زمرة الأدب الملكية

ما أكثر الأقلام إن فتشت محصيها،، فيها العلم وجلها غثاء من حطب،، وريشة الفهم إن جئت تطلبها،، فدواتها نحن عرين زمرة الأدب..

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

(محنة)بقلم الكاتبة/فاطمة يوسف عبد الرحيم


 محنة
__

يوميا أرفع بقوة باب متجري "اللانجري" ويستفزني صرير احتكاك الحديد، تستقبلني الدمى بعيون قهارة وهي ترتدي أردية النوم المثيرة...، وأخال كتالوجات العرض وملصقات العلب تقيم أعراسا.. همس قريب يسخر مني"أتبيعين ما يجمل النساء ويمتعهن وأنت قابعة هنا تتحسرين!"
  دخلت متجري سيدة ترتدي خمارا، كشفت عن وجهها القبيح، قالت:"كل ما في متجرك حرام ويؤذي البصيرة" ونظرت إلى ركن في آخر المتجر، وغطت وجهها، قائلة:" معقول ...رجل في المتجر النسائي...!؟"
قلت لها، بتهكم :"إنه دمية؟"
ردت باستنكار :"لكنه رجل.. وعيناك تغزل ما تغزل!!" 
قلت لها: "حرة أنا في متجري .... انصرفي... "
   في طفولتي كانت متعتي اللعب فوق المساند، وكأنها أحصنة، وأمي تضربني: "تأدبي.. وللا الشيطان رح يقطعك".. من يومها والشيطان يلهث خلفي.
في المساء مر الحارس الليلي، رشقته بنظراتي، واللبان يفرقع بين فكي، سألته "ليه الحزام مشدود!"، ارتبك، وقال بغضبة:" أختي، روحي.. ما في هلق زباين .. 
والليل غدار ...الله يستر عليكي"، ابتعد قليلا-: أنا بفكه بالحلال .. لكن على حسابك!"، اعتقلني طلبه، لعله حلا لأزمة عنوستي... تابعت طريقي لتقديم التهنئة لآخر رفيقة لي تحررت من العنوسة.
على مائدة العشاء، قضمت تفاحة بتلذذ: "يما .. أنا مش أنا .. الشيطان بيلاعبني". ردت :"تأخرت كتييير وين بتلفي وبتدوري"؟قلت: ما تخافي رح حافظ على حالي حتى يجي العريس اللي يغيظ معارفك"!، ثم قلت لها "من جاءكم ترضون دينه فزوجوه"، وحدثتها عن الحارس... لكنها كشرت... وبصقت "ما ترمرمي"، فقلت لها: إلى متى سأظل أغرق في بئر حرماني!!
في هدأة غرفتي، تقتحم ذاكرتي ثرثرة الزبونات الموحية والحارقة، وهن يستعرضن الملابس ويتهامسن ويتغامزن، لكني لم أنس وسامة ذلك الرجل، الذي دخل متأبطا ذراع زوجته ليختار لها قميص نوم ناري، كادت عيناي تثقب بطنها المنفوخ، لكني خبأت في حقيبتي قميصا مثله، وفي المساء تمايست أمام مرآتي، التي امتدحت غوايتي: "كتيير جذابة ومثيرة"، وسحبته عنوة من داخل المرآة وتركت زوجته في المرآة مقهورة بين انعكاسات الرؤى، وشع الضوء الأحمر في العتمة، وصدى الآه يعوي بين الجدران، بعد أسبوع عاد ليشتري رداء نوم آخر قلت له:"شكرا على تلك الليلة"، رد عفوا أختي أي ليلة؟ شردت قليلا "لا شيء". 
   زغردت أمي حين عقد قراني على "فريد" في حفل خطوبة عائلي، لكنه صرح:"ستكون فترة الخطوبة طويلة بسبب ضيق الحال"، فقلت له: سأتنازل لك عن متجري شرط أن لا تعلم أمي.
زارني في المتجر ليطمئن على ممتلكاته، صافحني وطبع قبلة على جبيني، لكن قبلته كانت شرارة، أغلقت الباب الزجاجي الداخلي وانزلت الستارة، وارتديت قميصا مثيرا في غرفة القياس، التفت نحوي مذهولا: "مجنونة!!"... قلت "هيت لك، الآن...الآن"... اضطرب وتوارى خلف الدمى ولاحقته، ثم تكور خلف "طاولة المحاسبة"، تعاركنا، هجمت عليه وقددت قميصه الحريري من الخلف، وقبلاتي تغمره مطرا مجنونا، انتصب مثل كوبرا، ودفعني أرضا.. ونظراته دهشة مرعوبة، وقبل أن يفر لاهثا، كر خاتم الخطوبة عند قدمي الرجل الدمية، الذي ارتجف رعبا.. لطمت.. وعنفت نفسي ماذا فعلت!
__
" فاطمة يوسف عبد الرحيم"

عن الكاتب

زمرة الأدب الملكية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

المتابعون

Translate

جميع الحقوق محفوظة

زمرة الأدب الملكية