القاضي هو الإله الخالق (رع أو آتوم) الذي أنشأ النظام الملكي في مصر , وكانت هناك أدوار أيضاً لمعبودات أخرى في الأسطورة: فقد تدخل (جحوتي) من وقت لآخر في النزاع بصفته الموفق بينهما أو بصفته مساعد القاضي الإلهي، كما استخدمت (إيزيس) دهائها وقواها السحرية لمساعدة ابنها. 

في عصر احتلال الهكسوس لمصر فقد دمجوا بين (ست) ومعبودهم السامي( بعل) (بعر بالهيروغليفية) وأصبح كبير آلهتهم فعبدوه وقدّسوه تحت اسم سوتخ

(ب)الإله حورس

إله الشمس

ملك الأرض ورمز الخير والعدل، حامي أبيه

أبواه ( أوزوريس) ( إيزيس) زوجته ( حتحور) أولاده ( إمسـِتي على هيئة إنسان، يحوي الكبد وتحميه إيزيس؛ حاپي على هيئة بابون، يحوي الرئتين وتحميه نفتيس؛ دواموتف حامي أمه على هيئة إبن آوي، ويحوي المعدة وتحميه نيث؛ كبحسنوف عاطي الشراب لأخيه على هيئة بومة، ويحوي الأمعاء الغليظة، وتحميه سركت).

كان (حورس) المثال الأعلى لجميع ملوك مصر المثال لأنه انتقم لأبيه من قاتله الإله العادل (أوزوريس) ولذلك كانوا يتخذون اسم «حورس الحي» وهو من أقدم الألقاب الملكية في مصر القديمة، وذكر اسم( حورس) في العصور القديمة مقترنا بحاتحور والملك العقرب الأول، ويبدو حورس في هذا اللقب واقفا على صرح القصر، ويحيط باسم الملك.

ونجد حورس أيضا على لوحة نارمر أو لوحة الملك مينا الشهيرة وهي من عهد الأسرة الأولى في مصر وهو يمسك برؤوس أعداء مصر المهزومين ويقدمهم إلى الملك، وحتي الأسرة الرابعة كان لقب فرعون يتكون فقط من اسم حورس، وخلال تلك الأسرة ظهر أيضا اسم حورس الذهبي، كلقب ثان للملك.

ولـ (حورس) تمثال في معبده بأدفو (إدفو مدينة في شمال محافظة أسوان. جنوبي الأقصر بمصر) وقد بدأ تشييد المعبد الضخم للإله (حورس) في عهد بطليموس الثالث - يورغيتيس الأول في سنة 145 ق.م، واستغرق بناء هذا المعبد حوالي 200 سنة، حيث تم الانتهاء من إنشائه في عهد بطليموس الثالث عشر في القرن الأول قبل الميلاد.

وفقد (حورس) في صراعه مع عمه ( ست) عينه اليسرى، وتبوأ عرش مصر بعد أن أنتقم لأبيه من( ست)، وأصبح (حورس) ملك الحياة الدنيا،. وذكر ( حورس) في العصور القديمة مقترنا(بحتحور) والملك العقرب الأول، ولذلك نجد كل ملوك مصر يتسمون في أحد أسمائهم (وكان الملك له عادة خمسة ألقاب) باسم حورس.

ومن التعاويذ المصرية القديمة نجد الكثير منها في صورة عين حورس وهي تسمى «وجات» وتعلق على الصدر. كما اتخذت عين حورس أيضا لتمثيل الكسور في الحساب 

وفي كتاب الموتى توجد عادة صورة لـ (أوزوريس) في الآخرة جالسا على عرش و خلفه أختيه (إيزيس) و(نيفتيس) و أمامه يقف على زهرة اللوتس أبناء حورس الأربعة لمحاسبة الإنسان، والأواني الكانوبية التي تدفن مع الموتى بعد تحنيطهم وبه أحشاؤهم الداخلية كانت تشكل الأبناء الأربعة لـ (حورس)، وفي الأساطير المصرية القديمة أيضا أن (حورس) كان يرسل أبناؤه الأربعة عند تتويج فرعون مصر في جهات الأرض الأربعة للتبشير بنفوذ الملك الجديد(كتاب الموتى هو مجموعة من الوثائق الدينية والنصوص الجنائزية لتكون دليلاً للميت في رحلته للعالم الآخر وتتكون من عدد من التعاويذ السحرية)


وفي الآخرة في الحساب للبشر يقدم ( حورس) الميت الذي يتم محاسبته إلى (أوزوريس) حيث يؤتى بقلب الميت ويوضع في إحدى كفتي الميزان وتوضع في الكفة الأخرى ريشة (ماعت) رمز العدالة والأخلاق الحميدة، فإذا كانت الريشة أثقل من القلب، فمعنى ذلك أن الميت كان طيبا في حياته وعلى خلق كريم فيأخذ ملبسًا جميلا ويدخل الجنة، وأما إذا ثقل قلب الميت عن وزن الريشة فمعناه أنه كان في حياته جبارا عصيا، عندئذ يُلقى بالقلب وبالميت إلى(عمعموت) ليلتهمه وهو حيوان خرافي يقف بجوار الميزان رأسه رأس تمساح ومقدّمة جسده أسد ومؤخرة جسده فرس النهر.


٥-تشمل الإلهة نيفتيس والإله أنوبيس

وهما من المشاركين في معركة الآلهة ( إيزيس وا أزوريس)


أولاً : الآلهة (نفتيس)

آلهة الجنوب، ربة السماء و سيدة الآلهة، وربة القصر وسيدة البيت و آلهة للولادة والموتى.

والداها الإله ( جب) والآلهة ( نوت)، أخواتها ( أوزوريس) و( إيزيس) وهي زوجه للإله ( ست) واسمها بالمصرية القديمة (نبت- حوط) أي سيدة البيت، وهي وإخوتها آخر أجيال (تاسوع هليوبوليس المقدس)،

ووالد آلهة التاسوع من (جب) إله الأرض و(نوت) إلهة السماء.

لا يوجد مكان محدد لعبادتها فمن الواضح أنها عبدت في أماكن كثيرة مما يدل على شيوع وقبول هذه المعبودة بين أقاليم مصر العليا والسفلى. 

 وطبقا ل أسطورة فقد لعبت دورًا رئيسيًا في الأسطورة، وفي إحدى الروايات أن سبب قتل (ست) لـ ( أوزوريس) أن الأخير أقام علاقة جنسية مع ( نيفتيس) زوجته، وكان لـ (نيفتيس) دورًا هامًا في مساعدة أختها( إيزيس) في البحث عن تبحث عن جسد زوجها( أوزوريس)، ثم حمايته

من (ست) وأعوانه، وهي مثل إيزيس تمثل الموت، الخفاء و الظلام ، هي أيضا واحدة من الإلهات الحاميات للأواني الكانوبية التي تحتوي على أحشاء المتوفى، وتظهر على شكل أنثى كاملة تعلو رأسها العلامة الدالة عليها .

 كانت ( نيفتيس) زوجة للمعبود (ست ) وبعض النصوص أشارت أنها زوجة (اوزوريس ) وأم ابنه أنوبيس، وقد لقبت «نفتيس» بالنائحة ( النادبة) حيث قامت مع (ايزيس) بعد العثور على الجثمان بالنواح والعويل والضرب بأيديهن على

 صدورهن ولطم وجوههن ليستعينوا ويستغيثوا بالأرباب لكي ينجدوا أخاهم وقد أشارت بعض نصوص الأهرام أن (أوزير) قد استجاب لهم.

هناك نص لـ (نفتيس) تقول فيه: لقد جئت بحثاً عن أخي (أوزير) وقد عثرت عليه ووقفت أمام جثمانه وقالت: أوقظ نفسك أيها الملك استدر جانباً أنا (نفتيس) لقد أتيت حتى أعيد قلبك إلى جسدك، وورد عن لساه أنه قال: لقد وجدتني (نفتيس) 


ثانيًا: الإله (أنوبيس) (ينـِپو)

إله التحنيط و حارس الجبانات ( المقابر) و سيد الأرض المقدسة

(أنوبيس) ابن (ست) و (نيفتيس)؛وهو إله صور على هيئة كلب أو ابن آوى إله التحنيط و حارس المقابر الذي يحرس المتوفى و تم تصويره كحامي المقابر في وقت مبكر من الأسرة الأولى(3100 - 2890 قبل الميلاد)، وكان أيضا مسؤولا عن التحنيط. بحلول المملكة الوسطى (حوالي 2055 - 1650 قبل الميلاد) ومثل على هيئة إنسان برأس كلب أو ابن آوى، وأحد الآلهة القدامى في منطقة أبيدوس، وكان مركز عبادته في سينوبوليس في صعيد مصر.

في بادئ الأمر كان يعبد رهبة وخوفًا منه؛ فأبن أوى الذي يمثله حيوان بطبعه يحوم ليلًا على حافة الصحراء بالقرب من الجبانات، فكان القوم يخافون منه على أجسام موتاهم، ولكن الكهنة فيما بعد البسوا عبادته ثوبًا آخر، وأصبح يعبد بصفته حامي الموتى والمشرف على تحنيطهم وإعداد جنائزهم، ومن المحتمل أنه أخذ هذا المركز في العبادة بسبب الدور الذي لعبه في أسطورة الإله (أوزير) التي كانت تعرض كمسرحية درامية كل عام في أبيدوس والتي يقوم خلالها بإرشاد أرواح المتوفين حديثًا إلى مملكة أوزير، ويقوم بتحنيط المتوفى وإقامة شعائر الدفن.

كان يحضر فعاليات الميزان، التي يتم خلالها (وزن قلب الميت)، ليتم تحديد ما إذا كان سيتم السماح لروحه بدخول عالم الموتى. 

تم تصوير أنوبيس باللون الأسود، وهو اللون الذي يرمز إلى التجديد، والحياة، وتربة نهر النيل، وتغير لون الجثة بعد التحنيط. 

يرتبط أنوبيس بشقيقه وبواوت، إله مصري آخر يصور برأس كلب أو على شكل أحد الكلبيات، لكن مع فرو رمادي أو أبيض. يفترض المؤرخون أنه تم الجمع بين الشخصيتين في النهاية.

أقدم ذكر نصي معروف لـ (أنوبيس) كان في نصوص أهرام المملكة القديمة (2686 2181 قبل الميلاد)، حيث ارتبط بدفن الفرعون

وقد تباينت أنساب (أنوبيس) حسب الأساطير والأوقات والمصادر. في الأساطير المبكرة، وتم تصويره على أنه ابن( رع ونفتيس) وفي نجل إما (هيسات) أو (باستيت) ذات رأس القط ، وذكر فلوطرحس اليوناني (حوالي 40-120 م) أن (أنوبيس) كان الابن غير الشرعي لـ (نيفتيس و أوزوريس) .

وعن علاقة (نيفتيس و أوزوريس) تقول اسطورة: عندما اكتشفت إيزيس أن (أوزيريس) أقام علاقةبـ ( نيفتيس) بالخطأ فقد ظن أنها ( إيزيس) وخوفا من ( ست) تركت( نيفتيس) أبنها بعد ميلاده خوفا، وعندما وجدت إيزيس أن الكلاب قد ساعدت الطفل وأوصلته إليها، قامت بتربيته وأصبح حاميها باسم (أنوبيس) وتطلق بردية مصرية من العصر الروماني( 380- 30 ميلادية) على أنوبيس أنه ابن) إيزيس( وفي الفترة البطلمية ) 350-30قبل الميلاد) عندما أصبحت مصر مملكة هلنستية يحكمها الفراعنة اليونانيون، اندمج (أنوبيس) مع لإله اليوناني )هيرميس(، ليصبح هيرمانوبيس، كان الإلهان يُعتبران متشابهين لأنهما مرشدان للأرواح إلى الحياة الآخرة.

تروي إحدى البرديات قصة أخرى حيث قام (أنوبيس) بحماية جسد (أوزوريس) من (سيت) عن طريق تحويل نفسه إلى نمر وأوقفه وقام بإخضاعه ثم قام بسلخه وارتدى جلده كتحذير ضد الأشرار الذين يدنسون مقابر الموتى،وقد ارتدى الكهنة الذين حضروا جنازات الموتى جلد النمور من أجل الاحتفال بانتصار (أنوبيس) على (سيت)، و(أنوبيس) ساعد (إيزيس) في تحنيط (أوزوريس) وكان أحد أكثر الآلهة الممثلة في الفن المصري القديم، وعلى الرغم من أنه لا يظهر في العديد من الأساطير، إلا أنه كان يتمتع بشعبية كبيرة بين المصريين وأصحاب الثقافات أخرى، وكان كهنته ذكور يلبسون أقنعة خشبية تشبه أنوبيس عند أداء الطقوس في مركز عبادته في سينوبوليس بصعيد مصر و تم بناء النصب التذكارية له في كل مكان وكان تبجيله في كل جزء من البلاد.


