زمرة الأدب الملكية

ما أكثر الأقلام إن فتشت محصيها،، فيها العلم وجلها غثاء من حطب،، وريشة الفهم إن جئت تطلبها،، فدواتها نحن عرين زمرة الأدب..

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

" التَناصُّ Intertextuality " بقلم: أ. صاحب ساجت /العراق


 



---- " التَناصُّ  Intertextuality "----

  

    أو تداخلُ العباراتِ و تقاطعاتها


--------------------------------

      

  مدخلٌ:-


     التناصُّ من المصطاحات الحديثة، في النّقد الأدبي، لكنَّ له جذوره القديمة جدًا.

لغةً:-أخْذُ الناس بعضهم بعضًا بالنّواصي. {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ}الرحمن-41

 و منه تناصُّ الأشياءِ أي: تقابلتْ و اتصلت. تناصُّ الناس:- ازدحموا..

تناصَّ، يتناصُّ، تناصٌّ (ن ص ص) فعلٌ خُماسيٌّ. أمّا في النقد الأدبي فمعناه:-

التشابهُ بين نصٍّ و آخر، أو عدَّة نصوص.. أو مشاركتها!

و بشكلٍ مختصر جدًا...

التناصُّ كتابةُ نصٍّ على نصٍّ!

و النصُّ آيةٌ قرآنية أو حديثٌ، أو بيتُ شعرٍ أو جملة نثرية من كلام مأثور... 

و هو أمّا اقتباسٌ، أو نقلٌ، أو تضمينٌ، أو استشهادٌ، أو انتحالٌ، أو سرقةٌ، أو نسخٌ...

وَ يُعَدُّ من الأمور المستحبة لإثراء الكلام و توكيد و توثيق مضمونه.

أصبحَ ظاهرةً نقديةً جديرةً بالدراسة

 و الإهتمام.

     التناصُّ و السرقاتُ الأدبية:-

النصُّ الأدبي تراكمٌ لنصوصٍ و تجاربٍ أدبية سابقة، مع وجود قواسم مشتركة و تفاعل بين النصوص.

يَعمَدُ الكاتبُ أن يُدْخلَها في إنتاجه، بُغيَةَ صبغته بأفكار أو مفردات تجعله أكثر مقبولية فنيًا لَدى المتلقي، و زيادة جماليَّته وتوكيد أفكاره المبتغاة!

و ثَمَّ مَنْ يقولُ:-

الٕاقتباسُ ليسَ هو التناصُ، لان مُرَدَّ الإقتباسِ إلى الكتابِ و السنة!

و ما عَدا ذلك فهو :- تناصٌّ! سواءٌ من الشعر أو النثر.

و التناصُّ يتحولُ إلى نقلٍ إذا تَمَّ مِن غير إشارة إلى النقل، و هو يُبَيِّنُ مدى توغل الكاتب بالثقافة و القراءة للغير، يَسعى الناقدُ الحاذق أن يَبرزُها لغرض زيادة فِهمِ النّصِّ.

     أصلُ الموضوعِ:-

   نَلْحَظُ التناصَّ في النصوص الأدبية المختلفة، يُوظّفه المبدع من حيث يدري أو لا يدري، باستدعاءه عن وعي أو لا وعي، لِيمنح نصَّهُ ثراءً كبيرًا.

و الكاتبُ قارئٌ جيّدٌ للشعر و الروايات، و للقرآن و السنة، فتُعدُّ قراءاته خَزّان له، عندما يباشرُ عمله الٕابداعي تَتَسرَّبُ بعضُ النصوص من ذلك الخزّان إلى انتاجه، بتفاعل و تداخل، يَطْلِقُ على ذلك نقادُ الأدب بــ "التناصّ"!

و يؤدّي ذلك.. دورًا مهمًّا في ولادة نصوص أدبية، كونه يمنحُ الكاتب حرية الحركة، معتمدًا على ذخائره المتراكمة عبر قراءاته و دراساته و ملاحظاته السابقة.

