إعداد وتقديم: أ. Fatma Chekari
تجميع و تنسيق وإخراج : أ. سامية عبد السعيد
قراءة الأستاذ: رحو شرقي
لقصة هذا الأسبوع من فقرة: نقد وتحليل القصة القصيرة
« الجاثوم » للأستاذة: رولا العمري
الجاثوم هي قصة قصيرة تمتلك كل الخصائص الأدبية أو النص الأدبيي.
أراد الكاتب أن يوهم القاريء في بداية الأمر أن القصة من الأدب البوليسي، مركزا على شخصية المحقق، بعدها ليظهر الجاني أو بطل القصة من خلال ما اقترف من جرائم في مظهر درامي على شكل طبقات تصاعدية، لخلق صراع نفسي والبلوغ الى ذروته.
بدأ الكاتب القصة من النهاية، مكسرا الزمن بطريقة لولبية SPIRALE ثم الخوض في الصراع ومحاولة إقناع المحقق أن هذه الجريمة ليست جريمة ولكنها موت رحيم في قوله... " هذه البنت الصغيرة الجميلة ذات الشعر الأشقر و الوجنتين المنتفختين كالتفاح، سيأتي من يكيلها ضربا"..معبرا عن المعاناة والتي هي أكثر شناعة من الحياة.
يذكرني الكاتب بهذه القصة لرواية مدام بوفاري للكاتب الفرنسي غوستاق فلوبير الذي حاول أن يؤزم الصراح الداخلي لهذه السيدة إلى حد الانتحار .
هذه الرواية التي جرت كاتبها إلى المحاكم الفرنسية ومنعت من النشر بسبب النهاية وتيمتها ومن ثم صنفت ضمن الأدب السيئ.
نعود إلى القصة، حيث أن الكاتب حاول إقناع المتلقي لكنه لم ينجح إلى حد بعيد، لتبقى مسؤولية كتابة هذه القصة ملقاة على عاتق كاتبها في المخرج الذي أراده هو للمتلقي.
كما أن المربك في القصة، ومن المنظور السردي ومحاولة الانتقال من ضمير الغائب(هو ) إلى ضمير المخاطبة (أنا ) هذا الأخير الذي يحمل عدة مخاطر في ألحكي وهو التدخل الصارخ للكاتب في توجيه القاري إلى المخرج الذي أراده الكاتب وليس المتلقي في قوله ..." أنا خلصتهم .....أنا يا سيدي .........، أنا الباطن .....، أنا الضمير الغائب .......، أنا ......، ......، أنا غرست السكين ...".
كما أنا القفلة جاءت متوقعة من طرف القارئ .
نعود إلى رواية مدام بوفاري عندما صرح القاضي أن الرواية لو قرأها شاب لأختار الانتحار، وهنا أنوه للكاتب أن يحذر من هذه المخاطر، لأن القراءة في النهاية انطباع وهذا الأخير يولد لنا تراكمات بعدها يخلق لنا الثقافة الجمعية....وحسب نظرتي المحدودة أنا الرسالة قد وصلت، ودون أي خلفية... في النهاية الموضوعية هي التي تبني الفعل الإبداعي وليست المجاملة.
تمنياتي لك بالنجاح والتوفيق في مسارك الأدبي.
بقلم رحو شرقي : معسكر / الجزائر
••••••••••••
قراءة الأستاذ: لخضر توامة
لقصة هذا الأسبوع من فقرة: نقد وتحليل القصة القصيرة
« الجاثوم » للأستاذة: رولا العمري
قصة جميلة وإن كانت مأساوية إلا أن كاتبها عرف كيف يعالج موضوع الفقر تراجيديا ،فالوأد مازال في دمنا يسري منذ ألفين سنة ، كان العربي يدفن ابنته حيّة خوفا من العار الذي ستجلبه له ، يدفنها حية دون أنيمسها بسوء ، لكن في هذه القصة قطعهم مثل بهم أشفى غليله المريض. يا سادة الفقر كافر ، من يرتكب الجريمة كهذه بمجرد أنه فكّر فيما يقع لهم من مهانة وذل هل هذا مبرّر لقتل نفس بريئة ، وكيف يعلم المستقبل وهولا يعرف بعد دقيقة ماذا يقع؟ إنه تعدي على الإنسانية. القصة تشرّح الواقع المرير الذي يعيشه أغلب الشعب العربي ، لكن لايصل علاجه إلى القتل فهو تعدي على حق الله ، لم يترك أحدا ، لو كان بطلا لأراح نفسه وانتهى الأمر ، لكن بفعله هذا أيقظ نفوسا كانت نائمة وتركها تبحث عن الحقيقة الإنسانية الغائبة.