٦-

الجزء الاول:

تكلمنا فيما سبق عن الإلهة الرئيسية في الديانات المصرية القديمة وهم:

- نوت/ نيث: الأم العذراء.

- آتوم: الخالق.

- رع: ملك الآلهة.

- آمون رع: المحتجب ملك الآلهة.

- أوزوريس: ملك السماء ومملكة الموتى

- إيزيس: آلهة السماء والأمومة

- حورس: ملك الأرض

- نفتيس: ربة السماء

- أنوبيس: إله التحنيط وحارس الجبانات

وسنتكلم بنبذة مختصرة عن باقي الآلهة حتى الوصول لثورة أخناتون وتوحيد الآلهة تحت اسم (آتون رع)

وقبل الاستطراد في الحديث عن الآلهة أريد أن أذكر لماذا الخوض في هذا الموضوع الذي أعتبره أنا تاريخ رغم أن البعض كره التحدث فيه، هناك عدة أسباب


1- اعتقادي الراسخ بأن مصر عرفت ديانة سماوية عن طريق نبي أرسل إلي أهلها أو مر عليها .

2- سبب توحيد أخناتون للآلهة.

3- هل أعتبرهم قدماء المصريين بالفعل ألهه، أم كانوا بشر صالحين ثم تم تأليههم، أم هم أساطير مخترعة، أم أنبياء البسوهم صفة الألوهية ونحن نعلم أن كل الأنبياء لم يرد ذكرهم بالقرآن الكريم أو باقي الكتب المقدسة (وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ۚ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا (164( رسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165) لَّٰكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ ۖ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا (166) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا (167) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (169) يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَّكُمْ ۚ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (170)) سورة النساء


ـ ونلاحظ رغم أنهم آلهة إلا أنهم يتزوجون وينجبون، ويتم بينهم زواج المحارم فكل منهم تزوج من أخته، وهذا يعطي شرعية لبعض الملوك القدامى في زواجهم من المحارم.

يقول ا المؤرخ لأستاذ دكتور/ قاسم عبده قاسم:

- بما أن عمر الإنسان على الأرض خمسمئة ألف سنة، وأن المدوّن هو تاريخه بدايةً من خمسة آلاف سنة مضت، بالتالي فإن ما نعرفه عن تاريخ الإنسان هو مجرد 1 % فقط من هذا التاريخ، هذا يجعل من وظيفة التاريخ ليس أن يقدم الإجابات دائمًا بل أن يطرح الأسئلة ويستفز الفضول، وإن كان من المستحيل حَالِيًّا حسم الشك، فمن يدري ماذا قد يطرأ مستقبلًا من تطور لوسائل البحث التاريخي أو من اكتشافات تاريخية، فلهذا يستمر علم التاريخ في عملية طرح الأسئلة حتى وإن لم تكن لها إجابات حاضرة، ومن هذه الأسئلة:

- هل إدريس هو أوزوريس؟، هل حكم إدريس مصر كملك ونبي؟


الجزء الثاني:

- ديانات العالم القديم في مصر والشام والعراق- تحمل في موروثاتها تشابهات قوية مع الأديان السماوية الثلاثة: اليهودية والمسيحية والإسلام، ومع ما جاء في معتقدات وكتب الصابئة، وأسطورة (أوزوريس) الذي قال البعض إنه سيدنا (إدريس) وقصة الطوفان العراقية دليلا على هذا التشابه

كما أن كثيرًا من النصوص التي وردت في وصف الآلهة بها شبه إلى حد كبير ببعض النصوص التي وردت بالكتب المقدسة، وفي بحث لي كنت قد أعددته عن فرعون سيدنا موسى استشهدت بنبوءة (نفر رهو) وقصة الغزالة في التاريخ المصري القديم، و أرجح أن كتاب هذه الأساطير لهم دراية بنصوص سماوية سابقة وقد أخذوا منها، وتذكر كثير من المصادر أن سيدنا (إدريس/ أخنوخ) -عليه السلام- وجد بمصر أما أنه من أهلها أو حكامها أو مر عليها فقط.

قال تعالى:( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (56) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57)) سورة مريم

وقد رفع إلى السماء حسب الروايات الإسلامية وورد ذكره في سفر التكوين (اسم عبري ومعناه (مُكَرَّس) أو (محنك) ولفظ الاسم في الأصل العبري هو نفس الاسم حنوك في الترجمة العربية. وهو ابن يارد وأبو متوشالح( تك 5:18،21) وهو السابع من آدم ((يهوذا 14) من نسل شيث وعاش ثلاثمائة وخمس وستين سنة (تك 5:23 ) ويخبرنا الكتاب المقدس أنه لم يوجد بعد ذلك لأن الله أخذه( تك 5:24 )الله أخذه بأن الله نقله لكي لا يرى الموت.

وفي سِفر أخنوخ (من الأسفار غير القانونية) لعدم ضمها للكتاب المقدس، نجد وصفًا لمعراج أخنوخ/ إدريس إلى السماء وحواره مع الرب الذي وعده أن يكون ممن يشهدون على الناس عند حساب الآخرة، ثم رجوعه للأرض وتعليمه أبناءه ما تعلمه في السماء، وأخيرًا حمل الملائكة له للسماء مرة أخيرة.

أكد الدكتور وسيم السيسي، عالم المصريات، أن (أوزوريس) هو من دعا للتوحيد، وأسس لقانون الأخلاق في مصر القديمة، مضيفًا أن أوزوريس هو المذكور في القرآن بسيدنا إدريس، جاء ذلك خلال ندوة (الهوية المصرية بين التاريخ والمعاصرة)، المقامة بمعرض الكتاب 2017.

اتفقت مصادر التأريخ الإسلامية على أن إدريس عاش في مصر وكان ملكًا عليها، يذكر السيوطي في كتابه (حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة) يذكر اسم إدريس بين من دخلوا مصر من الأنبياء، ثم دفع له أبوه العلوم المتوارثة عن جده، فطاف بالبلاد وبنى عشرات المدن في مختلف الأنحاء

أصغرها (الرها) بالأناضول ثم عاد إلى مصر وحكمها وزاد في مسار نهر النيل وقاس عمقه وسرعة جريانه وكان أول من خطط المدن ووضع قواعد للزراعة وعلّم الناس الفلك والهندسة، ويربطه بالصابئة (واسمه في كتبهم (هرمس))

ويقول إن بعضهم يدّعي أن أحد أهرامات مصر قبره والآخر قبر جده شيث بن آدم.

و أورد المقريزي في كتابه (المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار) المعروف باسم الخطط المقريزية، أن إدريس مَلَك مصر وكان أول من بنى بها بيوت للعبادة، وأنه أول من علّم الناس الطب.

وينقل المؤرخ ابن تغري بردي في كتابه (النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة) رواية عن بناء إدريس للأهرام، فيقول إنه قد استدل من فهمه لحركة الكواكب على قرب الطوفان، فبنى الأهرام

و أودعها العلوم التي خشي من ضياعها.

وفي كتاب (بدائع الزهور في وقائع الدهور) يذكر ابن إياس الحنفي (إدريس) بين من دخلوا مصر من الأنبياء وحكموها.

وتقول بعض الروايات التي نقلها ياقوت الحموي في كتابه (معجم البلدان) عن اسم (بابليون) إن إدريس كان يعيش في أرض بابل، لكنه تعرض لبعض المضايقات فدعا الله أن يرسله إلى أرض مشابهة فأرسله إلى مصر وصار ملكه بها.

يقول القرطبي: إدريس عليه السلام أول من خطّ بالقلم وعلّم الزراعة وتخطيط المدن ولبس المخيط والسكن في البيوت، وزاد البعض بأنه أول من ركب الخيل وجاهد في سبيل الله.

ومؤخرًا قال الدكتور على جمعه مفتي الديار المصرية السابق، أن الشيخ محمود أبو الفيض المنوفي في كتابه (العلم والدين)، تحدث عن أن وجه أبي الهول هو سيدنا إدريس، وأن الأثريين يذهبون إلى أن أبا الهول موجود قبل الأهرامات، وأن سيدنا إدريس ليس هو خوفو أو خفرع أو منقرع، ويتفق مع هذا القول كتاب (تأملات بين العلم والدين والحضارة) تأليف محمد فتحي عبد العال، حيث يرى أن أبا الهول هو الأثر الخالد لإدريس عليه السلام، مشيرا إلى أن إدريس كان يخط على الرمال وعلاقة أبي الهول بالرمال وطيدة ترافقت مع التمثال عبر تاريخه.

 بعد أن أوردت بعض المصادر التي ذكرت وجود سيدنا إدريس في مصر، نأتي للربط بين سيدنا إدريس وأوزوريس في الموروث المصري القديم، والأسطورة أشبه بـ (السيرة الشعبية) التي غزاها الكهنة في عصر الدولة الوسطى وأضافوا لها أبعادًا أسطورية لتأخذ شكل الملحمة.

أوزوريس يعتبر من أهم آلهة التاسوع الإلهي المقدس (تاسوع هليوبوليس) وهو مجلس يضم الآلهة الأعلى في مصر، وكان من الملوك الآلهة، وعلّم الناس الزراعة والبناء وسائر فنون الحياة.

ووفقًا لبردية (تورينو) فإن ملوكًا من الآلهة قد حكموا مصر قبل الملوك البشر، كان أوزوريس الملك قبل الأخير منهم، وهو من علّم الناس الزراعة ومختلف فنون الحياة وأشهرها لبس المخيط والكتابة، وهو في الرسوم والنقوش المصرية يظهر مرتبطًا بالزراعة من خلال تصويره راقدًا وعيدان الزرع تبرز من جسده

وفي كتاب (الجبتانا) الذي وضعه المؤرخ المصري مانيتون السمنودي ودوّن فيه قصة الخلق المصرية القديمة وأحداث أول الزمان حتى تكليف الآلهة لـ (مينا نارمر) بتوحيد مصر التي مزقتها حرب (سِت مع أخيه حورس المنتقم لأبيه أوزوريس) ورد وصف لـ (أوزوريس) أنه يتلقى من حين لآخر دعوة الآلهة فيصعد إلى السماء ويتعلم منها فنون البناء بالحجر والخط بالقلم والزراعة

والحكمة وتخطيط المدن، وتصفه بأنه أول من جعل الجبتيين (المصريين) يسكنون البيوت بعد أن كانوا يسكنون الكهوف خوفًا من الوحوش والمسوخ، كما تنوه بأنه أول من شيّد المعابد الضخمة، واهتم بتعليم الطب، وابتكر أدوات الزراعة والري مثل المحراث والشادوف، وازدهرت في عهده المدن والصناعات وعرف الناس لبس الأثواب الكتانية، وكان يتلقى وحي الآلهة ويرى الرؤى في نومه، وقد حكم مصر بالعدل حتى اغتاله سِت ثم عاد إلى الحياة ثم رفعته الإلهة إلى تاسوعها المقدس، وهو وفقًا للعقيدة المصرية القديمة- قاضي قضاة محكمة الآخرة.

ووجه التشابه بين سيدنا (إدريس و (أوزوريس) عبارة عن نظريات لا توجد أدلة قاطعة تدعم فرضيتها وتمثلت أوجه التشابه في الآتي:

- كل منهما كان مَلِكًا عادلًا ملهَمًا من السماء وعاشا على أرض مصر .

ـ علموا الناس الزراعة والتخطيط والكتابة والطب والحكمة ولبس المخيط، وتشييد المدن وَتَعْمِير البلاد.

- كلاهما ترك الدنيا مرتين، فإدريس عرج إلى السماء ليتعلم ثم هبط ليعلم الناس ثم رُفِعَ أخيرًا، وأوزوريس قُتِلَ ثم بُعِثَ ثم رُفِعَ.

- كلا من الجبتان وسفر أخنوخ يتلقى بطله وعدًا إِلَهِيًّا بأن يقوم شهيدًا على الناس يوم الحساب، وأورث إدريس مُلكَه ومكانته لابنه متوشالح، بينما أورث أوزيريس نفس التركة لابنه حورس.


