زمرة الأدب الملكية

ما أكثر الأقلام إن فتشت محصيها،، فيها العلم وجلها غثاء من حطب،، وريشة الفهم إن جئت تطلبها،، فدواتها نحن عرين زمرة الأدب..

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

قراءة انطباعية _ بقلم: الكاتبة والأديبة / كنانة عيسى _ في نص " نساء في زمن الرداءة " بقلم: الأديبة / صديقة صديق علي


 



قراءة انطباعية في نص الأستاذة: صديقة صديق علي


" نساء في زمن الرداءة "


**********


تحلّقن حول طاولة مستديرة، مأخوذات بحديث السيدة التي أفتتحت النقاش بجدية وحماس  أجبرتهن على الصمت والإنصات :

- لم يكن شكسبير يعلم أنه سيحضر إلى   بقعة عربية قصية وأن امرأة دعته وستقرأه، ..ولا تشيخوف كان قادرا على أن يخمن شغف النساء بالقراءة له بعد أكثر من مئة عام  على رحيله ،رغم أنه أكد بأنه يكتب للأجيال القادمة عله يغير شيئًا،  وحده ديستوفسكي لن يستغرب انشغالنا به، فهو أسس لزمن يكون فيه للخير والمعرفة وجود،  وسنقول له ما قاله لنا يوما :

-خيرٌ للأنسان أن يكون تعيساً وعارفاً من ان يكون سعيداً ومخدوعاً، نحن حقا يا سيدي لم نعد مخدوعات ولكننا لسنا سعيدات  وهذا فقط ما تغير بنا.

- أتخيل فرحة قاسم أمين بنا،  عندما يحضر  سنخبره أن تعليمنا لم يتوقف عند الابتدائية التي ناضل كي نصل إليها، وأن حال الأمة سيتحسن بفضل تحسن أحوالنا فنحن لم نكتف بما توقعه – "هؤلاء الناس لا يريدون من المرأةِ أنْ تَتَعَلَّمَ إلا ما يفيدها في إدارة منزلها" – لكن ياسيد قاسم ها نحن أصبحنا ندير المدارس والجامعات والمؤسسات و..و ...لو حضر نزار  قباني لرأى كيف هي المرأة المغايرة لحريم السلطان .. وعلى  ضيوفنا  أن يفهموا أن أفكارنا، تجاربنا، مشاعرنا و حصيلتنا المعرفية هي الأهم من تجاربنا المعيشية التقليدية ..علّهم يفهموننا ويشاركوننا التأسيس  لابستمولوجيا موقعية نسوية    لهؤلاء جميعا   تركنا كرسيًا فارغًا على يسار كل منكن .

طال حديثها الشيّق لساعات طوال وطالت مداخلات الحاضرات عن الكتب التي قرأنها. وبات على يسار كل منهن كاتبٌ قرأت له وعليها تفنيد ما تحصلت عليه من معارف ، وعندما انتهين علت رؤوسهن فخرا وصرن كمن يتنفس هواء الحرية لأول شهقة.

 

-  استراحة  نشرب بها القهوة ونستغلها بالفكاهة قليلًا .قالت رئيسة الجلسة مبتسمة كي تعطي للجلسة نداوة الواقعية كما اسمتها: 

- أطلب من كل واحدة منكن أن تسلّم هاتفها النقال للتي تليها  وتقوم هذه بقراءة آخر رسالة وصلت  ودعونا نصغي :

أربك طلبها الحاضرات ..لكنهن كالمسحورات سلمن هواتفهن بتلقائية 

رسالة قصيرة1

  

زوجتي الغالية أعدي لنا الغداء، أنا قادم ومعي زملائي 

أيتها المغضوبة لم لا تردي أين أنت؟ لقد أحرجتني أمام ضيوفي 

رسالة 2 

أختي كفي عن الخروج دون أذني ..سيأكل أهل الحارة وجهي 


رسالة 3 

زوجتي المجنونة ألم ينته بعد هذا  اللقاء التافه؟ هذه الحيزبون تضحك على عقولكن وستخرب بيوتكن

رسالة 4 

أمي لم أعثر على  جواربي علي الخروج 

أمي لا تردي لقد أكلت صديقاتك عقلك 

رسالة 5 

ماما الغالية سآتي وزوجي ..لم أطبخ اليوم كنا بالسوق ..

رسالة 6 

قلت لك ألف مرة لا تتركي الإضاءة مشغلة ..حضرتك لا تدفعين فاتورة الكهرباء بل أنا من سيدفع ,يلعن أبو من علمك قيادة السيارة ..عودي بها حالا أحتاجها .

