زمرة الأدب الملكية

ما أكثر الأقلام إن فتشت محصيها،، فيها العلم وجلها غثاء من حطب،، وريشة الفهم إن جئت تطلبها،، فدواتها نحن عرين زمرة الأدب..

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

نزارية الهوى عنكبوتية القصيد مقاربة نقدية بقلم الأديب المصري / محمد البنا لنص * هل اعتزمت الرحيل ؟ * للأديبة الفلسطينية / لما حاج محمد.


 نزارية الهوى عنكبوتية القصيد

مقاربة نقدية بقلم
الأديب المصري / محمد البنا
لنص * هل اعتزمت الرحيل ؟ *
للأديبة الفلسطينية / لما حاج محمد
.....................
النص
هل اعتزمتَ الرحيل
إذاً، دعني أحزم لك قلبك
للمرة الاخيرة
أو ربما قبل الأخيرة بطعنة
كم يكفيك من وجهي مؤونة لاشتياقك
سأضع لك المزيد من ضحكاتنا معاً
تحسبا لأي وعكة شوق
دع عنك هذا الحزن
لا تحزمه معك
سأبقيه معي
أحشره في إطارات الصور في بيتي
ثم ماذا تحتاج أيضاً
سألملم لك كل تلك الشامات
تعلم كم كنت أمقتها
و كم كنت أنت تحبها
لن يطرق غيرك أبوابها 
و أخشى أن تبالغ بسوادها بعد رحيلك
انتظر..
سأهبك عيناً مني
كلما أصابك يأس
انظر إلى نفسك بها
ستجدك ساحراً و جميلاً
سأمنحك يداً مني
تحتضن قلبك حين بكاء
كعصفور بلله المطر
تسافر على صدرك 
تزرعه ورداً
ثم هذه روحي
لا أملك إلا واحدة
لا عليك..
سأتدبر الأمر ببقايا أنفاسك
هل اعتزمت الرحيل؟
فماذا إن نفد مخزونك مني؟
هل أنت عائد إلي
لتملأ حنينك مني؟
أم أن إحداهن.. 
ستنتشر على مهل فيك
يتيه عطرك على جسدها..
سحاباً يمطر شبقا.
لما حاج محمد ..فلسطين ١٥ مارس ٢٠٢٢
.....................
القراءة