(٧)

نعود للآلهة المصرية وهي آلهة تحمل صفات البشر فهي تتزوج وتنجب وتتآمر على بعضها وتتقاتل فيما بينها، وزواج المحارم صفة مميزة لهم، وأخذ عنهم هذه الصفة الملوك، أي أن زواج المحارم لم يكن معمولًا به بين أفراد الشعب، وكان هدف الملوك من هذا الزواج الحفاظ على الترابط العائلي ونقاء الدم الملكي، وعدم تبديد الثروات، والحقيقة فأنني أشك في حدوث زواج المحارم بين الملوك فقد كانوا يتمتعون بالصحة والعافية، بخلاف النسل الضعيف الذي ينتج من زواج المحارم، وأنا مع القائلين

في أن السبب في ظهور هذه الفكرة (زواج الأخ بأخته) أن الزوجة كانت تلقب بـ (سنت) أي الأخت والزوج يلقب بـ (سن) أي الأخ على سبيل التكريم.

وقيل إنه حدثت حالات زواج بين الآلهة والبشر فقد تزوج

 الإله (رع )من زوجة كاهن مدينة عين شمس وأنجب منها أول ثلاث ملوك من الأسرة الخامسة، كما ورد أن الإله


 (آمون) تزوج من موت أم ويا وأنجب منها أمنحتب الثالث كما تزوج من آعحمس نفرتاري وأنجب منها حتشبسوت، و أرجح أن الملوك قد ابتدعوا هذه الزيجات ليثبتوا أنهم من نسل الآلهة.


  نعود للآلهة المصرية قديمًا نجد أن إعدادها تصل في بعض المصادر إلى (٢٨٠٠) إله حتى أنه كان لكل مقاطعة إله وأحياناً عدة آلهة وصور مختلفة لكل إله وقد ورد ونبدأ بالتاسوع المقدس (تاسوع هليوبوليس) .

يسمى أيضًا التاسوع العظيم، وعلي رأس التاسوع يتربع (آتوم) اسمه يعني (التام أو الكامل/ خالق العالم) وفي بعض المصادر على رأس التاسوع (رع) إله الشمس وخالق العالم ابن (نيث) و (خانوم).

(شو): إله الهواء، زوج (تفنوت (ربة الشمس والقمر )أبنائهم

( جب ): إله الأرض وزوجته (نوت) ربة السماء، وأولادهم (إيزيس) ربة السحر و (أوزوريس) حاكم مملكة الموتى و (ست) رمز الشر والعنف و (نيفتيس )ربة المنزل.

وأنجب: (أوزوريس) و (إيزيس) أبنهما (حورس) حاكم مملكة الدنيا والباحث عن ثأر أبيه من عمه (ست).

وأنجب (ست) و (نيفتيس) ابنهم (أنوبيس) حارس الجبانة وإله التحنيط وهو ليس ضمن التاسوع المقدس.

وسبق الكلام بالشرح تفصيليًا لكل من:

(آتوم) و (رع) و (أوزوريس) و (إيزيس) و (حورس) و (ست) و (نفتيسس) و (أنوبيس)


 وسيتم الحديث عن باقي آلهة التاسوع:

الإله (شو): إله الهواء والسلام، الذي يرتفع ويجسد قبة السماء، ابن (آتوم) أخ وزوج الآهة (تفنوت ) والد الإله (جب) والآلهة (نوت)

الإلهة (تفنوت): آلهة الرطوبة والنار والقطة النوبية، بنت (آتوم) أخت وزوجة الإله (شو )، والدة الإله (جب) والآلهة (نوت)

الإله (جب): لقب بوالد الآلهة وهو أخو إلهة السماء( نوت ) وزوجها وهما الاثنان أبناء إله الهواء (شو ) وزوجته (تفنوت ) آلهة الرطوبة والماء والدا كل من (أوزوريس وإيزيس وست ونيفتيس).

الآلهة (نوت): آلهة السماء أخت( جب) وزوجته، ابنة(شو) و (تفنوت )وتنتمي إلى والدة (أوزوريس وإيزيس وست ونيفتيس).


(٨)

أسطورة ثامون الأشمونين ( أجدود هيرموبوليس)

بعد أن تحدثنا عن التاسوع المقدس ( تاسوع هليوبوليس)، نلقي الضوء على ثامون الأشمونين.

الأشمونين قرية بمركز ملوي بمحافظة المنيا، تجاور أطلال مدينة خمون المصرية القديمة وينسب إليها الثامون المقدس (هرموپوليس ماگنا أو ماجنا) عاصمة الإقليم الخامس عشر في مصر العليا القديمة ويطلق على الإقليم (إقليم أنثى الأرنب). ومدافن القرية تقع في تونا الجبل. 

كانت مقراً لعبادة (تحوت / جحوتي/ دجحوتي) إله الحكمة الممثل على شكل قرد بابون أو طائر أبي منجل، وقد قرن الإغريق إلههم (هرميس) بالإله المصري (تحوت)، وأطلقوا على المدينة هرموپوليس ماگنا.

وقد أدمج أخناتون منطقة هرموبوليس داخل نطاق منطقته الإعتكافية المعروفة باسم أخيتاتون" . 

يوجد أطلال معبد شيده الملك أمنحتب الثالث للإله (دجحوتي) ولم يتبق منه سوى تمثال ضخم للإله على هيئة قرد، وأجزاء من تماثيل مماثلة، كما أن هناك أطلال معبد، وبقايا تماثيل من عهد الملك رعمسيس الثاني وابنه الملك مرنبتاح. وتحتفظ المنطقة بأطلال معبد من عهد الملك (نخت نبف )من الأسرة الثلاثين، وآخر شيده فيليب أريدايوس، الأخ غير الشقيق للإسكندر الأكبر، وقد ضمت مناظر المعبد بعض المناظر الخاصة بالإسكندر الأكبر.

ترجع أسطورة الأشمونين إلى الألف الثالث قبل الميلاد، وفي رواية أخرى ذكرت في مدينة طيبة ترجع إلى الألف الأول قبل الميلاد.

تقول الأسطورة:

 لم يكن ثمة شيء في البدء سوى اللاوجود أو الفوضى ذاتها، والتي تمثلت في المياه الأزلية أو في القوى المتجسدة في الإله "نون" الذي أطلق عليه الواحد القديم، الذي كان هو المبدأ الأول أو الأصل الأول، وفي مرحلة فوضى ما قبل الخليقة كانت هناك ثماني آلهة على شكل أربع أزواج قبل أن يقوم الإله الخالق بتشكيل النظام من الفوضى.

هذه الآلهة هي: 

- (نون) ورفيقته (ناونت) يمثلان المياه البدائية وسر نشأت الكون،وهي أول آلهة القدماء، في أجدود ، يصور (نون) الذكر كضفدع أو رجل ذي رأس ضفدع، وصور في الفن المصري القديم كرجل ملتح ذي بشرة مائلة إلى زرقة وحمرة و الذي يمثل الماء. أما (نوونيت )الأنثى فتصور على هيئة أفعى أو امرأة ذات رأس أفعى. أصبح نوون يعتبر في وقت الدولة المصرية الوسطى أنه أبو الآلهة وكان يصور على جدران المعابد عبر تاريخ مصر القديمة الديني

(حح) ورفيقته (حاوحت) يمثلان اللانهاية والخلود، مثل أعضاء الثامون كان في شكله الذكوري في كثير من الأحيان يصور على هيئة الضفدع، أو إنسان برأس ضفدع، وشكله المؤنث كانت تصور على هيئة ثعبان أو امرأة برأس ثعبان. أما التصوير الشائع له فيصوره على هيئة رجل جاثم بركبة على الأرض وساق منتصبة على القدم، ويحمل ورقة نخيل - أو ساقها .

- (كوك) ورفيقته (كاوكت) يمثلان الظلام.

(آمون) ورفيقته (أماونت) يمثلان الهواء، في الأسرة الثامنة عشرة اعتبرت الإوزة المصرية مقدسة كتجسد لآمون، ولكنه كان يُمثل أكثر باعتباره الكبش وفير الصوف ذي القرنين المعقوفين الذين أصبحا يعرفان باسمه قرنا آمون ووجد ممثلا بهذه

 الصورة منذ عهد أمنحوتب الثالث، في المقابل ارتبط نوع الكباش المحلي القديم ذي الشعر المرسل والقرون المستقيمة المبرومة بالإله (خنوم). كما ظهر أيضا في صورة إنسان برأس ضفدع، ممثلا لدوره في الأجدود.

 وبصفة عامة صور أرباب الثامون برؤوس ضفادع، بينما يصور الإناث برؤوس أفاع، كما أنهم كانوا يمثلون أيضا في صور بشرية ويطلى جلد الذكور باللون الأزرق، وفي بعض الأحيان كان الأرباب يصورون في شكل قرود بابون تحيى شمس الصباح؛ في إشارة إلى أسطورة شروق الشمس على الجزيرة البدائية. 

وتحدثنا الأسطورة بأن الثامون قد أوجد بيضة وضعوها على سطح (نون) ولد منها إله الشمس الذي خلق بدوره العالم ونظمه، وتقول أسطورة طيبة عن ثامون الأشمونين، إن الثامون ا نشأ في طيبة ثم حمل مع التيار على أمواج النيل حتى الأشمونين حيث أتموا عملية الخلق على جزيرة اللهب، ثم وصلوا بعد ذلك إلى منف حيث خلقوا الشمس بكلمة منهم، وشخصية الخالق في الثامون غير محددة، ونسبت عملية خلق البيضة للثامون كلهم، وذلك على العكس من أسطورة عين شمس ( التاسوع المقدس) التي حددت الخالق بواحد هو(آتوم)، حتى أنه هو الذي خلق نفسه ثم خلق بعد ذلك ذريته (شو) و(تفنوت). 

يعود تاريخ المجموعة إلى زمن المملكة المصرية القديمة، وربما إلى زمن نشوء نصوص الأهرام في نهاية المملكة القديمة، وبوجود التاسوع المقدس غفل الناس عن ثامون الأشمونين باستثناء علماء اللاهوت، وذكر الثامون في نصوص التوابيت في عصر المملكة المصرية الوسطى.

وفيما يلي بعض المعلومات الإضافية في بعض المصادر عن الإله ((حوح) (تحوت / توت): إله الحكمة والسحر: أحد أرباب ثامون الأشمونين وجعلت نظيره الأنثوي الإلهة (ماعت) بدلأً من (حاوحت) أعتبر قدماء المصريين أنه هو من علمهم الكتابة والحساب و له دور أساسي في محكمة الموتى حيث يقوم بتسجيل نتيجة الميزان تعددت الأقوال في نشأته ففق قول بأنه ولد من قلب (رع )وقول آخر بأنه ولد من جمجمة( ست) وهو الوسيط بين آلهة الخير والشر في صراعهم وقد ارتبطت معرفة المصريين للتقويم وأيام السنة والشهور بالإله تحوت. 


آلهة الحق والعدل (ماعت): لا تنتمي لثامون الأشمونين لكنني أذكرها لأنها نظير الإله (تحوت الأنثوي) في بعض المصادر. الإلهة (ماعت) آلهة الحق والعدل والنظام والمتحكمة في فصول السنة وحركة النجوم، لهذا سميت مصر قديما (أرض النيل والماعت)، ولها دور في حساب الميت ووزن قلبه في الآخرة أمام ( أزوريس)، ومنذ الأسرة الخامسة( 2510-2370 ق م) أطلق على الوزير المسؤول عن العدالة اسم كاهن ماعت، وفي فترات لاحقة ارتدى القضاة صور ماعت.


(٩)

ثالوث الفنتين

ثالوث الفنتين (خيمنو أو خنوم ،ساتيت، عنقيت)حماة محاجر الجرانيت وحدود مصر الجنوبية.

يمثلون مظاهر للطبيعة، مركز عبادتهم مدينة(تا-كينس) وجزيرة سهيل علي بعد 2كم جنوبي أسوان وجزر الفنتين في مدخل مصر الجنوبي. أسوان كان اسمها القديم (سونو) وحور في القبطية إلي (سوان /سويان/ سويني) ومعناها السوق مما يشير لدور المنطقة في التبادل التجاري بين الصعيد ومصر وبين النوبة وماوراءها. 


نبدأ بذكر أعضاء الثالوث:

اولًا:الإله (خنوم/ خيمنو/غنوم / نوم):

  رب الماء العذب ،الإله الذي يخلق الإنسان ، رب الخصوبة والإنجاب.

