وبينما كنتُ
ألوح بإصبعي كإشارة مني للنصر القادم؛ أخذت يدي الأخرى العلم ورفعته عاليا وأنا أصرخ
بأعلى صوتي نعم نعم للتغيير ..وفجأة ودون سابق إنذار عم الظلام المكان، ولم أعد أرَ
شيئاً من حولي. اختفت الجموع وتلاشت الأصوات سوى تلك الهمسات التي تسللت لمسمعي، والتي
لم أفهم منها شيئاً، وبعد وهلة من الوقت انجلى الظلام وعاد التوازن لجسدي شيئاً فشيئاً
..بعد أن خارت قواي وعلى أثرها فقدت الوعي لوقت غير معلوم؛ لأجد نفسي محاطة بأشخاص
يرتدون ملابس غريبة شبيهة بتلك التي نراها في أفلام السحرة الخرافية، مغطين وجوههم
بأقنعة ذوات قرون من الأعلى. أشكالهم مخيفة وغامضة !!.صعقت من هول المنظر وتجمدت في
مكاني، لكن سرعان ما تذكرت أنني ثائرة في وجه الطغيان والفساد وهذا يعني أنني مواطنة
شجاعة، نعم أنا شجاعة. وهذا ما جعلني أصرخ بوجوههم المقنعة -أين أنا..ومن أنتم؟ وإذا
بصوت يأتي من المجهول ليقول: أنتِ تحت الأرض وبالتحديد مع التنظيم الماسوني !! تنظيم
ماسوني؟؟ لم أصدق ما سمعت بعد أن كررت تلك الكلمة بيني وبين نفسي عدة مرات.يا إلهي
هل هو نفسه ذلك التنظيم الذي نسمع عنه دائما في كل مكان، وهل هو ذاته المتسبب بقطع
الكهرباء، وطفح المجاري و ازدحامات الشوارع، والبطالة المتفشية، وطلاق أمينة، وعنوسة
كريمة، وهو من يبث أصوات الحوت الأزرق في البحار و المحيطات، وكذلك حرق طبخة أمي، كما
أنه ذاته من دفع العراقيون للثورة كما يقول الإعلام الحكومي!! وأخذت أتساءل بيني وبين
نفسي بعد أن تركوني وحدي في غرفة منعزلة، ماذا عساهم يريدون من مواطنة صالحة؟ هل ياترى
تسول لهم انفسهم أن يجعلو مني عضواً تابعا لهذا التنظيم الغامض السري المهيب! وما هي
إلا دقائق حتى سمعت صوتا يأتي من داخلي ويقول أنتِ لها لطالما كنت أعتقد بأنني ولدت
لهذه الأشياء. السرية المطلقة والغموض الباهر ، والحكمة الخارقة، نحرك العالم حيثما
نريد من قاعة واسعة أسفل الأرض، نؤدي طقوساً غريبة، ونقول: اقتلوا فلاناً فيموت فوراً،
اجعلوا فلاناً وزيراً ..فيصبح وزيراً ..أمنحوا زمن عشرة آلاف دولار فيمنحوني. امنحوها
مرة أخرى فيمنحوني عشرات الآلاف من الدولارات، حتى أصبح مليونيرة..وفجأة تستيقظ المواطنة
العربية الصالحة في داخلي، وأكشف أسرار التنظيم للعالم والإعلام والفيسبوك، تتساقط
أقنعتهم أمام العلن، ثم تغضب الماسونية العالمية مني، فيقرروا قتلي ثم تبدأ عصابات
المافيا والقتلة المأجورين والمرتزقة وأكله لحوم البشر بمطاردتي لكي يضعوا نهاية لحياتي
بمسدس كاتم صوت، فتنقلب حياتي رأسا على عقب، وأهرب بعيدا متخذة من الجبال والكهوف والوديان
ملاذا يحميني من شرورهم لكن لم يحالفني الحظ طويلا حيث انزلقت قدمي من أعلى الجبل فسقطت
بين أيديهم. لأستيقظ من نومي مدهوشة وخائفة ومضروبة على رأسي مثل قطة مبلولة.