لخضر توامة
••••••••••••••••••
قراء الأستاذة: فردوس المذبوح
لقصة هذا الأسبوع من فقرة: نقد وتحليل القصة القصيرة
« الجاثوم » للأستاذة: رولا العمري
قصة ذات صبغة سوداوية ..ينقم فيها البطل على واقعه المرير فيرد الفعل بطريقة بشعة هي القتل.. هذا الفعل الذي يبدو له افضل من عيش المعاناة ..إنه عملية إنقاذ من العذاب ..هكذا تجسم له الأمر فتتالت جرائمه مما يؤكد اختلالا نفسيا تعيشه الشخصية..
لقد بدت له الحياة غير جديرة بأن تعاش..وأن اختصارها هو الحل..أليس في ذلك إشارة الى ما تعيشه الشعوب من قهر وإذلال الى درجة أن فناءها أفضل من حياتها ؟
بورك قلم الكاتبة فقد تعمقت في نفسية الشخصية وأنطقتها لتفسر أسباب ما ارتكبه من جرم ..وكان أسلوبها ممتعا سلسا.
فردوس المذبوح
•••••••••••••
قراء الأستاذة: روضة الدخيل لقصة
هذا الأسبوع من فقرة: نقد وتحليل القصة القصيرة
« الجاثوم » للأستاذة: رولا العمري
النّصّ
تناول فكرة صراع بين الذّات المتألّمة نتيجة واقع معاناة و عجز عن التّأقلم، وبين واقع مفروض غزاه البؤس و الحرمان، تطوّر نحو اختيار نهاية مفجعة لأسرة اقتصر أبناؤها على الإناث.
بطل القصّة قام بقتل أربع إناث، و هو على ما يبدو يعاني من عقدة الاضطهاد وسوّغ جريمته بأنّ الموت يجب أن يصل سريعا إلى الفقراء ليختصروا حياة معاناة مستمرّة كانت بانتظارهم، ولأنّه كما يبدو يعشق التّرتيب و الكمال، إذ لم يطق رؤية رباط حذائه مفكوكا، فكيف سيطيق رؤية مسيرة حياة متعثّرة يسودها العوز، و بخاصة في مجتمع يضطهد الأنثى و يسعى لاستغلالها و إذلالها بشتّى الوسائل ، فقام بقتلهنّ جميعا، و كذلك قتل جنينا في بطن زوجته الحامل.
نصّ مفعم بالسّوداويّة الّتي ولدت في مجتمع نتيجة تردّي الأحوال و ظروف الحصار و الفقر، والفكرة المطروحة مؤلمة، إذ كيف يمكن لأب أن يقتل بناته و زوجته، وهو في كامل قواه العقليّة.
هل نجح المجرم الحقيقي في غزو الأرواح لتسيطر عليها قوى شرّيرة، يعني فمن لم يمت بقذيفة أو جوعا فسوف يموت بيد أب أو أم نتيجة عدم القدرة لخوض معركة الحياة بكرامة.
هذه القصّة ليست بعيدة عن الواقع، فقد حدث ما يشبهها بيد أب أو أم أو أخ
حين تصبح الحياة جحيما.
الحكم بالإعدام يستحقّه، ولكنّ الجلّاد الّذي فرض مثل هذا الواقع هو من يجب أن ينال العقاب، كي تتحرّر الأرواح من عقدة الخوف من القادم في مسيرة أمّة ما اعتادت إلّا على الحياة بشرف و كرامة.