سيد هرمابوليس ماجنا،مركز عبادته في إلفنتين وعبد في أماكن مختلفة في أسوان وإسنا وممفيس (منف) ومساحة عبادته كانت من طيبة إلى فيله ولكن الأضرحة الرئيسية له كانت عند نهاية الشلال الأول باعتباره الإله الذي أتي بالنيل ليقيم الحياة على ضفافه، زوجاته ( حقت/ عنقيت - باستيت) وابنته ( أنوكيس) ،كان يتقمص كبشًا في معابد الفنتين، وكان يسوي المخلوقات على عجلة كصانع الفخار، فكان كل طفل يولد من صنع يده وإليه ينسب حسن تركيب أجسام المواليد، وكان يعبد بجانبه قرينتيه (باستيت) و(عنقت)، وقد عرف في ديانة قدماء المصريين بأنه (نب- قبحو) أي سيد المياه وظل يعبد أيضا خلا عصر الدولة الحديثة،وفيل عنه رافع

السماء علي أعمدتها الأربعة، وقد اتحد بأربعة أرباب ( رع) و(شو) و(جب/ سب) و (أوزير) وارتبط أيضًا بـ (نو) إله هاوية الماء البدائي. 


ثانيًا: الإلهة ( باستت/ ساتيت/ ساتي): معبودة الحنان والوداعة، رمز الخصوبة وحامية المرأة الحامل، ربة الغمر بالماء .

زوجة (خنوم )ابنة معبود الشمس( رع ) أو ابنة ( آتوم) و(نفرتم) وأخت ( عنقت) صورتها الرسومات على شكل امرأة لها رأس قطة وصورتها أيضًا تحمل في يدها قوص وسهام ،وفي العديد من الصور تشاهد مرتدية تاج الجنوب ذو أعمدة وقرون مركز عبادتها مدينة بوباستيس (تل بسطة) وعبدت في الفنتين وشيد لها معبد دندرة وتعتبر ربة دندرة المحلية، أدمجت مع المعبودة ( سخمت) فعندما تغضب باستيت تصبح

 (سخمت) وتنتقم من الأعداء ومن هو ذو خلق رديء، ارتبطت (باستيت) في عهد المملكة المصرية القديمة بالمعبودة(حتحور/هاتور)، وفي عهد الأسرة الوسطى كانت تمثل بالآلهة (موت).

كان المصريون القدماء يحتفلون بعيد (باستيت) بتعاطي البيرة (يسمى أحيانا عيد السكر).


ثالثا: الآلهة ( عنقت / عنقيت /المعانقة): إلهة نهر النيل ، مانحة الحياة

مركز عبادتها في الفنتين وفي المناطق القريبة من النوبة، وجزيرة سهيل ، وسميت بسيدة (ساتيت) ولها معبد هناك دعي ( امين- حري- اب) و لها معبد في فيلة حمل اسم ( با- مير).

 وهي زوجة ثانية للإله (خنوم) ، وكانت تصوّر كامرأة مع غطاء للرأس من الريش المنتصب وتمسك بيدها رمز (عنخ)، وكان لها حيوان مقدس وهو الغزال، وفي صورة أخري نراها ترضع الملك الشاب وتعانقة باليد اليسري .

شيد معبد مخصص لعنقت في جزيرة سهيل، وخصص لها معبد من قبل الفرعون سبك

حتب الثالث من الأسرة الثالثة عشرة و خلال عهد الأسرة الثامنة عشرة كرّس أمنحتب الثاني مصلى ومعبدا لها. 

و خلال عصر الدولة الحديثة شملت عبادة عنقت في الفنتين موكباً نهرياً لها خلال الشهر الأول من فصل الحصاد (شمو).


توضيح( رمز عنخ): 

رمز عنخ هو مفتاح الحياة أو مفتاح النيل ورمز الحياة الأبدية عند قدماء المصريين، وكان تحمله الآلهة والملوك و سائر المصريين كتميمة مع اثنين من الطلاسم الأخرى التي ترمز للقوة والصحة ووضع القدماء نماذج معدنية لمفتاح الحياة على القبور بعد أن تصقل بالذهب أو النحاس كي ترمز للشمس.

 

(١٠)

حساب الميت في الآخرة.

 المصري القديم يؤمن بالبعث بعد الموت، وبأن هناك حسابًا، ثم الحياة الأبدية (أما نعيم وأما فناء)/ ويتحدد موقفه بعد أن يحاسب على سلوكه أثناء حياته في الدنيا، وحتى يبعث في الآخرة فلا بد من عودة الروح للجسد، ومن أجل هذا يتم تحنيط جثة الميت لحمايتها من التحلل كي تتمكن الروح من التعرف عليها، فالروح في عقيدتهم خالدة لا تموت، وبعد تعرف الروح على الحسد، تتم عملية البعث.

صور المصري القديم الروح في نقوشه ورسومه على هيئة كائن له جسد طائر ورأس إنسان، وهذا الطائر ينتقل بين العالم المادي الأرضي والعالم الآخر السمائي .

والحساب يكون أمام المحكمة الإلهية على ما فعله الإنسان في حياته من خير أو من شر، فيوزن قلبه في ميزان العدل والحكمة.

وبناء على ما ورد في كتاب الموتى (1275 قبل الميلاد): هناك أسئلة تسأل بواسطة الآلهة وهناك اعترافات نافية للذنوب يدلي بها من يتم حسابه ولا يستطيع إلا قول الحقيقة فقلبه يوضع على الميزان في كفة وريشة الآلهة (ماعت) في الكفة الأخرى، فإذا رجحت كفة ريشة (ماعت) فإنه يدخل الفردوس، وأما إذا رجحت كفة القلب من ثقل ذنوبه فإنه يذهب إلى الفناء، ويقوم بعملية الميزان (أنوبيس) ويسجل النتيجة (تحوت/ توت)، والفناء الذي يلقى إليه قلب العاص هو الكائن (عمعموت) والذي كانت المعتقدات المصرية القديمة تمثله على هيئة وحش مفترس، رأسه رأس تمساح وجسمه جسم أسد والجزء الخلفي من جسمه فرس النهر.

وتتكون هيئة المحكمة من 42 قاض، كلهم آلهة كل إله يمثل أقليم من مصر، ويرأسهم (أوزيريس).

وأمام المحكمة يدافع الميت عن أفعاله في الدنيا ويحاول إثباتا أنه كان يتبع الطريق القويم فيقول:

لم أقتل أحدا، ولم أفضح إنسانا، ولم أشك عاملا لدى رئيس عمله، ولم أسرق، وكنت أطعم الفقير، وأعطي ملبسا للعريان، وأساعد اليتامى والأرامل، وكنت أعطي العطشان ماء.

ثم يبدأ القضاة في سؤاله عن معرفته بالآلهة، فكان عليه أن يذكرها بأسمائها دون أن ينسى واحدًا منهم، وكان كتاب الموتى الذي يوضع معه في القبر يساعده على (المذاكرة) وحفظ أسماء الآلهة.

ثم يأتي وقت البعث ويذهب (أنوبيس) بالميت إلى عملية وزن القلب أمام ريشة (ماعت) للفصل في الأمر، فإذا نجح في ذلك يسمونه (صادق القول) بمعني المغفور له، فيعيدون تركيب قلبه في جسمه (المحنط) ويعطونه ملابس بيضاء زاهرة ويدخل جنة، يلتحق فيها بزوجته ويساعدهما خدم يسمون (أوجيبتي) أي مجيبين ويلبون طلباتهما، وإذا لم ينجح وطب قلب الميت في الميزان، يكون هالكًا حيث يكون (عمعموت) واقفا بجانب الميزان منتظرا لكي يلقوا إليه قلب المذنب فيلتهمه على الفور، ويكون ذلك المصير النهائي للفقيد.

 وقد ورد بالوثائق الدينية والنصوص الجنائزية الواردة بكتاب الموتى ما يقوله من يتم محاسبته:

السلام عليك أيها الإله الأعظم إله الحق، لقد جئتك يا إلهي خاضعا لأشهد جلالك، جئتك يا إلهي متحليًا بالحق، متخليًا عن الباطل، فلم أظلم أحدا ولم أسلك سبيل الضالين، لم أحنث في يمين ولم تضلني الشهوة فتمتد عيني لزوجة أحد من رحمي ولم تمتد يدي لمال غيري، لم أكن كاذبا ولم أكن لك عصيا، ولم أسع في الإيقاع بعبد عند سيده.

إني يا إلهي لم تتسبب في جوع أحد، ولم أبك أحدا، وما قتلت وماغدرت، بل وما كنت محرضا على قتل، إني لم أسرق من المعابد خبزها ولم أرتكب الفحشاء ولم أدنس شيئا مقدسا، ولم أغتصب مال حرام ولم أنتهك حرمة الأموات، إني لم أبع قمحا بثمن فاحش ولم أغش الكيل، أنا طاهر، أنا طاهر، أنا طاهر، وما دمت بريئا من الإثم، فاجعلني يا إلهي من الفائزين فأنا لم أحرم الماشية من عشبها، لم أصنع الفخاخ لعصافير الإله، لم أصطد السمك من بحيراتهم ، لم أمنع المياه في موسمها، لم أقم سدا أو عائقا أمام الماء الجاري، لم أطفئ نارا متأججة.

وقد ورد أيضا ببردية يشار إليها باسم (العاني) وهي مخطوطة بردية بالهيريغليفية المبسطة رسمت (1250 ق. م) في عهد الأسرة 19 في المملكة الحديثة بمصر الفرعونية. عدد 42 إنكارا هم:

لم أرتكب خطيئة- لم أشارك في سرقة مسلحة- لم أسرق- لم أقتل رجالا أو نساء- لم أسرق الحبوب- لم أسرق القرابين- لم أتعد على أغراض الآلهة- لم أكذب- لم أكن نهما- لم ألعن لم أزن- لم أبك الآخرين- لم آكل قلبي (لم أتجاهل الندم على أخطائي)- لم أندفع لعراك- لم أخدع- لم أصادر أرضا مزروعة- لم أتنصت- لم أفتر- لم أغضب دون سبب- لم أراود زوجة غيري- لم أقترب من زوجة غيري (يكرر الإنكار السابق، ولكن مع الاستدارة لإله آخر)- لم أكن جلفا- لم أنزل كارثة بأحد- لم أعتد- لم أغضب- لم أسد أذني عن كلمة الحق- لم أألم- لم أكن فظا- لم أنشر البغضاء (لم أرفض السكينة)- لم أتسرع في الفعل أو الحكم- لم أتدخل في شئون الآخرين- لم أتكلم بغموض- لم أكن عارا على أحد ولم أخالط الأشرار- لم أتآمر على فرعون (لم أكفر بفرعون) - لم أتدخل في سريان الماء- لم أرفع صوتي (لم أتكلم بخيلاء أو غضب)- لم أكفر- لم يعمني الغضب- لم أسرق خبزا من الآلهة- لم آخذ فطائر خنفو المتروكة لأرواح الموتى- لم أنزع خبزا من طفل، ولم أزدر إله مدينتي- لم أقتل المواشي المقدمة للآلهة.


تعالوا نتعرف على الآلهة التي تشارك في حساب الميت.

- (أوزوريس) إله السماء ورئيس المحكمة، سبق ذكره باستفاضة.

-( أنوبيس) حارس الجبانة سبق ذكره باستفاضة.

- (الإله تحوت/ أو توت) إله الحكمة عند المصريين القدماء. أحد أرباب ثامون الأشمونين (سبق ذكره في ثامون الأشمونين).

- (توت/ حتحوت) وصور في كتاب الموتى، واقفا عند الميزان، ممسك بالقلم ولوح الكتابة في يديه، يدون أعمال الموتى، ويقدم الحساب إلى (أوزوريس).

- (ماعت) آلهة الحق والعدل والنظام والمتحكمة في فصول السنة وحركة النجوم، نظير تحوت الأنثوي، سميت مصر قديما (أرض النيل والماعت )، كانت تمثل لدى قدماء المصريين العدل والحق والنظام الكوني والخلق الطيب، وتتبوأ ريشتها في محكمة الآخرة مركزا مميزا، حيث يقاس ويوزن أمامها قلب الميت لمعرفة ما فعله في دنياه، هل كانت حياته صالحة سوية مستقيمة تتفق مع ( الماعت ) أم كان جبارا عصيا لا يؤتمن إليه كذابًا، ومنذ الأسرة الخامسة (2510-2370 ق م) أطلق على الوزير المسؤول عن العدالة اسم كاهن ماعت، وفي فترات لاحقة ارتدى القضاة صور ماعت.