من الأقوال المأثورة والمنسوبة إلى شاعر الحب والغزل الشاعر السوري الأشهر نزار قباني ..قوله " عليك أن تتعايش مع فكرة أنك قابل للترك، قابل للنسيان، في كل مرة تظن أنك ثمين لدى أحدهم" نزار قباني.
ذلك قولٌ أراه مناسبًا مع مداخلتي النقدية لنص * هل اعتزمت الرحيل؟ * للأديبة / لما حاج محمد، من زاوية رؤيتي الوجدانية النفسية، وسأسوق لاحقًا مبررات ذلك التماهي.
هل اعتزمت الرحيل..نص نزاري بامتياز صيغ بقلم نزارية الهوى والمشاعر.
نص ينتمي لقصيدة النثر حصريًا، في معارضة جزئية لقصيدة * ماذا اقول له لو جاء يسألني * ل/ نزار قباني، وبذكاء أنثوى فرض سيطرته على مفرادت النص وصوره البلاغية، إذ صورت لنا الشاعرة في قصيدتها مشاعر ما قبيل الرحيل، بينما صور لنا نزار في قصيدته مشاعر ما قبل العودة، وتوافق آخر بين القصيدتين إذ كلا القصيدتين مرواةٌ بلسان امرأة، وتوافق ثالث يتجلي في مفردات القصيدتين، إذ اعتمد نزار الاستشهاد بأشياء مادية تخص الحبيب( أصابعه/ مقعده/ سجائره/ ذراعاه/ جريدته / رسائله)، و اعتمدت الشاعرة الاستشهاد بأشياء مادية تخص الحبيبة ( وجهي/ بيتي / شامات / عين / يد )، وتلاقيا ايضا في ( أكرهه/ أمقتها ).
قصيدة عشقية الهوى..عندما تعشق المرأة تعطي بلا حدود غير آبهةٍ بأعراف أو تقاليد مجتمعية كانت أو غير ذلك من قيود.
قصيدة عنكبوتية الدلالة، فعندما تستشعر العاشقة الخطر تتحول لعنكبوت ينسج خيوط شبكته بذكاء فطري ودهاء أنثى..دهاء له أنياب ومخالب وسم أيضا..يخدر ولا يقتل، فها هو الحبيب يعتزم الرحيل، وها هى تعد له أول كمائنها " دعني أحزم لك قلبك " فلا تخشى عليه -في بعدك - من علة، وهاهى تغريه بأول مغرياتها " وجهي مؤونة اشتياقك / ضحكاتنا معا " عونًا لك في لحظة شوق قد تغتالك، وها هى تدفع بثاني مغرياتها " لا تحزن " فالحزن سأبقيه لي خالصا، ولتنعم أنت بفرحٍ مطلق، من ثم وقد هيأت الضحية للقنص تنقض عليه بأقوى مغرياتها فورة شبقية " شامات تتحسسها/ عين تشعل الرغبة/ يد تحتضن قلبك" فتنهار مقاومته أمام ثورة بركانها، فتخدره وتشرنقه بخيوطها الحريرية "حنينك مني " وتحتفظ به إلى حين.
وعنكبوتية التقنية الشعرية، إذ وضعت الشاعرة أمامنا في البدء جملة مبهمة (او ربما قبل الأخيرة بطعنة)، ليقفز من أذهاننا سؤال تلقائي واستنكاري في آن" أبعد الهجر طعنة؟"، وتتركنا حيارى وتمضي في قصيدتها تصوغ لنا صورًا بلاغية متتالية، ولعل أجملها ( سأمنحك يدًا مني/ تحتضن قلبك حين بكاء/ كعصفور بلله المطر )، فمن منا لم يرجف قلبه حين قرأ، كارتجاف قلبه حين احتضنته يدها، رجفة عصفور بلله المطر فأعجزه عن التحليق!!، ونمضي معها ننهل من روائع منحها الطائية إذ تقاسمه كيانها وكينونتها، لكي لا يعاني في ارتحاله عنها، نمضي معها والسؤال لا يزال عالقا في زاوية ما من ذاكرتنا، إلى أن تفاجئنا في خاتمة النص بإجابته إجابة ضمنية شديدة الايحاء واضعةً يدنا على ماهية الطعنة الأخيرة القاتلة، كما سأتعرض للإشارة إليها في خاتمة دراستي.
والعاشقة امرأة كأي امرأة..تسعى للأمان وتخاف الفقد، فتبذل الغالي والنفيس للأحتفاظ بحبيبها، لكنها أبدًا لا تأمن غدره، فإن غدر ( رحل فعلا)، فلتبقى مخلصًا لي كما عاهدتك سلفا " لن يطرق أبوابها غيرك "، فلا تهب مشاعرك وفتوتك لأنثى غيري، وإن كان هجرك طعنة، فارتواء انثى غيري ب " سحابًا يمطر شبقا " طعنة أخيرة قاتلة، وقد يرى البعض في ذلك أنانية، لكنه في جوهره أنثى بكل ما تحمله الكلمة من معان ودلالات ( كرامة/ عزة نفس / اعتزاز بأنوثتها )، فكل أنثى تتمنى ان تكون الأنثى الأخيرة في حياة ذكرها، وهذا ما لا يتمتع به الرجل، وإن كان أنانية فهى بلا ريب أنانية مشروعة.
__
"محمد البنا ١٦ مارس ٢٠٢٢" 

عن الكاتب

زمرة الأدب الملكية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

المتابعون

Translate

جميع الحقوق محفوظة

زمرة الأدب الملكية