لغة القصّة و أسلوبها يدلّان على امتلاك القاصّة رولا العمري ناصية الكتابة و الموهبة.
كلّ التّوفيق للقاصّة.
روضة الدّخيل
•••••••••••••
قراء الأستاذة د.نشوه أحمد حسين
لقصة هذا الأسبوع من فقرة: نقد وتحليل القصة القصيرة
« الجاثوم » للأستاذة: رولا العمري
نقد القصة القصيرة « الجاثوم »
قصة في غاية الروعة نجح كاتبها في الجمع بين جميع أساليب التشويق من العنوان وطريقة السرد الصوفية والفلسفية والصراع حتي النهاية التي تبدو أشبه بالنص المسرحي . أستخدم الكاتب الكثير من الأساليب الجمالية المتميزة التي برزت جمال القصة ، كنت أود فقط الإهتمام بالربط بين بعض الجمل في بداية القصة والتنوين والهمزات. غير هذا القصة جميلة جداً تستحق الإشادة.
د نشوه أحمد حسين
•••••••••••••••••••
•القصة المقترحة لهذا الأسبوع بعنوان « الجاثوم »
للأستاذة القاصة: رولا العمري
وهي القصة الفائزة بالمركز: الثامن
في مسابقة القصة القصيرة لدورتها الثانية لعام 2020.
{ الجاثوم }
جلس بكل هدوء أمام المحقق، كانت الابتسامه لا تغادره،
وقع نظره على كأس ماء، وكأنه يرمق قطعة لحم بشراهة،
بكل هدوء ابتسم في وجوه الحاضرين وطلب أن يفكوا وثاق يديه، رفض المحقق فورا، شعر الرجل وكأن النار تحيط بقدميه نظر .. وإذا برباط الحذاء قد تفكك،"يا سيدي أريد أن أربط الحذاء، فلا أطيق أن أراه مفككا، " رد على نظرات عيونهم التي كانت تسأل.. في تلك اللحظة، انحنى المحقق و قام بربط الحذاء فتعالت صوت ضحكاته بقوة في الغرفة، و عم صمت مطبق على شفاه الجميع، واتسعت احداقهم وهم يرمقونه باستغراب.
_ ما اسمك وكم عمرك؟
صمت ولم يجِب، ولم يستطيعوا أن يعثروا على بطاقة هويته الشخصية.
_هل لك أي علاقة بالمجني عليهم؟ وماذا كنت تفعل في ذلك المكان؟
_نعم يا سيدي ... أنا من قتلهم!!
سيطرت الدهشة على وجوه الجميع وخيم الصمت مرة أخرى ، ولم يستطع المحقق إلا أن يستمر في النظر في عيونه، لعله يخفي شئ ما، أو يلحظ ترددا في إجابته، ولكن كانت النتيجة واحدة ، رجل متماسك جدا ، واثق جدا ، يعترف بدون ضغط أو تأثير من أي شخص.
_ما الذي دفعك لفعل هذا الجرم ؟
_وهل هناك جرم أكثر من أن يعيشوا حياة بائسة كهذه يا سيدي؟
_"ومن أنت لتقرر طريقة معيشتهم"؟ قالها بغضب وهو يطرق بيده فوق الطاولة وكأن صبره قد نفذ كما علبة سجائره التي ملأت المنفضة ، وقد طارت وانقلبت فوق الطاولة وتبعثر ما فيها من رماد مغطيا سطح المكتب.
_"هههاااا أنت الآن غاضب، انظر كيف أتلفت المكان "؟
يضحك بشكل هستيري و يزيد استفزاز المحقق مرة اخرى؟
_"أجب عن سؤالي ولا ترد علي بسؤال ، وإلا جعلت أجزاءك تتطاير كما تطاير هذا الرماد في أنحاء الغرفة. " صاح المحقق وقد استنفذ كمية الصبر التي كانت لديه.