(عمعموت/ أمت أو عميمة) 

آكلة الموت، كائن خرافي أسطوري بجسد أسد أو فرس النهر ورأس تمساح، لم يعبدها المصريون القدماء ولم تعتبر أبدا آلهة حقيقية، وكانت تمثل أسوأ مخاوفهم وكوابيسهم، كانت تنتظر قدوم الموتى لمحاكمتهم في منزل إله الموت (أوزوريس) بالعالم السفلي، وبعد أن يتم وزن القلب، إن كان نقيا أي أخف من ريشة العدل والنظام (ماعت)، مر المرء بسلام وأعطي ثوبا أبيض جميلا وحديقة يعيش فيها هو وزوجته يأكلون من ثمارها، وإن كان قلب المرء مثقلا بالذنوب والأعمال السيئة وأثقل من ريشة (ماعت) يلقى إلى (عميمة) ليلتهمه، فيمحى صاحبه تماما من العالم ويختفي من الوجود، ويقال أن الإله (أمحيك) الذي يحمل ذات اللقب- لم يكن إلا شكلا من أشكال (أمت) وربط البعض بينه وبين الإلهة (إيه) التي لديها شكل فرس نهر، نظرا للتشابه بينهما في الهيئة ودورهما بمحاربة الشر، وتخيل القدماء أنها تعيش في بركة من النار، تلقى فيها أرواح المخطئين، حيث تحمي البحيرة بدلا من التهام الأرواح، وربطها بعض الباحثين بالآلهة سخمت، لأن هذه الأخرى كانت تحمي البحيرة أيضا كما كانت لها هيئة أسد شبيهة بأمة.


(١١)

الجزء الأول

آلهة مصر القديمة:

تكلمنا في الحلقات السابقة عن بعض الآلهة التي عبدت في مصر القديمة وأشرت إلي أعدادها الهائلة وصورها المتغيرة، ابدأ في إلقاء الضوء باختصار على بعض الآلهة حتى نصل إلى ( آتون) الذي جسده الملك أخناتون على هيئة قرص شمس تخرج منه أيد بشرية تمسك بمفتاح الحياة (عنخ) كي يهب الحياة للبشرية جمعاء ونبحث عن أسباب محاولة أخناتون توحيد الآلهة في إله وحد في الحلقة الثانية عشرة.

واسمحوا لي أن نقسم الحلقة الحادية عشرة لعدة أجزاء.

الجزء الأول:

- الإله (مين / منو/خيم):إله التكاثر والخصوبة

صانع الآلهة والرجال

نشأت عبادته في الألفية الرابعة قبل الميلاد (عصور ما قبل الأسرات) وكان ممثلا في العديد من الأشكال المختلفة، ولكن في أغلب الأحيان يصوّر في شكل رجل مع قضيبه المنتصب ويحمل في يده اليمنى منشّة.

مركز عبادته في قفط (كوبتوس) و أخميم


 (خيميس( وكان يتم الاحتفال به سنويًا في مهرجان وتقدم له القرابين وامتدت عبادته للصحراء الشرقية والنوبة مع صلات بالإله حورس(مين- حورس) وامتزج أيضا مع آمون في صورة الإله (مين-آمون).

في موسم الحصاد يؤخذ تمثاله من الهيكل إلى الحقول في مهرجان (رحيل مين) ليبارك الحصاد.

زوجات مين كانت (لابيت) و(ريبيت)


- الإلهة(سخمت) : السيدة العظيمة محبوبة بتاح، عين رع، سيدة الحرب، سيدة الأرضيين .

أبنة (رع ) وزوجة ( بتاح) والدة (نفرتوم إله اللوتس)إخوتها (حتحورو)باستيت) و )سركت( و ( شو).

مركز عبادتها: ممفيس، ليونتوبوليس، كانت تمثل كسيدة برأس لبؤة جالسة أو واقفة على العرش الذي تزينه علامة توحيد شمال وجنوب مصر وتمسك بيدها مفتاح الحياة (عنخ) ، يعلو رأسها قرص الشمس وثعبان الكوبرا، هي أحد أعضاء ثالوث منف (بتاح - سخمت - نفرتم) أدمجت مع الآلهة (باستت (القطة الوديعة، في الدولة الحديثة.

 عندما غضب (رع) إله الشمس على البشر أرسل (سخمت) لقتل الخارجين عليه، فعاثت في القتل حتى كادت أن تقضي على كل البشر، ولتتوقف أسكرها (رع ) وقدم لها كميات كبيرة من الجعة الملونة أحمر والتي تشبه لون الدم فشربت منه وسكرت وهدأت حتى توقفت عن القتل.


- الإلهة (باخت) إلهة للحرب، من تفتح الطريق أمام الأمطار العاصفة و إلهة فم وادي، من تخدش بأظافرها

لقب فم وادي مرتبط باللبؤات التي تصيد في وادي النيل، بالقرب من المياه قرب حدود الصحراء، وقد ظهرت باخت في سلسلة نسب الآلهة المصرية خلال عصر الدولة الوسطى، كما هو الحال مع )باستت (و(سخمت) و ترتبط باخت بالإلهة )حتحور( و بالتالي، فهي إلهة للشمس كذلك، وترتدي قرص الشمس كجزء من تاجها، وهي مرتبطة مع العواصف الصحراوية، كما كان الحال مع الإلهة سخمت، كما أنها حامية للأمومةمثل الإلهة باستت.

و في الفن، كانت تصور كامرأة برأس سنور أو كسنور كامل الجسد وغالبا ما كانت تصور أثناء قتلها للثعابين بمخالبها الحادة. 

بنت لها الملكة حتشبسوت معبد قرب مدينة المنيا


-الإله (بتاح / فتاح): المعبود الخالق، خالق العالم

والد ( آتوم) و(نفرتوم) زوج (سخمت) مركز عبادته (منف ) بتاح في الأساطير المصرية كان تأليهًا للربوة المقدسة في قصة بدء الخليقة الإنيادية، والتي كانت تعرف حرفيا بالاسم( تا – تنن) ومعناها الأرض المرفوعة أو (تانن) الأرض المغمورة.

 أهمية (بتاح) في التاريخ يمكن فهمها من كون الاسم الغربي لمصر Egypt مشتق من الهجاء اليوناني للكلمة (ح - وت - كع – پتاح) والتي تُكتب أحيانا( حت - كا – پتاح) وتعني (معبد - كا – پتاح) أي معبد روح پتاح وهو معبد في منف.

من ألقاب ( بتاح): الوجه الجميل- سيد الحقيقة - سيد العدالة-الذي يستمع إلى الدعاء- سيد الاحتفالات- سيد الأبدية- واجد أول بداية.

في الفن، يبدو پتاح كرجل مكفن ملتح، غالبا ما يعتمر طاقية، ويداه قابضتان على (عنخ، وآس ودجد) وهي رموز الحياة والقوة والاتزان بالترتيب، كما يعتقد كذلك أن پتاح جسد نفسه في العجل أبيس، لاحقا وحد قدماء المصريين بين (بتاح) (وسوكر) ليصبحا (پتاح – سوكر).

صور في شكل إنسان جالس بلحية فرعونية، ويرتدي إما تاج أتف (كما كان يفعل بتاح- سكر) أو وهو يعلو تاجه زوج من قرون الكبش يعلوهما قرص الشمس وريشتان طويلتان.


- الإله( سوكر/ سوكار/ سقر): إله الموت - إله الأرض وحامي عمال التعدين

كان يمثل إله الخصوبة ثم تحول إلي إله الموت، انتشرت عبادته في شمال مصر في منطقة )منف) كان قريبا من الإله بتاح ولهذا كانوا يسمونه (بتاح- سوكر)، كان يمثل بجسم إنسان له رأس صقر، وكان له دور في طقوس فتح الفم للموتى وكان له احتفال يحتفل به في منف منذ أقدم العصور كإله الموت، وربط أيضًا بين إلهي الموت (أوزوريس وسوكر) ومن هنا نشأ معتقد الثلاثي: (بتاح- سوكر-اوزوريس).


- الإله( تاتنن / تانن/ تاننو/ إله التل البدائي و مصدر الغذاء والمؤن والقرابين الإلهية، وكل الأشياء الجيدة.

مركز عبادته منطقة منف المعروفة آنذاك باسم (من نفر) العاصمة القديمة لمقاطعة الجدار الأبيض (إنب حز) في مصر السفلى/ والده الإله الخالق( خنوم) الذي صنعه على عجلة الخزف من طين النيل في لحظة خلق الأرض اسمه يعني حرفيًا الأرض المرتفعة أو الأرض العالية، فضلا عن أنه أيضا يعني الإشارة إلى طمي النيل، كما كان إله العالم الآخر البدائي، وقد تم ربط تاتنن مع عملية الخلق، وقيل إنه كان حامي الطبيعة المخنث (مزدوج الجنس)، وتم دمجه مع (بتاح في عصر الدولة القديمة في صورة (بتاح- تاتنن) ويمكن أن ينظر إلى (بتاح- تاتنن) على أنه والد( أجدود هرموبوليس)، وهي الآلهة الثمانية (اثامون الأشمونين)  


- الآلهة(حتحور): إلهة السماء، والحب، والجمال، والأمومة، والسعادة ، والموسيقى، والخصوبة و سيدة الفيروز

 سميت قديما باسم بات ووجدت على لوحة نارمر ، وكان يرمز لها بالبقرة امنيه، مركز عبادتها مدينة الأشمونين بالقرب من الفيوم ومدينة أبيدوس بالقرب من سوهاج، تم تصويرها في صورة بقرة، أو امرأة لها أذنا بقرة أو على رأسها قرنان. كانت رمز الأمومة البارة. 

هي التي أوت اليتيم ) حورس ( ابن )إيزيس( وأرضعته وحمته، وتصور على أنها تجوب الصحراء غرب النيل في هيئة اللبؤة لحماية القبور هناك.

 ما زال اسمها حيًا في اسم ثالث شهور السنة القبطية .


الجزء الثاني : من الحلقة الحادية عشرة 

من آلهة مصر القديمة 


- الإله (أبوفيس أو أبيب، أبيبي- أآعبابي (‏الأفعى الشريرة – عدو ( رع)

في الميثولوجيا المصرية القديمة تعتبر الأفعى الشريرة رمز الشر، عدو لرمزي الخير( رع وماعت) ممثلي الحقيقة والعدل و صور على شكل ثعبان ضخم يلتف حول نفسه عددا من المرات، ويظهر غالبا في الرسومات على جدران المعابد وهو يهزم أو يقتل من قبل أحد الرموز.

كما رسم على شكل سحلية ضخمة، أو تمساح، ولاحقا على شكل تنين ويشكل جزئًا من النظام الكوني الأكثر تعقيدا لتحديد هوية) رع وآتوم( وهو العدو الأكبر لهما

تحكى الأسطورة أن (أبوفيس) في معارك دائمة مع ( رع) فهو يهاجم قارب الشمس كل صباح ليمنع( رع) من الإبحار نحو الأفق، ورغم هزيمته في كل مرة، يعود في كل صباح.

أحيانًا تكون له اليد الطولى في القتال، فتحدث الزلازل والعواصف والرعد، وقد ينتصر فيقوم بابتلاع الشمس، ويحدث بهذا الكسوف، ولكن حراس مركب الشمس المصاحبين لرع يقطعون رأسه سريعا، فلا يستمر الكسوف إلا دقائق معدودة، ومن المحتمل أن يكون هذا تفسير المصرين القدماء لظاهرة الكسوف، وكان القدماء يقيمون له طقوس لاسترضائه.


- الآلهة (وادجيت/وازيت) إلهة الكوبرا الفرعونية، الإله الوصي لمدينة ديب و راعية وحامية مصر السفلى و عين رع.

 معروفة في العالم اليوناني باسم) أوتو أو بوتو ودجات ويودجات وأوجو.( كانت في الأصل الإله الوصي لمدينة ديب ( الآن دسوق) 

وبعد توحيد مصر السفلى والعليا اصبحت الحامي المشترك والراعي لكل مصر. وصور مع قرص الشمس، وكانت شعار تاج حكام الوجه البحري، كما تم تصويرها على أنها رأس ثعبان على جسد امرأة أوامرأة برأس ثعبان، وفي أوقات أخرى، أفعى برأس امرأة.

 قيل أن ودجيت هي ممرضة الإله الرضيع )حورس( و بمساعدة والدته) إيزيس(قاموا بحمايته من عمه الغادر(ست) عندما لجأوا إلى مستنقعات دلتا النيل، كان (لواديت) باعتبارها إلهة مصر السفلى، معبدًا كبيرًا في إميت القديمة (الآن تل نيبشة( في دلتا النيل. كانت تُعبد في المنطقة باسم (سيدة إميت) لاحقًا انضم إليها مين وحورس لتشكيل ثالوث من الآلهة.


