قراءة في ومضة(تقوى) الحاصلة على المركز الأول في مسابقة الومضة القصصية أبريل 2023
"تقوى"
صامت الجوارح؛ شبعت الأرواح.
الكاتب المبدع : مامون السر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التقوى لغة: هي الاسم من اتقى، والمصدر: الاتقاء، وكلاهما الاسم والمصدر مأخوذ من مادة وقى، والوقاية: حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره، فأصل التقوى: أن يجعل الإنسان بينه وبين ما يخافه ويحذره وقاية .
ــ ومضة تقوى تدعو إلى التزام طاعة الله وطاعة رسوله(صلى الله عليه و سلم ) ، وهي اتباع نهج النبي محمد وسيرته بالتزام ما فرضه الله واجتناب ما حرم، وجاء في القرآن: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات:13] ويقول الرسول: «إن أولى الناس يلتقون بي يوم القيامة هم المتقون من كانوا وحيث كانوا».
وبالتقوى ينجو الإنسان من الشدائد، وتزول الشبهات، ويجعل الله له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، وييسر له الرزق من حيث لا يحتسب .
ــ (صامت الجوارح) تصوم الجوارح بترك ما حرم الله من المعاصي هذا صيامها، فلا يمس بيده ما حرم الله، ولا يمس .... بفمه ما حرم الله، ولا ينظر بعينه إلى ما حرم الله، ولا يمشي برجله إلى ما حرم الله، وهكذا صيامها إمساكها عما حرم الله. نعم. إذا صام المؤمن صامت جوارحه، وصام لسانه عن الكذب، وصامت عينه عن النظر المحرم، وصامت يده عن البطش المحرم، ورجله عن المشي المحرم.
وهنا نرى بأن الشطر الأول كان سببًا سيكون له نتيجة حتمية في الشطر الثاني.
ــ ( شبعت الأرواح ) مفارقة رائعة و قفلة غاية في الادهاش ..
يخبرنا الوامض أن الروح سماوية علوية ، والجسد أرضى سفلي ، وكانت منافذ الروح تُغلق بالشبع وملء البطون ، وتُفتح بالصوم ومكابدة الجوع ، ذلك أن الصوم يُضعف سيطرة البدن على الروح ، فتتحرر تلك النفحة العلوية في الإنسان من براثن الجسد والشهوات المقيِّدة ، وتنتصر على ما كان يغلبها في الماضي
من آثار الصوم كذلك التغلب على نزعات الشهوة ، واتخاذ الكف عن الطعام والشراب وسيلة تدريبية إلى كفِّ اللسان عن السب والشتم والصخب ، وإلى كفِّ اليد عن الأذى والبطش ، وإلى كفِّ البصر عن النظرة الخائنة ، وإلى كفِّ السمع عن الإصغاء للغيبة والنميمة وأي قول يُرضي الشيطان ويغضب الرحمن ، ولهذا قيل : إذا جاعت النفس شبعت جميع الأعضاء ، وإذا شبعت جاعت كلُّها .
ــ نعود للعنوان، نلاحظ انه قد افترشَ بجناحيه على شطري الومضة ومنحهما معناه بكلِّ جدارة و لم يكشف لنا معنى النص فهو موحى غير كاشف و جاء نكرة و ليس من الأفعال وهو عتبة أنيقة لولوج النص.
ــ التكثيف جميل حيث ضغط المعاني الكثيرة في أقل كلمات ممكنة و عددها أربعة زائد العنوان كما تفنن صاحبها في اختيارها بعناية و هذا يدل على الجهد المبذول في إبداع هذه الومضة الرائعة .
ــ جاءت المفارقة ذات قوة دلالية مؤثرة مفارقة لفظية مثيرة للدهشة صيغَتْ بأسلوبٍ رمزي بديع عبر التضاد بين الفعلين (صامت .. شبعت )
النص جميل وله مغزى أجمل استوفى شروط الومضة واستحقَّ التتويج .
أمنياتي للأستاذ المبدع / مامون السر
بدوام الإبداع والتألّق
ــــــــــــــــــــــــــــ
"محمد تمام حسن"