زمرة الأدب الملكية

ما أكثر الأقلام إن فتشت محصيها،، فيها العلم وجلها غثاء من حطب،، وريشة الفهم إن جئت تطلبها،، فدواتها نحن عرين زمرة الأدب..

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

قصة قصيرة (توطئة)

 قصة قصيرة بعنوان
(توطئة)
للكاتب : هشام الصيد




لم استطع التوقف عن الكتابة طويلا بعد الهجمة المرتدّة السريعة التي تعرّضت لها خطوطي الدفاعية من كوثر ورفيقاتها بسبب ما جاء في "كوثر والفسبكة "

لذلك قرّرت أن أخّفف وطأة هذا الهجوم بعقد صفقة من تحت الطاولة معهنّ تُفضي بتوجيه ضربة مدفعية قوية في عقر دار محمد وأشباهه ، فمن الجيّد أحيانا أن تتقمّس دور السياسي المحنّك خاصةً إذا كانت الترسانة الدفاعية لديك غير قادرة على صد هجوم قوي من جميع المحاور بمختلف الأسلحة ومدعوم بغطاءٍ جوي ، فتقع بذلك في أخف الضررين .

"يوميات محمد مع الفسبكة "

على تمام التاسعةِ صباحاً يصيحُ المنبهُ في وجه محمد مُؤذنا باستيقاظه ، لكنّ الأمر ليس بهذه البساطة ، لأن نومه جبلٌ لا يتزحزح حتى يبحّ صوت المنبه ، فعيناه لا تحِنّانِ للنومِ إلا مع أذان الفجرِ ، حتى أصبح الأذان والمنبه هما المعنى الآخر للنوم واليقظة لديه.

وبعد ساعةٍ من تمخّض الاستيفاق يقوم في عجلةٍ من أمره ، فقد اقترب موعد المحاضرة ، يصلّي ركعتين سريعين ثم يرتدي ملابسه التي جهّزها من ليلةِ البارحة ثم ينطلق بسيارته متجها للجامعة ، وقبل دخوله للمحاضرة يقف على المقهى الجامعي لتناول كوبٍ من القهوة مع سيجارة مالبورو ، لتبدأ رحلته منذ ذلك الحين .

في الوقتِ الذي ينتهي فيه دوامه الواقعي ، يبدأ دوامه الإفتراضي الذي ينتهي مع تكبير المؤذن لصلاة الفجر ، فبعد عودته للمنزلِ وتناوله لوجبةِ الغداءِ يغلق عليه غرفته ليفتح أبواب مملكته الفيسبوكية عبر صديقه الوفي الذي لا يفارقه "اللاب توب " ، ثمّ يفتح قائمةَ حساباته التي يفوق عددها قائمة المطلوبين لدى مجلس الأمن ، لم يُخفي اشتياقه لحساب "نبض قلمي" فله مدة ليست بالقصيرة منذ آخر تسجيل دخول إليه ، وجد فيه عشرات الرسائل من عشيقاته الباكيات على أطلالِ حضوره ، قلّب قليلا في القوقل على كلمات منمّقة عن الاشتياق وقام بعمل تحديد الكل لتصل لجميعهن دون استثناء ، هاهي أميرة بأخلاقي قد قرأت رسالته ، كادت أن تفقد وعيها من شدة الفرحة ، وربما بكت من أثرِ ذلك الحضور الذي ألغى كل عذابات الغياب ، ثمّ بعث لها بالتحية وبادلها الإشتياق ، لكن سرعان ما قرأت زهرة النرجس رسالته ، لم يطل كثيراً مع أميرة لأن زهرة على ما يبدو لها مكان أوسع في قلبه ، أبدت له الكثير من العتاب عن هذا الغياب وإقفال هاتفه ، فكّر صديقنا قليلا ثم توصّل لحيلةٍ تخرجه من هذا المأزق فقال لها " الهاتف سُرق مني " ، خمدت نارها قليلا واستأنست به وبحديثه معها ، ثم فجأةً أتته ردود بعشرات الرسائل من باقي العشيقات ،قال في نفسه : "ما العمل يا محمد " قرر أن يخرج من حساب "نبض قلمي" ليذهب إلى حساب "مهندس الحروف" .

وهكذا يستمر صديقنا على هذا النحو من حسابٍ لآخرٍ طوالَ الوقت ، لم يفكّر يوماً في ضحاياه ، بل كل تفكيره في كم سأُسقط ضحيّة هذا اليوم ، لكي يُحيي رغباته بقتلِ مشاعرهن ، ويصعد لنزواته على ظهورهنّ ،

في إحدى الأيام وجد صديقنا مقطعاً على اليوتيوب يتحدّث عن الإنترنت المُظلم ، اشرئبّ له فضوله ، فقرر الدخول له عبر متصفّح "ثور" وقد أخد كامل احتياطاته لعدم تعرّضه للإختراق من قبل "الهاكرز" بفهم بعض أساسيات "السيكيوريتي" حيث قام بتحميل "الكالي لينكس" وتثبيته على واجهة اللاب توب ، بعد أن استوعب كيفية عمل أدواته ، فتح المتصفح ودخل على خانةِ البحث بكلّ أريحية ،

أُصيب بنوعٍ من الهوس لتعلّم الإختراق ، دخل على موقع هكرز فوريفر ، ثمّ بعث رسالة من بريده الإلكتروني يسأل عن تكلفة تعلّم الإختراق ، جاءه الردّ سريعا :
مرحبا ، نحن في خدمتك ، تفضل .

قال: أريد أن أصبح هكر .

قالوا له : حسنا ، كل ما عليك فعله هو الآتي :
تحوّل لنا مبلغاً ماليا وقدره خمسمئةِ دولار ، عبر هذا الحساب.
قال: أتفقنا.

في اليوم التالي قام صديقنا بتحويل المبلغ ، ثم دخل إليهم يسألهم عن موعد البدء.

قالوا له: هذا المساء سنبدأ .

وبالفعلِ ، أول ما بدأو بعثوا له بملف وأخبروه أن يحفظ كل مافيه عن ظهر قلب ، لأنه نقطة الإنطلاق نحو عالم الهكرز ، فتح صديقنا الملف فظهرت له أيقونة على واجهة سطح المكتب ، مفادها: تم الإختراق بنجاح .
فقد اخترقوا كل حساباته وبياناته ، وأصبح اللاب توب بكل ما فيه مستباح لهم ، قام بفرمتته ولكن بعد ماذا ..!

ومنذ ذلك الحين قرر صديقنا ترك ما كان عليه من التلاعب والعبث ، فقد كانت الصفعة مؤلمة بحجم الألم الذي سبّبه لعشيقاته.


. تمت.

جميع الحقوق محفوظة © 

عن الكاتب

زمرة الأدب الملكية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

المتابعون

Translate

جميع الحقوق محفوظة

زمرة الأدب الملكية