- الإله (وبواوت) فاتح الطريق

تم تصويره على هيئة ذئب جالس أو منتصب على قوائمه وفي حالات نادرة تم تصويره بالصورة الآدمية كرجل برأس ذئب ، معبود أسيوط آخر أقاليم مصر العليا 

كان يوضع على الألوية التي تتقدم الجيش في المعارك، ويظهر ذلك في صلاية الملك مينا، ووفقًا للنصوص الجنائزية هو فاتح الطريق إلى الجبانة والعالم الآخر أمام الملك المتوفى ليصعد إلى العالم الآخر.


=الإلهة ( حات محيت/ محيت ورت ( إلهة الأسماك و ربة الحياة والحماية 

عبدت المنطقة المحيطة بمدينة (بر با نب جت) في دلتا النيل (منديس بمحافظة الدقهلية( واسمها يعني الطوفان العظيم، كانت تصور إما على هيئة سمكة أو امرأة تحمل سمكة أو تاج على رأسها. 


- (العجل أبيس) الثور المقدس

الرب الثور لمدينة ممفيس يصور علي هيئة ثورًا يحمل مثلثًا أبيض على جهته وبين قرنيه يوجد قرص الشمس مزينًا بالأصلة أو الكوبرا، كما يوجد على ظهره رسم للنسر المجنح، والباقي كله أسود، وكان الكهنة يستلهمون التنبؤ بالمستقبل من سلوكه وحركاته، ولم يكن يسمح للثور بالعيش أكثر من 25 سنة، فعندما يصل إلى هذا العمر يُغْرَق ويجري البحث عن بديل ، وارتبطت عبادة أبيس فيما بعد بالرب بتاح عُبد عند اليونان والرومان ،وفي زمن البطالمة عُبد مع أوزیریس تحت اسم سيرابيس، وكان مركز عبادته في الإسكندرية.

لون العجل (آبيس) باللون الأسود فيما عدا مثلث أبيض صغير على جبهته، وبين قرنيه يوجد قرص الشمس مزينًا بالأصلة أو الكوبرا، كما يوجد على ظهره رسم للنسر المجنح.


- (ثور شدنو العظيم)

شاعت عبادته في الدلتا في المقاطعة الحادية عشرة وعاصمتها «شدنو» (هربيط الحالية) وقد كشف حديثًا له عن مدافن في جبانة عظيمة موقعها (تل أبو يسن الحالي) وتدل مدافن هذا النوع من العجول على أنه كان معتنى به كثيرًا في العصور المتأخرة حوالي الأسرة الثلاثين، والنقوش التي وجدت على توابيت هذه العجول ليس لها مثيل في تاريخ الديانة المصرية وخاصة أنها تكشف لنا عن صفحة جديدة في منازل القمر وأوجهه وعبادته في هذا العصر، أما في المقاطعة العاشرة فكان الثور يعبد فيها قديمًا على ما يظهر باسم الثور الأسود. وقد بقي الثور رمزًا على اسم المقاطعة وعاصمتها (أتريب) (تل أتريب) وهو بنها الحالية.

 

-الإله( سبك/ سوبيك أو سوبِك أو سُبِك أوسوخت أو سوبكي) التمساح إله الشمس والواقي من أخطار فيضان النيل

إله مرتبط بتماسيح النيل، ويمثّل صورياً إما في شكل التمساح أو في شكل إنسان برأس التمساح، وارتبط سبك كذلك بالسلطة الملكية والخصوبة والبراعة العسكرية، مركز عبادته منطقة الفيوم بأكملها، و خارج الفيوم، كانت كوم أمبو، في جنوب مصر، أكبر مركزًا لعبادة سوبك .

عرفت عبادته منذ الدولة القديمة (2686-2181 ق م) خاصة في عهد ملوك الأسرة الثانية عشرة، وبالتحديد أمنمحات الثالث وذكر بنصوص الأهرام الشهيرة في الدولة القديمة في الفصل 317 الذي يصف الملك مادحاً له كتجسيد حي لهذا الإله التمساح 

تم اعتماد سوبك في ثالوث حورس ووالديه: أوزوريس وإيزيس


الجزء الثالث، من الحلقة الحادية عشرة من آلهة مصر القديمة.


الآلهة (إيبت /إبت / إيبة سيدة الحماية السحرية، إلهة فرس النهر وربة الولادة وحامية الأقصر.

اسمها يعني (الحريم) أو المكان المفضل، في القصص الديني الطيبي كانت تعتبر أم للإله أوزير، وهي من زوجات ( ست) في نصوص الأهرام يلتمس الملك أن يتغذى من ثديها حتى لا يظمأ أو يجوع مرة أخرى للأبد ، كان يتم تصويرها في شكل أنثى فرس النهر مع سمات من التمساح والأسد و الإنسان أيضاً، و تظهر حاملةً مشاعل وأقماع بخور مشتعلة لتوفر الدفء للميت. 


مركز عبادتها في طيبة، وهناك معبد لها مبني غرب معبد خونسو في مجمع معابد آمون في الكرنك .


- الإله ( حرشف/ حريشاف) آله الخلق والخصوبة و حاكم ضفاف النهر و من يملك القوة العظيمة جداً). 

يعني اسمه باللغة المصرية القديمة (الذي على ضفاف بحيرته) تم تصويره على هيئة الكبش وتركزت عبادته في إهناسيا الحالية، وقد تم توحيده مع) رع( و (أوزير) في الديانة المصرية القديمة، وكذلك تم توحيده مع) ديونيسوس (أو هرقل في الديانة اليونانية القديمة. 


- الإله ( حورون أو حور أختي أو حر مخيس/ رشف) حامي الفراعنة في ميادين المعركة و إله الخيل والمركبات

كان يمثل أبا الهول في عهد الدولة الحديثة وهو إله كنعاني ( رشف) تم تصويره على شكل صقروعلى أنه يرتدي تاج مصر العليا )الوجه القبلي (يعلوه من الأمام رأس غزال بدلا من ثعبان الكوبرا، وقد كان يرتبط بإله الحرب (الطيبي) 

أصبحت عبادة رشف شعبية في مصر في الأسرة الثامنة عشرة تحت حكم الفرعون أمنحتب الثاني، كما أصبح رشف إلهاً ذا شعبية كبيرة شعبية في فترة الرعامسة.


الآلهة (مسخنت) إلهة للولادة

 أبنت أو زوجة (تحوت)وخالقة لـ ) كا( وهو جزء من الروح تنفخه في الطفل في لحظة ميلاده، وإليها ينسب وضع المرأة وهي تضع مولودها في وضع القرفصاء على زوج من قوالب الطوب، ( كرسي الولادة) صورت في بعض الأحيان على شكل قالب من الطوب اللبن مع رأس مرأة عليه رحم بقرة كغطاء للرأس. وفي أحيان أخرى كانت تصور كامرأة مع رحم بقرة رمزي على غطاء رأسها تم توحيدها أحيانا مع الإله شاي. 


- الآلهة (سشات (‏إلهة الحكمة والمعرفة والكتابة ,حارسة النصوص والسجلات

 ويعني اسمها التي تدوِّن ويُرجع إليها الفضل في اختراع الكتابة وهي إلهة الهندسة المعمارية وعلم الفلك وعلم التنجيم والبناء والرياضيات وعلم المساحة، عرفت في بعض النصوص باسم (سافيخ أوبي) و يعني التي ترتدي القرنين كإشارة لغطاء رأسها.

من مهام كهنتها الحفاظ اللفائف التي تحوي المعرفة والعلوم الهامة، وكانت هليوبوليس موقع الحرم المقدس لها ومركز عبادتها، كما أنها وُصفت بأنها إلهة التاريخ وصورت في النقوش على هيئة امرأة تحمل شعارا سباعي الأذرع فوق رأسها، كما ظهرت في النقوش مرتدية جلد الفهد أو النمر على ثوبها، وهو رمز مخصص للكهنة الجنائزيون، وقد دعاها الفرعون تحتمس الثالث (ق.م1479-1425) ق.م( (سيفكيت أبوي) أي ذات السبع نقاط، وتنص بعض نصوص التوابيت على أن سشات تفتح أبواب السماء لك.


- الآلهة(سرقت / سلكت) إلهة الخصوبة والطبيعة والحيوانات والطب والسحر والشفاء من اللسعات السامة 

 كانت في الأصل تأليها للـعقرب، ومعنى اسمها من تضيق الحلق، كما يحدث من شلل نتيجة للسعات العقارب،و ينظر لها على أنها تلدغ الظالمين من يفعلون الأفعال الخبيثة، وأيضا على أنها يمكنها علاج لسعات العقارب وآثار السموم الأخرى مثل لدغات الثعابين، صورت على شكل عقربًا، كما كانت تمثّل كامرأة مع عقرب على رأسها.

 

- الإله (سوبدو/ سيبتو/ سوبيدو) إله السماء رب الشرق وحارس الحدودية الشرقية.

بما أنه إله للسماء فقد كان متصلًا مع الإله (ساح) الذي يجسدً الكوكب و مع الإلهة )سوبدت) التي كانت تمثل نجم الشعرى اليمانية، ووفقا لنصوص الأهرام كان الإله (حور – سوبدو) وهو ابن الإلهين المزيجين) أوزوريس- ساح و إيزيس- سوبدت)، له أضرحة ومزارات في التجمعات السكانية المصرية في شبه جزيرة سيناء، في مناجم الفيروز, في في سرابيط الخادم، كان يصور سوبدو على هيئة صقر يجلس مع تاج تعلوه ريشتان على رأسه.


- بس أو بيسو (المؤنث: بيسيت) حامي الأطفال والنساء ، الذي تسلح بالدرع والسيف، وإله إله الرقص والموسيقى ووكل أنواع الملذات. 

كان يحظى بشعبية كبيرة خلال الدولة الحديثة ، وصور على هيئة قزم منتفخ الوجنتين وله ذقن تشبه المروحة وترتسم على وجه علامات الوجوم لتثير الرعب في نفوس الأشرار، وفي بعض الأحيان و ابتداء من الأسرة الثامنة عشر كان بِس يصور ولديه زوجان من أجنحة الصقر، وهو يباعد الكوابيس عن الناس وحامي كل شيء جيد وعدو الأرواح الشريرة والثعابين وكل شيء سيئ، كما عبد كإله التجميل حيث وجدت صورته على صناديق مستحضرات التجميل. 

وفي الدولة الحديثة كانت توضع صور بِس كوشم على أفخاذ الراقصات والموسيقيات والخادمات، وصور برأس كبير ، وأذنين مدببتين ، ولسان بارز ، وسيقان مقوسة ، وأحيانًا قضيب منتصب حيث يرمز للقوة الجنسية، ومع مرور الوقت أصبح يُنظر إليه على أنه يجلب السعادة لمن يحبون المرح.. 

يرى بعض الباحثين أن أصوله تعود إلى منطقة البحيرات العظمى والتي كان يقطنها قبائل من الأقزام في الكونغو أو رواندا بوسط أفريقيا، ويرى البعض الآخر أنه قد صُدر لمصر من الميثولوجيا الفينيقية من قبرص القديمة. 


- الإله(خِبْري/ وخِبْر رع ) شمس الصباح

كان خبري مرتبطا بخنفساء الجعل التي كانت تنطق بالمصرية القديمة: (خبر)، لأن الجعل يدفع كرات الروث في جميع أنحاء الأرض، وهو الفعل الذي اعتبره المصريين رمزا للقوى التي تحرك الشمس عبر السماء، وكان ممثل أيضاً للخلق والبعث، وقد كان مرتبطاً تحديدا بشروق الشمس وأسطورة خلق العالم. وقد ربط المصريون بين اسمه والفعل (خبر) في اللغة المصرية القديمة والذي يعنى (تطوّر) أو (أتي إلى حيز الوجود) أو (يحدث) أو (يخلق).

كان يصور في هيئة خنفساء الجعل، وإن كان في بعض لوحات المقابر الجنائزية وأوراق البردي تم تصويره كرجل مع رأس خنفساء أو خنفساء كاملة بدلا عن رأسه.