مع انتهاء كل رسالة كانت رأس صاحبتها يخفض تلقائياً وعيونها تتسمر، بانعكاس وجهها المحمر على الطاولة الصقيلة. بقيت الرسالة السابعة التي تخص السيدة رئيسة الجلسة وصاحبة الفكرة إلا أن المكلفة بقراءتها كانت مترددة ولكن الرئيسة وقد ندى جبينها بقطرات من العرق البارد حثتها على أن تفعل دون إحراج أسوة ببقية السيدات


رسالة 7:

حضر ولدنا وزوجته وتركا الأطفال هنا وغادرا البيت فورا ..أتعبني الركض خلفهم  ..رفاقي ينتظرونني في المقهى أرجو أن تكفي عن الثرثرة و فعل مالا تتقنينه، وتعودي لمهامك الأهم .

 بانتهاء الرسائل  غشاهن الخجل،  وجلسن مطأطآت الرؤوس  صامتات .ثم رفعت إحداهن رأسها جالت نظرها على رؤوسهن  وجلجلت قهقهتها في الصالة، تبعتها ضحكةُ الأخرى وكدومينو  ..  تدحرجت الضحكات تترى لتملأ أصداؤها فضاء المكان .


التناص والبستمولوجيا في الأدب النسائي


وتبدع الأستاذة صديقة كما عودتنا بإبهار على إضاءة مدهشة لمحور مجتمعي هام، يخص فكرة قيمة المرأة العربية النخبوية المثقفة في مجتمعنا الشرقي الراهن، بحس تهكمي ممتع  للغاية و  بتناص مذهل مع  محورين أساسين  مميزين.

 

المحور الأول :


التناص مع رواية  لويزا ألكوت، (نساء صغيرات) التي أضاءت بدايات الأدب النسائي في القرن التاسع عشر

مع تحول المرأة الطفلة إلى المرأة المكتملة التي تحاول  فرض وجودها الإنساني في مجتمع ذكوري قاهر. وكانت الرواية بداية انطلاق الحركات المنادية بالمساواة بين الجنسين، ولاقت رواجاً واسعًا آنذاك لطزاجة موضوعها وتمرده الضمني ضد سلطة الذكر المجتمعية  الكبيرة آنذاك. وبعد مئتي عام، تناضل المرأة العربية  المثقفة بوعيها ونقمتها ،في دوائرها الضيقة من  الرمز الذكوري

خلال رسائل متنقلة، تظهر الحصار النفسي والعقلي الذي يعلن هزائمن المتواصلة، كصرخة أنوثية ناعمة هدفها الإيقاظ والتنوير

وفي المحور الثاني :

نرى الكاتبة قد ابتدت استهلالًا واضح الملامح بتقريريته، 

   لغرض إدخال القارئ في ربط ذهني مباشر مع مصطلح جوهري لرسالة النص. فركزت علي استخدام مصطلح الابستمولوجيا الذي وجد النور على يد الفيلسوف الانكليزي، جيمس  فردريك فيرير الذي لخص مفهوم

التَّحليل الفَلسفي لِطبيعة المعرفة، ومدى ارتباطها بِمختلف المفاهيم، مثل: الحقيقة، والاعتقاد، والتَّبرير،

فماهي حقيقة قيمة المرأة المثقفة المستهلكة في مجتمعنا؟ وهل الاعتقاد بمساوتها مع الرجل إنسانيًا؟ كافٍ لتحريرها من الصورة الملتصقة بها كزوجة وأم وأخت مستضعفة؟ وهل التبرير الذي تظهره الكاتبة في تلك الثرثرة النسائية المنمقة، قادر على طرح ثورة بسيطة  ستغير نظرة الرجل للمرأة العربية  ككائنٍ من الدرجة

  الثانية؟ أم ستخرج المرأة ذاتها من قوقعتها ومعتقدات المجتمع التي أَورثتها عبودية خفيةً تجاه بنات جنسها كذلك؟ كما رأينا في الرسالة الخامسة؟ 

ينتهي السرد المتكامل الشيق بالضحك الساخر، إنه المضحك المبكي،إنها فلسفة البقاء والصراع الأنثوي الذي

لن يرى الواقع إلا بإيجابية الوعي والنضج الفكري عند امرأة النخبة أولًا دون نساء الطبقات المسحوقة تباعًا.

في زمن تصنعه النساء ويحملنه في قلوبهن ويبقى رديئًا رغم ذلك. 

أبدعت فأذهلت أستاذتنا  الجميلة.



**********


كنانة عيسى 




















عن الكاتب

زمرة الأدب الملكية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

المتابعون

Translate

جميع الحقوق محفوظة

زمرة الأدب الملكية