« الأمل »
كلمة من ثلاثة أحرف تحمل من المعاني والدلالات ما تعجز عشرات الكلمات عن التعبير عن تلك المعاني.
كم هي تساوي في حساب الجُمَّل: ١+٤٠+٣٠= ٧١.
المعنى اللغوي: التفاؤل، توقُّع الخير في المستقبل القريب أو البعيد، انغتاح الإنسان على الحياة بطولها وعرضها، مُناهضةُ اليأس القاتل، التحرُّك باطمئنان والتصرُّف بثقةٍ باعتدال الآتي.
التَّأمُّل: مصدر تَأَمَّلَ فيه معنى الأمَل. الأهم: التفَرُّس في ملامح الأشياءِ وصُوَرها؛ إمعان أو تركيز البصَر أو النظَر في ماهيّة الأشياء وفحواها، إمّا بحاسّةِ البصر أو بالبصيرة.
وهذا التأملُ يكون إمّا في الموادّ والأشياء محسوسة كالصورة والوجه أو المجرّدة كالمسائل والقضايا والأفكار وغيرها من المجرّدات.
المعنى الاصطلاحي: هو حالة نفسيّة يلازمُها انشراح الصدر والقلب والنفس للمستقبل، وإبعادُ الكآبة والتشاؤم الانطواء.
من هنا نرى أن الأملَ له معانٍ كثيرة قد تصل إلى قيمته الحسابيّة.
تحدّث الشعراءُ والحكماء عن قيمة الأمل في استمرارية الحياة. ومن أشهرهم الطغرائي في لاميّة العجم الرائعة فقال:
أُعَلِّلُ النفسَ بالآمالِ أرقُبُها
ما أَضْيَقَ العيشَ لولا فُسْحَةُ الأمَلِ
هذا بيتٌ يفيضُ حكمةً لأنّه يلامسُ حقيقةَ الأمل وفِعلَهُ في الناس. فتعليلُ النفسِ هو تسرِيَةُ همومِها، وإبعادُ الكآبَةِ عنها.
بأيِّ طريقَةٍ يُسَرّي نفسَه؟
عاشَ الطُّغُرائِيُّ في بغداد في عصرِ السلاجقَةِ الظالمين، الذين قتلوا الخلفاء او خلعوهم وسملوا أعينهم بسيخٍ محَمَّىٍّ بالنار، وأهانوا مواطني بغداد، وداسوا أطفالهم تحت سنابك الخيل، وكان حظُّ شاعرِنا الهوانَ والتحقيرَ فقال فيهم بيتًا في لاميته هذه يكشفُ بطشهم واستبدادَهم:
ما كنتُ أُوثِرُ أن يمتدَّ بي زَمَني
حتى أرى دولةَ الأوغادِ والسَّفَلِ
غيرَ أنه لم يفقد الأملَ باندحارهمُ وذهابِ مُلكِهم. فكانَ يُذهبُ كيدَهُ النفسيَّ بما يشعرُ من أملٍ بحتمية اندحارهم حتى تمَّ له ذلك، وكان قد ترك بغداد إلى بلاد المشرقِ.
إذًا المطلوب من المرءِ ألّا يفقد الأملَ حتى مع الفشَلِ، فإذا فقدَ الأملَ لم يعدْ له مكانٌ في هذه الحياة.
وصدقَ المَثَلُ القائلُ: لولا الأملُ لخابَ العمَلُ.
أبعد الله عنكم قُرّائي اليأسَ والتشاؤمَ والكآبةَ، وشرحَ صدوركم بالأمل الصائبِ لا الخائب.
وفي سورةِ الانشراح بعد (ألمْ نشرحْ لكَ صدركَ)
(فَإنَّ معَ العسرِ يُسْرًا ، إنّ معَ العُسرِ يُسْرًا).
•••••••••••
لطفي منصور