الإله ( نفرتوم) إله العطور وزهرة بشنين مفتوحة ورب زهرة اللوتس

ابن (بتاح) و(سخمت) صور بهيئة صبي يزدان رأسه بزهرة البشنين ورشتين عاليتين، وهو الزهرة التي نبتت فوق جسد إله الحقول، الزهرة التي يمسك بها الإله (رع)، ويقربها من أنفه، وفي نظرية (هرموبوليس) كان الطفل الذي يشرق من زهره (اللوتس) في بحر السالكين المقدس، ومن دموعه جاء الجنس البشري، كما لعب دورًا في الفكر الجنائزي فهو مساعد أمين للمتوفي في العالم


(١٢)

الجزء الأول

تكلمنا في الحلقات السابقة عما وجدته في المصادر المتاحة من الآلهة التي عٌبدت في مصر القديمة والتي قالت بعض المصادر إنها أكثر من 2800 إله، والآن وصلنا إلى عصر (أخناتون ) ومنع عبادة كل الآلهة إلا الإله ( آتون) الذى جسده الملك على هيئة قرص شمس تخرج منه أيد بشرية ممسكة بمفتاح الحياة (عنخ) كى يهب الحياة للبشرية جمعاء.

وقد شغل تفكير الكثير الهدف الذي كان أخناتون يهدف إليه من توحيد الآلهة وقد سألت نفسي نفس الأسئلة التي لم أجد في المراجع إجابة شافية لها:

هل كان أخناتون مجرد متمرد علي سلطة كهنة (آمون رع) بصفة خاصة بعد أن تحكموا في أمور البلاد والعباد؟.

هل سلك أخناتون سلك الكهنوتية وعبد ( آتون) عن اقتناع؟.

هل كان يقصد عبادة الشمس أم رب الشمس؟.

هل كان أخناتون نبيًا؟ أو عاصر نبيًا؟.

هل أخذت ترانيم داود من ترانيم أخناتون في عبادة ( آتون)؟

ومن أين أتى أخناتون بترانيمه التي لا تخالف الأديان السماوية؟.

أسئلة كثيرة قفزت لذهني عن هذا الملك وعن ديانته الجديدة التي فشل في إرساء دعائمها وانتهت بوفاته ؟.


ظلت عبادة ( آمون رع) الإله المسيطر ملك الآلهة المصرية إله السماء والخصوبة والرياح ووالد الفرعون سائدة حتى أن كهان الآلهة الأخرى سارعوا بدمج إلهتهم به فقد كان هو المسيطر ومعابده هي العامرة وكهنته هم الأقوياء يحصدون الهدايا والنذور من الملوك والأمراء وعامة الشعب، وقد ازدادت قوة (آمون) بعد أن أتحد مع ( رع) ليصبح ( آمون رع) وبذلك رُبط آمون بعقيدة الشمس وبعد أن كان إلهًا

.محتجب صار ظاهرًا، كما ارتباط بالإلهة ماعت ليضاف له صفة العدل والحكمة، ومنذ تأسيس الأسرة الثانية عشرة، كان ( آمون رع) المعبود الأول والرسمي للدولة، لم يفوت كهنة ( آمون رع) الفرصة فتحكموا في كل مفاصل الدولة ولم يستطع ملك أن يأخذ قرارًا مصيريًا إلا بعد أخذ رأيهم ومباركتهم، وفي عصر الأسرة الخامسة والعشرين كان كهنة أمون في مملكة بلانة (ناباتيا) وَمَرُّوهُ يتحكمون في جميع شئون الدولة، فيختارون الملك ويوجهون حملاته العسكرية، بل وأحيانا يرغمونه على الانتحار كما ذكر (ديودورس الصقلي) وطبقا للاهوت الرسمي في الدولة الحديثة كان (آمون رع) هو الذي يحكم مصر من خلال الملك، ويظهر مشيئته من خلال كهنته، ومع ازدياد أهمية الإله ازدادت قوة كهنته وسطوتهم ففرضوا سيطرتهم على الساحة السياسية، ووصل الحال إلى أن حكم مصر سلالة من الملوك الكهَّان (ملوك الأسرة الحادية والعشرين).


نعود للأسرة الثامنة عشرة، وبدأ التمرد في الخفاء على ( آمون) وكهنته وعلى استحياء بدأ تقديس صورة مجردة للشمس تتمثل في الإله ( آتن) (آتون فيما بعد)، وقد وُجد نقش لأحمس مؤسس الأسرة يٌمتدح فيه بأنه (أتن) عندما يسطع، وقد وصلت عبادة (أتن) إلى الأوج عندما تولى الحكم أمنحتب الرابع( أخناتون/ أخِن اتِن) فقد حرم عبادة (أمون رع)، ووحد كل الآلهة في ( آتون) وشن عليه كهنة ( أمون) حرب شعواء لا هوادة فيها، واتهم بالكفر والتمرد والخيانة، وفشل ( أخناتون)في القضاء على سطوة كهنة ( آمون) الأقوياء، فعادت الديانة القديمة إلى ما كانت عليه بعد موته و دمرت معابد أتن . 


الآتونية عبادة ( آتون)

دعوة أخناتون نادت

 بوحدانية (آتون) دون شريك ونادى به رب كل المصريين والأجانب، وقد هجر الملك أخناتون (طيبة) برغم ما كان لها من السيادة والأبهة ليكون بعيدا عن كهنة( آمون ) وأطلق على نفسه لقب (العائش في الصدق) وأقام له حاضرة جديدة في (تل العمارنه) بمحافظة المنيا حاليًا، وسماها (أخيتاتون( وفي رأي أن عبادة (آتون) عودة لعبادة (رع) إله الشمس المعبود منذ عصر الأسرة الخامسة خلال القرنين 24( و25) قبل الميلاد، وكان يرمز إليه بقرص الشمس وقت الظهيرة و( رع) هو من خالق كل أشكال الحياة، وهو الذي أوجد كلًا منها عن طريق استدعائها بأسمائها السرية. وخص الإنسان بالتكريم فخلقه من دموعه وعرقه، وبالتالي أطلق المصريون على أنفسهم (أنعام رع). 


الجزء الثاني من الحلقة الثانية عشرة من آلهة مصر القديمة

(الآتونية)


الآتونية عبادة ( آتون)

دعوة أخناتون نادت بوحدانية (آتون) دون شريك ونادى به رب لكل المصريين والأجانب، كان( أخناتون) يعلم أن طيبة أرض ومرتع لعبادة ( آمون رع) وأنه لن ينجح في زعزعة إيمان ومعتقدات المصريين بـ ( آمون) وأن كهنته سيكونون ضده بالمرصاد، ويعلم مكانتهم وقوة وجودهم في نفوس العامة العابدين من قديم الزمان لـ (آمون) فكان البديل إنشاء حاضرة جديدة لعبادة

 إلهه الجديد في (تل العمارنة) وسماها (أخيتاتون/ أفق آتون) ولأنه كان يعتبر نفسه كبير كهنة ( آتون) فقد أطلق على نفسه لقب (العائش في الصدق) .

في رأي أن عبادة (آتون) عودة في صورة جديدة لعبادة (رع) إله الشمس المعبود منذ عصر الأسرة الخامسة خلال القرنين (24) و25قبل الميلاد)ورمز لـ ( رع) بقرص الشمس وقت الظهيرة ، فهو خالق كل أشكال الحياة، وأوجد كلًا منها عن طريق استدعائها بأسمائها السرية، وخص الإنسان بالتكريم فخلقه من دموعه وعرقه، وبالتالي أطلق المصريون على أنفسهم (أنعام رع) وكانت العودة لعبادة آلهة الشمس في صورة جديدة بسم ( آتون) والاختلاف أن عبادة (رع) وباقي آلهة الشمس سمحت بعبادة آلهة أخرى بجوارها أما عبادة (آتون) فوحدت كل الآلهة في صورة ( آتون) دون شريك ونادى به (أخناتون) ربًا لكل المصريين والأجانب .

 لم يكن (آتون) اسم

مستحدث فهي كلمة مصرية قديمة معناها (قرص الشمس) وقد ورد ذكرها في قصة ( سنوحي/ سنوهي/ سا نهت) التي تعود لعصر وفاة الفرعون (أمنمحات الأول) مؤسس الأسرة الثانية عشرة، في أوائل القرن العشرين قبل الميلاد (حوالي عام 1875 قبل الميلاد) فنرى سنوحي يتحدث عن الملك قائلا: 

-إنه صعد إلى أفقه، وأصبح متحداً مع قرص الشمس (آتون) وقد ترجع الكلمة لأقدم من ذلك إلى نصوص الأهرام ونصوص التوابيت؛ فقد وردت الإشارة لكلمة (آتون) بمعنى قرص الشمس في الفقرة (334) من نصوص التوابيت، وربما يُمثل أول إشارة في النصوص لوجود قرص الشمس بين قرنين، وقد أصبحت كلمة (آتون) منذ الأسرة الثامنة عشرة تُشير لربوبية الشمس (أي الذي في قرصه).

وكما سبق وأشرت أن عبادة ( آتون) كان لها جذور في العقيدة المصرية قبل عهد (أخناتون) وإن كان ذلك في نطاق ضيق، فقد عثر على لوحة في (تل العمارنة) صور عليها (أخناتون) وهو يقرب قربان إلى (آتون)، والذي وصف فيها بأنه ساكن في بيت 

(تحتمس الرابع) في بيت (آتون) وبدءًا من عصر (أمنحتب الثالث) تزايد الاتجاه نحو الآتونية ، فقد صور على كتلة حجرية وهو يتعبد لـ (آتون) والذي ظهر في هيئة آدمية لرجل يعلوه قرص الشمس، وسمي بـ (حور الأفق السعيد في أفقه في اسمه شو الذي هو في آتون) و ( شو) إله قديم من آلهة السماء ويرمز إليه بًـ ( الخواء أو الذي يرتفع وإله والهواء والريح) وهو تجسيد لقبة السماء، وأحد الآلهة التسعة في مجمع الآلهة في كونيات هليوبوليس.


نعود للنقش الخاص بـ ( آتون) حيث يعتبر دليلاً على وجود عبادة ومعبد في طيبة للمعبود (آتون) قبل عصر (أخناتون) وكان هناك معبد لـ (آتون) في الكرنك يدعى (بر آتون) كما أطلق (آتون/ آتون يسطع) على اسم القارب الذي كانت تتنزه فيه الملكة (تي) في البحيرة الملحقة بالقصر الملكي، ومن هذه الشواهد وغيرها نتأكد أن ديانة (آتون) كانت معروفة قبل عهد (أخناتون) لكن دون التعارض مع عقيدة التعددية وعبادة وتأليه الأرباب الأخرى.


الجزء الثالث من الحلقة الثانية عشرة من آلهة مصر القديمة

(الآتونية)


 من الشواهد حول وجود (الآتونية) قبل عهد ( أخناتون) هناك لوحة من عهد الملك (أحمس الأول ) جاء بها أنه حكم ما يحيط به (آتون)، وأن الملك يرى وكأنه (رع) عندما يشرق مثل (آتون) وأن أشعته تشبه وجه (آتوم)، إذا (آتوم) من المعبودات في الميثولوجيا المصرية القديمة، واسمه يعني (التام أو الكامل) .

 وفي إشارة وردت حول موت الملك (أمنحتب الأول ) جاء بها: صعد الإله عاليا إلى السماء واتحد مع (آتون) .

وفي نقش آخر يرجع لعهد الملك(تحتمس الثالث) ذكر فيه على لسان الملك أنه يحكم ما يحكم به (آتون) وفي إحدى لوحات التعبد للملك تحتمس الثالث نجده يتعبد لقرص الشمس، تتدلى منه الأيدي بالصورة التي ظهر بها (آتون) في عهد (أخناتون).

 وفي نص للوزير (رخميرع)، وزير تحتمس الثالث، يصف علاقته بملكه قائلاً: رأيت شخصه في شكله الحقيقي (رع) إله السماء، ملك مصر العليا والسفلى حين يشرق و(آتون) حينما يكشف عن نفسه.

 ولقد أصبحت صلة الملك (تحتمس الرابع) والملك (أمنحتـب الثالث) بعبادة الشمس أكثر قوة ووضوحاً إلى الحد الذي دفع البعض للقول بأن تأليه (آتون) قد بدأ في عهد (تحتمس الرابع) وقد وجد نص على جعران تذكاري جاء فيه: (أنه إذ حرض نفسه على القتال وآتون أمامه فإنه ينسف الجبال ويدمر الأراضي الجبلية، لكي يخضع سكان الأراضي الجبلية كما أخضع الناس حتى يعبدوا آتون إلى أبد الأبدية).