_" لا يا سيدي أنت لم تنظر إلا بعين الحياة، انظر مرة أخرى بعين الموت، و حاول أن تجد شيئا يجعل الموت يتأخر عنهم،
هذه البنت الصغيرة الجميلة ذات الشعر الأشقر و الوجنتين المنتفختين كالتفاح، سيأتي من يكيلها ضربا، وربما سيقص شعرها ويصنع منه باروكة يبيعها و يجني المال منها، أنا منعت حدوث ذلك،
قطعتُ خدودها بسكيني، و شوهت غمازتها التي ستجذب آلاف الذئاب لتأكلها حية، وحرقتُ الشعر الذي استطال إلى آخر ظهرها، فهي لن تطلقه على أية حال إلا وقت الاستحمام، تلك الطفلة كانت أمام كارثة وأنا من أنقذها .. وجب عليكم شكري.
والأخرى ذات العينين السوداوين، جريئة وجميلة، تملك شامة بجانب أنفها، وكأنها قديسة تكورت هناك وظلت تصلي لتحمي وجهها، ولكن لن تبقَ هذه الشامة طويلا، فجمالها، لن يجلب لها سوى الحظ السيء، و العيون الحاسدة، نزعتها بأظافري، و أزلت بيدي ثوبها الوحيد الذي تملكه و استترت به، فلم تكن لتطلب غيره ، متعاطفة مع أبيها، ذلك الرجل الذي أنجبهم ولم يعرف قساوة أن يعيش عاجزا عن توفير احتياجاتهم، لوحتُ بثوبها أمامه، وهو مضرجٌ بدمائها التي تفجرت من كلتا يديها، نعم قطعتهم و حررت لها أمنية مسجونة بخاطرها، كانت تريد سوارا بل اثنين ، بل ثلاثة، وربما تنازلت عن الثالث لأختها لتشتري عقدا جميلا،
مهلا .. لن يستطيع أيضا أن يحقق فرحتها بأن يشتري لها واحدا يلتف حول عنقها الأبيض الجميل، يجب أن تتخلص هي الأخرى من هذا الهاجس و أمنحها الأمان ، أمان من التفكير بأن جميع الفتيات سيرتدين عقدا ، أما هي، فلن تستطيع أبدا، أليس ما فعلته يعد عملا بطوليا يا سيدي! أليس ما كان يحدث كل يوم في خيالهم يؤذي واقع من هم أغنى وأعلى شأنا منهم؟
أنا خلصتهم من بؤسهم .. أرحتهم من عذاب المستقبل المجهول، حررت زوجته من خطيئة إنجاب روح أخرى لا تعرف من السعادة شيئا ، وسيصب جام غضبه على ذنب اقترفه أبوه، حين عاش لحظة حب ليدفع بعدها ضريبة أبدية، هو لا يعرف كم خدمْتُهُ، هو يعرفني جيدا ولكن كان ينُكرني..
أنا يا سيدي صرخة الشر التي كان يكتمها فوق وسادته، حرَّرني جاثوم أحلامه في ليلة ظلماء، و حققتُ أمنياته، أنا الباطن الذي يستنكره، أنا الضمير الغائب الذي سجنه حتى تعملق وحمل سكينا وقاد معركته بكل بسالة، أنا جدعت أنف ابنتي الوسطى، لأنه كان جميلا أكثر من اللازم، حتى لا تشم رائحة الخيانة، أنا غرست السكين في بطن زوجتي، لأن من سيأتي من رحمها، سيعلن العصيان على أخطاء العالم، أكملت مهمتي بنجاح، و صافحت ذاتي و أقبلت بكلتا يدي التي أغرقت من قبل ذلك أمي في بحر دماء ذات ليلة، لأنني أعرف أن الأمهات جميعا .. سيذهبون إلى الجنة، وربَّتُ على كتف أبي ليعيش جحيمه إلى الأبد".
_صمت الجميع، تراجعوا، تركوه يوما كاملا في غرفة التحقيق بلا استجواب أو حتى نظرة تفسر موقفهم نحوه، أدخلوه السجن منتظرين حكم الطبيب المختص وبعدها سينال الإعدام الذي تعجل به القاضي.
عاد المحقق مذهولا إلى بيته، يتفقد أولاده في أسرَّتهم، أمسك شعر ابنته واختبأ بين خصلاته ونام غارقا في بكاء شديد.
••••••••••••