زمرة الأدب الملكية

ما أكثر الأقلام إن فتشت محصيها،، فيها العلم وجلها غثاء من حطب،، وريشة الفهم إن جئت تطلبها،، فدواتها نحن عرين زمرة الأدب..

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

« دلع موسيقي حارق »_ بقلم: أ. أحمد اسماعيل


 




« دلع موسيقي حارق » 



••••••••



الحريق يلتهم كل قطعة من أثاث المنزل، ألسنة اللهب تخرج من النوافذ مع دخان أسود، تشير إلى مدى الخطر الذي يمد أطرافه، كل شيء يلامسه يتحول إلى شيء يشبه البارود، صوت النار يسكت اي صوت آخر، و كأن التجمر محتم على موجودات بيت العجوز الخمسيني أبو كمشة، أتت سيارات الإطفاء لتنقذ مايمكن إنقاذه، اندفع الإطفائيون إلى الداخل و في مقدمتهم من يحمل الخرطوم يفتح لهم طريقا آمنا من النيران، هاهم يبذلون قصارى جهدهم لإخماد النيران، بعد فترة ليست بالقليلة تمت السيطرة على الحريق و إطفائه، حمد أبو كمشة الله على  وجوده خارج المنزل، وقف على عتبة الباب الخارجي لداره، وأخذ يلامس الباب الذي فقد معناه، صار يهرهر خجلا على الأرض، يصبغ أبو كمشة كفه بسواد الرماد، ثم يمسح به صدره، لعل ما في صدره ينطفئ كما حصل مع الحريق، ينظر إلى الجدران، كل ما حوله  يبوح بقصائد الحب  التي كانت تلقيها حنجرة زوجته سحر، والتي خرجت في زيارة لأهلها منذ عدة أيام، 

زوجته الأربعينيةالتي استطاعت أن تنسيه في كثير من الأحيان اسمه و هي تناديه كبلبل....و هو يذوب مع غنائها لاسم الدلع أبو كمشة، يطوف في المطبخ، يبحث عن الطاولة و الكراسي التي كانت تجمع ضحكاتهما مع الطعام، عن جلسات القهوة المليئة بالشاعرية، و آلة العود التي توزع بصدى ألحان أبو كمشة قوافي سحر..... 

لم يحتمل المنظر توجه إلى غرفة النوم و هو يمني نفسه بقاءها صامدة، لكن رسائل الرماد كانت تنبعث من الرائحة القادمة من هناك، اقترب من مكان السرير، كانت الأنقاض تخبره بضرورة الصبر، مشى فوق بقايا السرير، يريد أن يسترجع لحظات إحتراقه بالحب، يجلس... يتسطح... يضحك... يبكي... يمد ذراعه، يجد سحر وهي تضع رأسها لتنام عليه، ثم يبادر جفناه بالإنغلاق لتلحق عيناه بها، ينام بكل هدوء و نظراتها تدثره....

يستيقظ مع الصباح، حركاته الكثيرة من برد الليل كانت قد أزاحت الكثير من بقايا الخشب المتفحم من حوله، جلس ببطء و هو يحاول أن يصحو من الصدمة، ثم وقف فوق البلاط، الآن تفكيره محصور فقط بكيفية إخبارها، خطواته المكبلة بالألم جعلته متثاقلا في الحركة، كيف يمكنه الخروج إلى مكان فيه هواء نظيف؟ ليس بالأمر السهل، جدران أنفه الآن يلتصق بها الشحار... و كأنه تكدس هناك حتى يتنفس أبو كمشة الحب بشكل أعمق، الحب و الحب فقط.

وهو يقترب من وسط مكان السرير أحس بخلخلة البلاطة التي يقف عليها، وقف فوق بلاطة ثانية وجدها ثابتة، انتقل إلى ثالثة وجدها ثابتة، حمله الفضول على إزاحة كل شيء فوق البلاطة المتخلخلة، لم  يجد على حوافها الإسمنت، نظر إلى باقي البلاطات وجد حول أطرافها الإسمنت، بدأ الفأر يلعب في عبه، فمن غير المعقول أن تزيل حرارة النار المشتعلة كل آثار الإسمنت،رفع البلاطة بمساعدة أحد مفاتيح المنزل، ثم بدأ بتفريغ التراب الذي كان سهل الاستخراج لعدم تماسكه، هذا الأمر جعله يتسائل أكثر في وضع البلاطة، عندما وصل لعمق يقارب 30   سنتيمترا أحس وجود قطعة جلد أثناء غوص يده داخل التراب، لم تتعبه حتى في خروجها لتتموضع بين كفيه بكامل تفاصيلها و هي تغلف دفترا، فتحه فوجد أمام بصره آخر قصيدة كانت تغرد بها سحر، انفجرت عيناه بالبكاء، جلس فوق البلاطة و راح يتذكر مع كل قصيدة لذة الإحساس الذي كانت تلقي به قصائدها و دموعه المتساقطة تزيد عذاباته و تبوح بما لم يكن يقدر عليه في مجاراتها، حين وصل إلى الصفحة الأولى اشتعل حريق هائل في قلبه بولاعة العبارة المنقوشة بأحمر شفاهها الفاقع...

كان الإهداء

إلى الحبيب الذي لم تظفر به نبضات قلبي.




••••••••••



 أحمد اسماعيل  / سورية













عن الكاتب

زمرة الأدب الملكية

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

المتابعون

Translate

جميع الحقوق محفوظة

زمرة الأدب الملكية