  و نتيجة ترسبات اللّغة في الذهن لا شعوريًا، و في احيان اخرى.. ظاهرًا بعد وعيٍ شعوري، يُزَيَّنُ الكاتبُ نصَّهُ عندما يُضمِّنُ مفرداتٍ أو عبارات قرآنية، ممّا يُدَلَّلُ على عُمقٍ ثقافي، يَلْمَسُهُ المتلقي، بحيث يَتحولُ الكلامُ من المباشرة.. إلى الإلتفات و اِظهار هوية الكاتب و ثقافته. 

و في الوقت الذي يحرصُ الكاتب على تقوية بنيان نصّه، يعملُ على صيانة النصِّ المنقول عنه، من خلال رد كل جميل و بيان إلى ذلك.

 لذا.. يضعُ ما اقتبسه بين علامتي التنصيص("...") كدليلِ صدق و أمانة الإقتباس.

و أهلُ العلم جَوَّزوا الإستشهادَ بالقرآن الكريم في كلام المتكلم، و يُسمّى ذلك في علوم اللغة و الأدب بــ (الإقتباس).

    لفتةٌ تأريخية:-

          تناولَ الشعراءُ أغراضَ الشِّعر

و ألوانه على مَرِّ العصور؛ لكن الجانب الديني الروحي في الأدب كان نصيبه عدم الٕاهتمام، إلّا في بداية الدعوة الإسلامية، و تحديدًا حقبة بني العباس، لأسباب عديدة.

     اتصفت لغة النص بالرّقة و السهولة 

و التنوع، و حُصِرَتْ بالإشارةِ و التلويح. سَلكَ الشاعرُ- فيها- طريقةَ الحوار و التناصِّ، لخلق تعددية صوتية لمعرفة خلفيته الثقافية، و امكاناته في توظيف الخطاب الديني، بُغية المتعة و الفائدة، فَلوَّن نصَّه بنفحاتٍ دينية، في المفردات أو الأحداث!

ممّا يكشفَ لنا استعمال لغةً للتعبير عن تجربةٍ خاصةٍ، و ذوقٍ و جهادٍ نفسي عنيفٍ!

"لمْ أجدْ لي عَن هواهُ عوضًا

وَ هواهُ في البَرايا مِحْنَتي

حَيثُما كنتُ أُشاهدُ حُسنهُ

فهو مِحرابي.. إليهِ قِبلَتي!"

رابعة العدوية.

أخيرًا...

ها إني - وبكل تواضع- أضع بينَ يَدي مَن يَهمَّهُ أمرَ النصَّ الأدبي، الذي يُنْشَرُ على صفحات التواصل يوميًا او اسبوعيًا، حاملًا بين طيّاته، في بناءه اللغوي و مضمونه الفكري، مقتربًا أو مبتعدًا، عن المحسنات البلاغية..  "التناصّ" و اسلوب طرحه، و ما له و ما عليه، و مقدار ما فيه من اقتباس

 أو نقل أو غير ذلك...

لَعلَّنا نستفيدُ من أفكار و تجارب مِمَّن لهم الباع الطُولى في النَّقد

 و التحليل.

و أَودُّ أن أُذَكِّرَ نفسي و إيَّاكم بمسألة

مفادُها:-

 مِنَ المنطق الأدبي.. أن لا مندوحةَ من تَدَبِّرِ القرآن الكريم، فضلًا عن مجالات احكامه و دلالاته.. تَدَبِّرُ بلاغتَهُ و بيانه، كَمَنْ يَتريَّضُ بجنانٍ فيها من الزهور، كلُّ زوجٍ بهيج! و لا منازعة في سمُوِّ و رُقيِّ مفرداته و معانية القَيِّمَةِ.

مع أطيب التحيات


**********

   صاحب ساجت/العراق

































عن الكاتب

زمرة الأدب الملكية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

المتابعون

Translate

جميع الحقوق محفوظة

زمرة الأدب الملكية