وبهذا ندرك أن التفكير الديني في المدة السابقة لحكم (أخناتون) كان يميل إلى الوحدانية، وقد لاقت الدعوة معارضة كبيرة من كهنة الإله (آمون رع) لأنهم أيقنوا مدى ما سوف يفقدونه من سلطان في حالة نجاح هذه الدعوة، فأعلن ( أخناتون) حرباً صريحة على (آمون) وكهنته وجعل (آتون) إلهاً رسمياً للإمبراطورية كلها، وأمر بتحويل جميع معابد الإله (آمون رع) إلى أماكن لعبادة ( آتون) وقد حدث نفس الشيء بالنسبة للآلهة الأخرى.

 

كان الشكل المبكر للمعبود (آتون) يصوره في الهيئة الآدمية ورأس الصقر يعلوه قرص الشمس، وهو التصوير المألوف والمتبع في تجسيد الآلهة، وقد وصف بأنه واهب الحياة، وتجسدت قوته في القوة الكامنة داخل قرص الشمس والمتمثلة في الضوء والحرارة، والتي من خلالها يهب الحياة والضوء والدفء لكل المخلوقات على الأرض، وهو ما ينعكس بوضوح في تصوير أشعة الشمس وكأنها يد بشرية تهب علامة (الحياة) لسكان الأرض.


الجزء الرابع ( الأخير) من الحلقة الثانية عشرة من آلهة مصر القديمة

(الآتونية)

تعالوا لنستمتع بترنيمات أخناتون للإله ( آتون) وقد وضعها ( 1345 قبل الميلاد) وأشهرها (الترنيمة العظمى) التي وجدت مكتوبة بالهيروغليفية على أحد الجدران الجانبية في مقبرة (آي) (المقبرة رقم 23، من المجموعة الجنوبية) في تل العمارنة. كتب النص في 13 عمودًا رأسيًا تشغل الحائط اليميني لبهو مدخل وهناك تشابه ملحوظ بين الترنيمة ومزمور داود (104من التوراة) كذلك وجد تشابه مع المزمور (145)، وسبق لي أن قلت في موضوع لي عن فرعون سيدنا موسى، أن من أعاد كتابة التوراة قد تأثر بالمصرية القديمة خاصة تعاليم (تل العمارنة ) أو العكس صحيح أي أن بعض النصوص المصرية قد تأثرت بوصايا سيدنا موسى عليه السلام.

 نبذة سريعة عن مقبرة (آي):

هي آخر المقابر المشيدة بالوادي الغربي بوادي الملوك ، في منطقة الحاج قنديل جنوب تل العمارنة رقمها (23) وتعرف عالميا باسم WV23 أو( KV23 وتقع بالوادي الغربي بوادي الملوك بمصر( متاحة للزيارة) ، وهي المثوى الأخير لفرعون مصر) خپر خپرو رع آي( وقد كان وزير قبل أن ينصب ملك بعد وفاة (توت عنخ آمون)، فأصبح ثالث عشرة ملوك الأسرة الثامنة عشر، وتم اكتشافها عام 1816م، وهي مماثلة تماما في تصميمها الداخلي للمقبرة رقم (55) التي يعتقد أنها )لإخناتون (والمقبرة تعرضت لكثير من التخريب على مدار الزمان خاصة في عهد(حور محب) خليفة (آي) على عرش مصر، والذي حمل على عاتقه مهمة محو أي ذكرى لملوك حقبة تل العمارنة ، والمقبرة تحوي نقوش مماثلة لتلك المنقوشة على جدران المقبرة رقم (62) الخاصة بـ ( توت عنخ أمون ).


(ترنيمة آتون العظمى)

يذكر في العمود الأول المكتوب لترنيمة آتون العظمى أسماء الإله ( آتون ) والفرعون (أخناتون) وزوجته الملكة العظيمة (نفرتيتي) يركز النص على وحدانية الإله الممثل في قرص الشمس الإله الخالق المحافظ على العالم وخالق كل مظاهر الحياة على تنوعها ( آتون) سيد جميع البلدان، يشرق لهم جميعا ويحفظ حياة البلاد الأجنبية أيضا، حيث أنشأ نيلًا في السماء وجعله يهبط على الأرض، فهو ليس إله على مصر وحدها وإنما إلهًا للناس أجمعون، يذكر النص علاوة على ذلك الخاصية الكونية له كجرم سماوي كما يذكر خصائصه كملك على الناس.

نص ترنيمة آتون العظمى

مترجم من اللغة الألمانية، بواسطة عالمة الآثار (كريستين المهدي) حيث ترجمت الأصل الهيروغليفي إلى اللغة الألمانية: 

تظهر في أفق السماء أيها الشمس الحية، الذي يقدر الحياة، تشرق في الأفق الشرقي في الصباح وتملأ كل البلاد بجمالك، أنت جميل وعظيم ومشرق الآن فوق جميع البلدان، و أشعتك تملك كل البلاد حتى آخر كل ما خلقت.

أنت رع عندما تصل إلى حدودهم وتجعلهم يركعون لابنك المحبوب.

أنت بعيد ولكن أشعتك تصل إلى الأرض، وإنك في وجوههم، ولكن مسارك مجهول.

عندما تغرب تحت الأفق الغربي يبقى العالم في ظلام، في حالة كالموت،

النائمون في بيوتهم يكسون أنفسهم بالغطاء، ولا ترى عين عين أخرى،

إذا سرقت أمتعتهم من تحت رؤوسهم، لا يشعرون، ويخرج كل وحش من مكمنه، والثعابين تعض.

الظلام كالقبر وتبقى الأرض ساكنة، إذ إن خالقهم قد غرب خلف أفقه.

وتشرق في الصباح على الأفق وتضيء كالشمس أثناء النهار، وتخفي الظلام وتنشر أشعتك.

ويظل القطران (الشمالي والجنوبي) محتفلين بالنهار، ويستيقظ الناس ويقفون على أقدامهم، فقد نصبتهم على أرجلهم، أجسامهم نظيفة ويلبسون الملابس، ويرفعون أذرعهم تقديسا لظهورك،وكل البلاد تمارس عملها.

كل الأنعام راضية بأعشابها وأشجارها ونباتاتها الخضراء، وتنطلق الطيور من أعشاشها، ترفرف أجنحتها تسبح بروحك، وتقفز كل الوحوش على أرجلها، وكل ما يطير يرفرف، ويحيون عندما تشرق لهم.

وتسير السفن الحاملة شمالا وجنوبا، وكل طريق ينفتح بظهورك،

وتقفز الأسماك في النهر أمام وجهك، وتملأ أشعتك قلب البحار.

أنت الذي ينبت البويضات في النساء، وتجعل من (الماء) أناسا.

وتبقي على حياة الطفل في بطن أمه وتهدئه فلا يسقط له دموع.

إنك المربية في بطن الأم.

وتعطي النفس لكي تحيا جميع المخلوقات.

وعندما يولد (الطفل) من بطن أمه، فلكي يتنفس وقت ولادته، فإنك تفتح له فمه كاملا وتعطيه احتياجاته.

وتكلم الكتكوت في بيضته الذي يتكلم من قشرته، تعطيه الهواء فيها لكي يعيش.

وتقدر له الوقت، ثم تكسر القشرة ويخرج منها، ويخرج من البيضة ينقنق في وقته، ويجري على رجليه عندما

يخرج منها.

كم كثرت أعمالك والخافي منها، إنك الإله الواحد، لا مثيل له.

خلقت الأرض برغبتك منفردا، فيها الناس والأنعام وكل الحيوانات،

وبكل ما على الأرض، وما يسير على أرجله وكل ما يطير بجناحيه في السماء.

البلدان الغريبة في سورية والنوبة وكذلك أرض مصر، كل تعطيه مكانه وتؤمن احتياجاته، الكل يحصل على غذائه، وتقدر قدر عمره.

يتكلمون بألسنة مختلفة، وتختلف ملامحهم، وتختلف ألوانهم، فإنك تخلق الشعوب.

خلقت النيل في عالم الخفاء، وتصعده بحسب رغبتك وتحفظ حياة الناس، لأنك أنت خالقهم، وإنك لهم، ترعاهم أنت أيها الملك على كل البلدان.

تشرق لهم، فأنت شمس اليوم، عظيم في رفعتك، وتُبقي كل البلدان الغريبة على قيد الحياة.

وخلقت نيلا في السماء لكي يهبط عليهم، يشكل أمواجا على الجبال،

مثل البحر لكي يرووا حقولهم، ويحصلون على ما يحتاجون.

كم أن تقديرك فعال، أنت يا سيد الأبدية.

نيل السماء تمنحه للشعوب الغريبة، ولكل حيوانات الصحراء،

التي تجري على أقدام، ولكن النيل الحقيقي يأتي من عالم الخفاء إلى مصر.

تُرضع أشعتك جميع الحقول، وعندما تشرق يحيون ويترعرعون من أجلك.

وخلقت فصول السنة لكي تتطور جميع مخلوقاتك.

في الشتاء يبردون، وفي الصيف يحرون، لكي يشعروا بك.

وجعلت السماء بعيدة المنال، لتعلو فيها وتري كل شيء قمت أنت بخلقه.

إنك فريد عندما تشرق، وفي جميع أشكالك كآتون الحي، الذي يظهر ويضيء، وتبتعد ثم تقترب.

وتخلق ملايين الأشكال منك أنت، مدن وقرى وحقول وطرق ونهر.

كل الأعين تنظر إليك عندما تظهر كشمس النهار فوق البلاد.

عندما تغرب لا تصبح عينك هنا، تلك خلقتها أنت من أجل خاطرها، لكي لا ترى نفسك كالأوحد الذي خلقته، تبقى في قلبي، ولا أحد آخر يعرفك إلا ابنك «نفر خبر رع - أوان رع» الذي جعلته يعرف جوهرك وقدرتك.

تخلق العالم بإشارة منك مثلما خلقته، وعندما تشرق يعيشون، وعندما تختفي يموتون.

إنك أنت عمر الحياة، وتعيش الناس منك.

وتستمتع الأعين بجمالك حتى تغرب،

وتـُترك الأشغال عند.ما تغرب في الغرب.

يا مشرق أنت، قوّي كل الأذرع للملك.

وأعط سرعة لكل قدم.

منذ أن أسست الدنيا، فقد أنشأتها من أجل ابنك، الذي نشأ من بدنك، ملك القطرين المصريين (نفر خبرو رع - أوان رع - ابن رع)، الذي يعيش من (ماعت) سيد التيجان( أخناتون) كبير في حياته.

والملكة الزوجة العظيمة، التي يحبها، ملك القطرين (نفرتيتي)

تبقى حية وشابة دائما وإلى الأبد


وقد سجل (أخناتون) مضمون عقيدته في نشيدين كان يتغنى بهما للإله (آتون) وجدا منقوشان على جدران بعض مقابر (تل العمارنة)، مثل مقبرة (آي).

ويلاحظ على اسم )آتون( المدون في خرطوشه أنه قد تضمن أسماء لبعض أرباب الشمس هم على التوالي (رع حور آختي – شو – آتون) وفي العام الثامن من حكم (أخناتون) حدث تغيير في كتابة خرطوش الإله، فقد حلت عبارة (سيد الأفقين) محل اسم (حور آختي).

أعود وأكد أن عبادة الشمس د على عبادة ( آمون) وعلى كهنته بدأت على الأقل منذ عهد (تحتمس الرابع ) وتجلت في عصر (أمنحتب الرابع/ أخناتون) وجذور العبادة الشمسية ترجع لفترات أقدم بكثير من عهد الملك (أخناتون) وتُعد من أقدم العقائد المصرية وأكثرها انتشاراً وقبولاً بين الناس، وقد عرف المصريون الكثير من الأرباب ممن ارتبطوا بالعقيدة الشمسية ولكن الجديد التي نادت به هذه العقيدة الآتونية أن (أخناتون) طلب من الشعب كله ألا يعبدوا غير إلهه (آتون) وهو أمر لم يتقبله الكثير من المصريين، وذلك لصعوبة القبول بالعدول عن معتقداتهم وأربابهم الكثيرة التي يعبدونها من آلاف السنين، ولأن عبادة ( آتون) كانت مرتبطة بوجود ( أخناتون) فقد تراجعت بعد وفاته ولم تصمد أمام ضربات كهنة (آمون)، وأمام الضربات الخارجية الناتجة عن انشغال ملك مصر بإلهه، وإهماله لشئون الإمبراطورية.

تم الانتهاء من آلهة مصر القديمة 

بقلم: "سيد جعيتم"

جمهورية مصر العربية


عن الكاتب

زمرة الأدب الملكية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

المتابعون

Translate

جميع الحقوق محفوظة

زمرة الأدب الملكية